عبرت جمعية عدالة "من أجل محاكمة عادلة" عن قلقها البالغ مما عرفته الساحة الوطنية مؤخرا من تطورات متعلقة بأوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، وفي مقدمتها المساس بحرية التعبير لمجموعة من الفاعلين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. وتوقفت الجمعية في بلاغ لها على واقعة متابعة أربعة قضاة من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية بسبب تدوينات لهم على منصات التواصل الاجتماعي مرت عليها أكثر من سنتين، يعبرون فيها بشكل عادي عن وجهات نظر شخصية خالية من أي شكل من أشكال الإخلال بالواجبات المهنية والقضائية. واعتبرت الجمعية هذه المتابعة ضربا صارخا للحق في التعبير وحرية الرأي المكفول للقضاة، ويربك مسار التأسيس لاستقلال السلطة القضائية، ويهدد القضاة النزهاء في أمنهم الدستوري والمهني ويمس بمقتضيات دستور 2011 في فصله 111 الذي يعطي الحق للقضاة للتعبير عن آرائهم بكل حرية، و يخالف ما جاء في المادتين 37 و 38 من النظام الأساسي للقضاة. واعتبر بلاغ الجمعية أن المحاكمة التأديبية للقضاة الأربعة، تهدف إلى المساس باستقلالية القضاة وترهيبهم والإجهاز على حقهم في التعبير، معتبرة أن كل الآراء التي عبروا عنها كانت منسجمة مع المعايير الدولية ومع روح الدستور، وهي تساهم بفعالية في إثراء النقاش القانوني والحقوقي حول ضمانات استقلال السلطة القضائية، وضمانات الولوج إلى العدالة وتحقيق الحماية القضائية للحقوق والحريات. ولفتت "عدالة" إلى أن هذه المتابعة تؤكد مرة أخرى حجم الخلل الذي يشوب مثل هذه المتابعات، وانتفاء ضمانات الأمن القضائي لقضاة نراهن عليهم من أجل تحقيق وتوفير هذا الأمن للمواطنين والمواطنات. ومقابل تضامنها مع القضاة الأربعة، عبرت الجمعية عن رفضها أي مساس بحرية الرأي والتعبير، مدينة المضايقات التي تمس القضاة بسبب مواقفهم ومسؤولياتهم داخل تنظيم مهني يحتضنهم. وطالبت الجمعية المجلس الأعلى للسلطة القضائية للتراجع عن المتابعة في حق القضاة الأربعة، داعية كل مكونات الحركة الحقوقية والجمعيات المهنية لضبط النفس والاستمرار في تقوية أساليب الفعل النضالي والترافعي لدى كل الجهات المعنية دوليا ووطنيا.