بنعلي يطالب ب"الفهم النبيل للسياسة"    الحكومة تؤكد أهمية التحولات التكنولوجية في تدبير المؤسسات السجنية    بلجيكا تحيي ذكرى معركة "جومبلو" وسط تكريم بطولات الجنود المغاربة في الدفاع عن حرية أوروبا    تغييرات وشيكة في مناصب المسؤولية على رأس وزارة الداخلية ومؤسسات استراتيجية    بعد جمع التوقيعات اللازمة .. المعارضة تحسم تفاصيل "ملتمس الرقابة"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    أمريكا والصين تتوصلان إلى اتفاق لخفض الرسوم الجمركية    ترامب يشيد بالحصول على طائرة رئاسية فاخرة من قطر    الخارجية الفرنسية تؤكد نيتها الرد بشكل فوري على قرار الجزائر    بنهاشم ينهي مهمته كمدرب مؤقت للوداد ويعود إلى الإدارة الرياضية    أشرف حكيمي يتوج بجائزة "فيفيان فوي" كأفضل لاعب أفريقي في "الليغ 1"    مبابي يحطم رقم زامورانو القياسي    الرجاء يحتفي بأطفال مدينة الداخلة    شركة الدار البيضاء للخدمات تنفي توقف المجازر في عيد الأضحى    أمطار رعدية محتملة في العديد من مناطق المغرب    نور الدين الحراق ل"رسالة 24″: القرار الجبائي الجديد في الهرهورة يهدد القطاع بالإفلاس    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    النفط يرتفع أكثر من 3% متأثرا بالتفاهم التجاري بين أمريكا والصين    حكيمي يتوج بجائزة أفضل لاعب إفريقي في الدوري الفرنسي    نعيمة بن يحيى تترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    "كان الشباب".. الناخب الوطني: طموح أشبال الأطلس "الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة"    نفق إسبانيا – المغرب يعود للواجهة: مدريد ترصد ميزانية جديدة لدراسة الجدوى    فضيحة تدفع مسؤولا بالأمن القومي في السويد للاستقالة بعد ساعات من تعيينه    الجيش الملكي يتأهل لعصبة الأبطال الإفريقية    هذه هي حقيقة توقف مجازر الدار البيضاء في عيد الأضحى    كيوسك الاثنين | 86 ألف تاجر متجول استفادوا من برنامج إدماج التجارة الجائلة    مصرع سائق دراجة من امزورن في حادثة سير بجماعة تروكوت    بلجيكا.. 12 سنة سجنا لمغربي هرب 3 أطنان من الكوكايين عبر ميناء أنتويربن    حماس ستفرج عن الرهينة الإسرائيلي-الأميركي الإثنين بعد اتصالات مع واشنطن    آلاف المتظاهرين في طنجة يطالبون بوقف حصار غزة وفتح المعابر للمساعدات الإنسانية    بطولة فرنسا.. ديمبيليه يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري    المتسلقون يتوافدون على "إيفرست" قبل الزيادة في الرسوم    مجلس وزاري يحول مساءلة أخنوش إلى مساءلة كتاب الدولة    تكوين جمعيات في مجال تعزيز قدرات الفاعلين المدنيين في للترافع حول قضايا الشباب    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    "ريمالد" تنشر لعثماني عن الحكومة    الآلاف يتظاهرون في باريس للتنديد بتصاعد الإسلاموفوبيا في البلاد    المغرب والصين: تعاون استراتيجي يثمر في التصنيع والطاقة الخضراء    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة(فيديو)    تاراغونا- كتالونيا مهرجان المغرب جسر لتعزيز الروابط الثقافية بين المملكتين بحضور السفيرة السيدة كريمة بنيعيش    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    سعر الدرهم يرتفع أمام الأورو والدولار.. واحتياطيات المغرب تقفز إلى أزيد من 400 مليار درهم    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    شراكات استراتيجية مغربية صينية لتعزيز التعاون الصناعي والمالي    مزور: الكفاءات المغربية عماد السيادة الصناعية ومستقبل واعد للصناعة الوطنية    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤسسة مؤمنون بلا حدود وسؤال التجديد
نشر في لكم يوم 22 - 05 - 2013

بعد أيام ستعقد مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، بمدينة المحمدية المغربية، مؤتمرها الافتتاحي بتاريخ 25 و26 ماي 2013 وهي مؤسسة تعنى بتجديد وإصلاح الفكر والثقافة بشكل عام والدينية منها بشكل خاص، وذلك من خلال تعزيز الدراسات والأبحاث النقدية وتوفير مختلف وسائل النشر الإلكتروني والورقي، وعقد الورشات العلمية ذات الإشعاع الثقافي والعلمي وعقد الشركات العلمية مع المؤسسات والجهات التي تحمل نفس الهم الفكري. كل هذا الجهد الكبير من لدن هذه المؤسسة والورشات التحضيرية التي عقدتها في الوطن العربي من قبل يندرج في سياق التأكيد على مطلب التجديد وبسط رسالة التنوير في العالم الإسلامي.
فالكل اليوم يقر بكون مطلب التجديد في العالم الإسلامي مطلب ضروري ولابد منه، إلى درجة سار معها موضوع التجديد ذو تأصيل معرفي يستند لقول منسوب للرسول عليه السلام" يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها " فتجديد أمر الدين أمر ساري المفعول ولا اعتراض عليه، حتى من لدن التيارات الأصولية.
ولكن بالرجوع لأمر الدين وإلى القواعد والأصول التي سبق أن تم وضعها لفهمه وفهم نصوصه من لدن كبار الفقهاء. فإن أول ما يعترضنا في تاريخ الإسلام هو ما قام به وأصل له الإمام الشافعي(ت 204ه) من خلال تجربته الاجتهادية في العمل على وضع القواعد المنهجية لعملية فهم وبيان النصوص الدينية (القرآن والسنة).
ومفاد تلك العملية المنهجية عند الشافعي في مجملها من خلال كتابه الرسالة، بأن القرآن يشمل مجموعة نصوص بينة وليست في حاجة إلى بيان، ويضم نصوصا أخرى فيها بعض من الإجمال أو مجملة وتكلفت السنة ببيانها، وهناك ما استقلت السنة به، أي ما بينته السنة لوحدها، وهناك ما سماه ببيان الاجتهاد في ما حدث ولم يرد فيه نص، ويؤخذ بالقياس على ما ورد فيه نص من القرآن أو سنة.
ومن الملاحظ أن هذه العملية المنهجية في البيان عند الشافعي تترتب عنها نسج علاقة منهجية بين النصوص الدينية بعضها بعضا من جهة، وبين الواقع من جهة ثانية. لأن كون تلك النصوص (القرآن والسنة) في نظر الشافعي تغطي كل أسئلة الواقع وحتى إن لم يوجد نص يستجيب لمقتضيات الواقع فقد يلجأ لعملية قياس ما لم يرد فيه نص على ما ورد فيه نص، وبهذا يكون الواقع بشكل مجمل تحت سلطة ومظلة النص. وخطورة هذا الطرح تكمن في شل حركة الرأي وتقييدها بالنص إذ لا اجتهاد مع ورود نص، فالرأي لا كلمة له إلا بدليل النص، والاجتهاد لا يصح إلا بدليل نص يقاس عليه. وبهذا يتم تغييب التعاطي مع النص بمنطق التحليل والفهم والنظر والتدبر.
تحول هذا الهيكل الذي وضعه صاحب الرسالة للعملية البيانية، إلى أصل بنيت عليه أصول الفقه، العلم الذي يتوسل به لفهم الشريعة، والعلم كذلك الذي سارت شتى العلوم في خدمته من علوم حديث وعلوم القرآن وعلوم اللغة... ، فلم يخرج جمهور علماء الأصول في الغالب عن الأصل والمنهج الذي وضعه الشافعي في فهم النصوص المرجعية في الإسلام (القرآن والسنة) من خلال كتابه الرسالة، الكتاب الذي تحول بحق إلى أصل، بني عليه علم أصول الفقه كله، وقد تكون هذه من أهم المعيقات التي تعيق هذا العلم اليوم عن التطور وعن أي محاولة تجديدية، إذ يعد الخروج على ما قرره الشافعي بمثابة هدم لعلم الأصول من أصله.
ومن المعلوم أن الإمام الشاطبي (ت 672 ه - 1360م) قد حاول جاهدا التجديد في منظومة أصول الفقه بقوله بنظرية المقاصد إلا أنه في مجمل بما جاء به، لم يخرج عن هيكل ما قال به الإمام الشافعي، وبإمكاننا القول أن علم أصول الفقه في مجمله لا يحمل بذاته آليات تسمح بتطويره وتجديده مما يعيد حركة التجديد من داخل منظومة الفقه الإسلامي. وهناك الكثير من الدراسات العلمية التي اشتغلت على إعادة قراءة موضوع أصول الفقه قراءة نقدية، بدل القراءات التبجيلية، منها ما قام به المغربي عبد المجيد الصغير في كتابه"الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام" وكذلك التونسي حمادي الذويب في كتابه "جدل الأصول والواقع"
إن مطلب التجديد اليوم في التعاطي مع النصوص المرجعية المؤسسة للإسلام بين خيارين: خيار البقاء تحت مظلة مناهج وآليات التفكير التي قال بها الأقدمون خاصة ما قعده علماء أصول الفقه من قواعد ومفاهيم وفقا لظرفهم الاجتماعي والثقافي... وهنا سيصبح مطلب التجديد مستلبا للماضي بكل مقولاته وأجوبته على أسئلة العصر المتعددة والمتنوعة بشكل يحضر فيه التوفيق بين مقتضيات الحاضر و أجوبة الماضي، وبالتالي لا يمكن له أن يكون تجديدا رغم إدعاء ذلك، لكون التجديد بسط لمعرفة دينية تستجيب لأسئلة العصر ومقتضياته.
وهناك خيار الخروج من تحت مظلة مناهج وآليات التفكير التي قال بها الأقدمون، والأخذ بآليات المعرفة المعاصرة في فهم وتحليل النصوص الدينية، مضيا قدما نحو بسط معرفة دينية تستجيب لمقتضيات العصر وأسئلته، وهذا لا يعفينا من عملية الحفر المعرفي والمنهجي في الموروث الثقافي الإسلامي، كما يتطلب منا في الوقت ذاته الجزء الكبير من الانفتاح والأخذ بما عليه المعرفة الحديثة في شتى المجالات، بنفس يحضر فيه الخلق والإبداع والترشيد بدل النقل والإتباع، وهذا من الجزء الكبير مما يتطلبه التجديد اليوم، وننبه أن هذا الأمر ليس بالأمر السهل إذ يلتقي من خلاله جهد الأفراد والمؤسسات التي تؤمن برسالة التجديد، فالأمر في حاجة لكثير من الدراسات والأبحاث في شتى حقول المعرفة وهذه مهمة الدارسين والباحثين خاصة الشباب منهم، كما أنه في حاجة لمؤسسات بحثية تعنى بتفعيل وتشبيك تلك الدراسات والبحوث والدفع بها إلى أبعد نقطة، خدمة لرسالة التجديد، وهذه بالأولى مهمة مؤسسات البحوث والدراسات في العالم الإسلامي التي ينبغي لها أن تتعالى في تصوراتها عن الأيديولوجيات والحساسيات الطائفية والمذهبية وتتحلى بروح ما هو كوني وإنساني. وهذا ما تطمح له مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.