موعد وتوقيت مباراة المغرب وغانا في نصف نهائي "كان السيدات" والقنوات الناقلة    حاوية موجهة لهولندا تكشف محاولة تهريب خطيرة للكوكايين    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع ارتفاع طفيف    ضمنهم بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.. أكثر من 24 دولة يدعون إلى إنهاء الحرب في غزة "فورا"    مقدونيا الشمالية تشيد بإصلاحات المغرب وتؤكد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء    توقيع اتفاقية لتعزيز التحليل الإحصائي للجريمة بالمغرب    سيارة مسرعة تودي بحياة مسن في مرتيل    الاحتفاء بالتلاميذ المتفوقين بجهة طنجة تطوان الحسيمة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الملك محمد السادس يهنئ عاهلي بلجيكا بمناسبة العيد الوطني لبلدهما    هشام بلاوي : العقوبات البديلة خطوة إصلاحية لتعزيز عدالة الأحداث بالمغرب    شبكة صحافيي الهجرات تدعو الإعلام المغربي لتفكيك خطاب الكراهية ضد الأجانب السود    روما الإيطالي يعلن تعاقده مع المغربي نائل العيناوي    مرصد: أزيد من 11,88 مليون ليلة مبيت في الفنادق المغربية المصنفة حتى ماي 2025    خلال 24 ساعة… وفاة 19 فلسطينيا تجويعا ومقتل 95 منتظرا للمساعدات بغزة    العاهل البلجيكي فيليب: الوضع في غزة "عار على الإنسانية"    البنك الإفريقي للتنمية يمنح المغرب قرضا بقيمة 116 مليون دولار لدعم الزراعة المستدامة    "سوبر مان" يواصل تصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    وزارة الخارجية الأرجنتينية: المغرب يتموقع كسوق استراتيجية بالنسبة للأرجنتين        المصلحة البيطرية بتازة تكشف حقيقة "هياكل الحمير" بواد أمليل    البيضاء.. الأمن يُطيح بمشتبه به في قضية ضرب وجرح خطيرة بسلاح أبيض    هشام البلاوي: العقوبات البديلة ليست خيارا قانونيا فقط بل اختيار حضاري لحماية أطفالنا    العرائش تخرج عن بكرة أبيها… وتصرخ: "أعيدوا لنا شرفتنا!"    كيف تحولت الشرفة الأطلسية بالعرائش لمسرح للجريمة !    مجموعات تراثية في فن لوناسة تضيء سماء تارودانت    ما حقيقة إصابة الفنانة أنغام بسرطان الثدي؟..بيان رسمي يوضّح        اتحاد يعقوب المنصور يعلن عن تعاقده مع 6 لاعبين    مارسيليا يرفض عرض جيرونا لضم أوناحي ويصفه ب"السخيف"    الأغلبية والمعارضة تقترحان التراجع عن منح "مجلس الصحافة" صلاحية توقيف المطبوعات والصحف    "يوم الصفر".. الولايات المتحدة الأمريكية تتعرض لهجوم سيبراني غير مسبوق    هل تخلص مولودية وجدة من إرثه الثقيل؟    حاجيب يُتوّج النسخة الثالثة من ليلة العيطة بالرباط    "المهرجان السوسيو ثقافي لمقريصات في دورته التاسعة..منصة لإبراز تنوع وغنى الموروث الثقافي للمنطقة "    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة    غدا، الكاتب الأول إدريس لشكر يترأس المؤتمر الإقليمي السابع للحزب بتطوان    تير شتيغن يخضع لجراحة في الظهر تُثير الشكوك حول استمراره مع برشلونة    صحيفة إسبانية تسلط الضوء على المغرب كنموذج للاستقرار الاقتصادي في إفريقيا            في صمت بعيدًا عن الضجيج.. المغرب يواصل إغاثة غزة    مصرع 18 شخصا بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    مكتب نتنياهو يٌعلن إصابته بتسمم غذائي.. والصحافة العبرية تتهمه بافتعال المرض للتهرب من محاكمته    أمريكا تتسلم زعيم عصابة مخدرات    أولمبيك آسفي يتعاقد مع عماد عسكر        آسفي .. ليلة فنية تحتفي بأصالة العيطة وتجذرها في الهوية الوطنية    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    الحسيمة تحتفي بانطلاق مهرجان الشواطئ بأمسية للفنان رشيد قاسمي    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا تتم مصارحة الشعب بالحقيقة؟
نشر في لكم يوم 25 - 12 - 2022

في علم السياسة كما في الممارسة السياسية الواقعية لا يمكن لرجل السياسة أو السلطة السياسية أن يكونوا صفحة مقروءة للجميع، بمعنى أن هناك حيزا أو مجالا محفوظا لا يجوز الإفصاح عنه أو إطلاع العامة أو الجهات الخارجية عليه. في الحالة الفلسطينية وبسبب ما وصلت إليه القضية الوطنية من حالة استعصاء والطريق المسدود الذي وصلت له الطبقة السياسية بكل أطيافها والاجرام الصهيوني المتعاظم يجب الرجوع إلى الشعب ومصارحته بالحقيقة وخصوصا فيما يتعلق بموضوع الانقسام والمصالحة.
كل ما يتعلق بالانقسام وبالمصالحة شأن يخص الطبقة السياسية والأحزاب والنظام السياسي وحتى وإن كان للانقسام تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة على المجتمع إلا أن ذلك يجب ألا يؤثر على وحدة الشعب الفلسطيني، فهذا الأخير ومنذ النكبة وهو يعيش في جغرافيا منقسمة ومتباعدة ما بين الضفة وغزة وأراضي 48 والشتات ولم يؤثر ذلك على وحدة الشعب وعدالة القضية واستمرار الثورة والنضال.
ليس المراد التهوين من خطورة الانقسام وفشل حوارات المصالحة بل التأكيد بأن المشكلة تكمن في الأحزاب وفي النظام السياسي وهذه مكونات عابرة ومتغيرة وإن لم تُصلح حالها فيمكن تجاوزها لأن القضية والشعب سابق لها ويسمو عليها ويجب الخروج من مربع رهن مستقبل القضية الوطنية بما تتوافق عليه الأحزاب والطبقة السياسية وخصوصا أن بعض هذه الأحزاب مشاركة في صناعة الانقسام ومعنية بإفشال المصالحة، بل يمكن القول بأنها متفاهمة فيما بينها على استمرار الأمور على حالها وتفرد كل منها بما يحوز من سلطة في الضفة وغزة وما تجلبه السلطة من منافع ومصالح حزبية وشخصية .
الطبقة السياسية المتنفذة في الأحزاب وخصوصا حركتي فتح وحماس تعلم أن الانقسام والفصل ما بين غزة والضفة والمصالحة التي تعني توحيد غزة والضفة في سلطة وحكومة واحدة لم يعد شأنا فلسطينيا خالصا حتى وإن توفرت إرادة عند هذه الأحزاب، الكيان الصهيوني بات هو المتحكم في موضوع الانقسام والفصل بين غزة والضفة وهو الذي يُدير وينسق الأمور مع الطرفين وبينهما ويفرض معادلة الأمن مقابل الاقتصاد. المشكلة أن هذه الأحزاب لا تريد مصارحة الشعب بحقيقة أنها لا تستطيع كسر معادلة الانقسام والفصل بين غزة والضفة وأن الموضوع يتجاوز قدرتها وأن حوارات المصالحة عبثية، وبالتالي تستمر في تضليل الشعب بدلا من التفكير الجاد بمراجعة استراتيجية لمجمل الحالة الوطنية والبحث عن سبل استنهاض الحالة الوطنية وإعادة بناء النظام السياسي حتى في ظل الفصل الجغرافي ما بين غزة والضفة لأن هذا الفصل قد يطول لسنوات، وهناك كثير من القضايا يمكن تحقيق وحدة وطنية حولها بعيدا عن إشكاليات السلطة والحكومة.
غالبية الشعب باتت تعرف الحقيقة فيما يتعلق بمخطط الانقسام وتعرف عبثية حوارات المصالحة بل أصبحت متخوفة من مصالحة حزبية تؤدي لتقاسم مغانم السلطة وإدارة الانقسام وتكريس الوضع القائم، وفي اعتقادنا أن أطراف حوارات المصالحة متفاهمين ولكنهم مستمرون في التضليل والكذب على الشعب، وفي هذا السياق نُعيد التأكيد على الأمور التالية ووقف التضليل بشأنها:
1- الزعم بأن سبب الانقسام هو الخلاف بين فتح وحماس وبالتالي إن تصالحا سينتهي الانقسام، هذه مغالطة بل وتضليل لأن الانقسام حدث نتيجة قرار استراتيجي إسرائيلي وهذه الأخيرة وظفت الخلافات الفلسطينية لتنفيذ مخططها.
2- الترويج بأن مصالحة فتح وحماس سيؤدي لإعادة توحيد غزة والضفة في سلطة وحكومة واحدة، وفي هذا تجاهل لوجود فصل وفاصل جغرافي بين الجهتين تتحكم به إسرائيل كما أن السلطة سواء في غزة أو الضفة سلطة حكم ذاتي بدون سيادة والكيان الصهيوني يتحكم في كل مناحي الحياة في الضفة وغزة بل وفي يده قرار استمرار أو إنهاء أي من السلطتين أو كلاهما.
3- استمرار التعامل مع الانقسام كخلاف سياسي بين حركتي حماس وفتح بينما الواقع يقول بأن الانقسام تعمّق اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وحتى داخل الأحزاب نفسها، فسلوك الأحزاب وثقافة منتسبيها في الضفة مختلف عن نفس الأحزاب في قطاع غزة. الأحزاب وخصوصا القيادات السياسية في الضفة تهادن السلطة هناك، ونفس الأحزاب في القطاع تهادن سلطة حماس، وهذا ينطبق على حركتي فتح وحماس في كلا الجهتين، والأمر نلاحظه حتى بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني.!!
4- التناقض بين القول بالسعي للمصالحة وإنهاء الانقسام من جانب والممارسات الفعلية على الأرض من جانب آخر، حيث تتوالى القرارات والممارسات من طرف سلطتي غزة والضفة التي تكرس الانقسام وتقطع خط الرجعة، وهناك دلائل على حدوث مصالحة خفية على قاعدة إدارة الانقسام وحفاظ كل طرف على مكتسباته، وما يؤكد ذلك أن تنظيم حركة فتح في غزة يتعامل مع سلطة حركة حماس ويلتزم بقوانينها وينسق معها في كثير من الأمور، وحركة حماس في الضفة تتعامل مع السلطة الوطنية وتلتزم بقوانينها.
5- تجاهل دور الأطراف الخارجية ذات التأثير في الملف الفلسطيني، فبالإضافة إلى إسرائيل توجد أطراف أخرى تؤثر في الحالة الفلسطينية ربما أكثر من تأثير الأحزاب الفلسطينية وذلك لاعتبارات أيديولوجية وسياسية ومن خلال نفوذها المالي، ومنها الدول المانحة للسلطة وقطر وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين و(محور المقاومة) ومصر والأردن.
6- تجاهل موضوع الاستراتيجية[k1] الوطنية والبرنامج السياسي، بمعنى عدم تحديد ما الذي يريده الفلسطينيون: حل الدولتين، الدولة الواحدة، دولة في غزة، تقاسم وظيفي مع الأردن، تحرير كامل فلسطين، وما هي الأداة أو الأدوات النضالية الأنسب لتحقيق الهدف المنشود: تسوية سياسية من خلال المفاوضات وعلى أساس برنامج اتفاق اوسلو، مؤتمر دولي للسلام، تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، مقاومة مسلحة لتحرير كامل فلسطين، أم الجمع بين المقاومة والتسوية السياسية وكيف يتم ذلك.
7- لا يتم استشارة الشعب وأخذ رأيه فيما يتم التوافق عليه في اتفاقات المصالحة من خلال الاستفتاء أو غيرها من الطرق، بالرغم من معرفة الجهات المضيفة للحوارات أن الأحزاب لم تعد تمثل الشعب تمثيلا صحيحا وهذا ما يجعل الشعب غير مهتم بحوارات المصالحة.
8- وكأن تكرار لقاءات واتفاقات المصالحة أمر مقصود الهدف منه تبليغ رسالة للشعب باستحالة المصالحة وإنهاء الانقسام وإصابة الشعب بحالة من الإحباط تدفعه للقبول بالأمر الواقع وعدم التفكير بالمصالحة والوحدة الوطنية.
وفي الختام فإن لم تحقق حوارات الجزائر وما صدر عنها من اتفاق مبادئ عامة أي تقدم خلال عام، ويبدو بل من المؤكد أنها لن تحقق، فيجب التوقف عن الحديث عن حوارات مصالحة بين الفصائل والتي ثبت أنها كانت عبثية والانتقال للحديث والعمل على موضوع الوحدة الوطنية التي تتجاوز قيود الانقسام والفصل بين غزة والضفة وحسابات السلطة والحكومة، وفي هذا السياق يمكن استلهام تجربة منظمة التحرير الفلسطينية في بداياتها وكيف استطاعت توحيد الشعب الفلسطيني وكل القوى السياسية المتواجدة آنذاك بالرغم من التباعد والفصل الجغرافي بين تجمعات الشعب الفلسطيني وعدم وجود سلطة وحكومة، حيث غزة كانت تحت حكم مصري والضفة تحت حكم الأردن وجزءا منه وبقية الشعب إما تحت حكم الاحتلال أو في أرض الشتات، آنذاك استطاعت منظمة التحرير انتزاع اعتراف عربي ودولي بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بالرغم من ممارستها للعمل الفدائي والكفاح المسلح جنبا لجنب مع العمل السياسي والدبلوماسي، وكان الشعب موحدا أكثر بكثير مما هو عليه اليوم في ظل وجود سلطتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.