منتدى برلماني بمراكش يدعو إلى وقف الحرب في قطاع غزة المحاصر    المغرب يرسم ملامح مستقبله الطاقي: خطة عملاقة لمضاعفة إنتاج الكهرباء وتعزيز ريادة الطاقات المتجددة    طفرة جديدة في المداخيل الضريبية لتتجاوز 122 مليار درهم خلال 4 أشهر فقط    إجهاض تهريب آلاف الأقراص المخدرة    رسمياً.. توجيهات بمنع بيع الأضاحي بإقليمي الناظور والدريوش خلال عيد الأضحى    آلاف المغاربة يحتجون نصرة لغزة    نهضة بركان يشكو سيمبا ل"الكاف"    انتخاب عرجون رئيسا جديدا للبركانيين    مرصد يطالب بفتح تحقيق في وفاة سجين من الحسيمة بسجن وجدة    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    "الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة" تدخل على خط ملف "بيع الشهادات الجامعية" والدولة المغربية تنتصب كطرف مدني    الركراكي يكشف عن لائحة الأسود يوم الثلاثاء استعدادا لتونس والبنين    الخدمة العسكرية 2025 .. مجندون بتأهيل عال ومستقبل مهني مضمون    وزارة الأوقاف: حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    يهم حجاج الناظور.. وزارة الأوقاف تدعو إلى الإحرام في الطائرات    بسبب تسجيل مكالمة تتضمن ألفاظ "نابية".. المحكمة للناصيري: "الله لا يحب الفاحشة والتفحش في الكلام"    مبابي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في ريال مدريد لموسم 2024-2025    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    جبور: الهزة الأرضية متوسطة القوة .. ومحطات الرصد المغربية أكثرُ دقة    حسناء أبو زيد: الاتحاد الاشتراكي يحتاج ملتمس رقابة لتحريره من قيادته الحالية    بلقصيري تحتضن مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الثانية    تعيين عزيز الذنيبي مدربا جديدا للنادي الرياضي المكناسي لكرة القدم    نائب رئيس مجلس النواب من مراكش: التجارة الدولية تواجه الأنانيات القطرية وشعوب الجنوب تدفع ثمن التلوث    الباروك يلاقي الأندلسي والتصوف الإفريقي في فاس.. إيطاليا تُبدع كضيفة شرف لمهرجان الموسيقى العريقة    حفل كبير يُتوِّج تظاهرة الأيام المفتوحة للأمن الوطني    حسن الادريسي منصوري نجم مغربي واعد في سماء الكرة الطائرة العالمية    الفنان الأمازيغي عبد الرحمان أوتفنوت في ذمة الله    مقتل 4 أشخاص وفقدان 17 آخرين في انهيارات أرضية بالصين    رونالدو يشعل مواقع التواصل الاجتماعي بعد شائعة ارتباطه بالوداد    "هنا".. عندما تتحول خشبة المسرح إلى مرآة لحياة أبناء "ليزاداك"    مهدي مزين وحمود الخضر يطلقان فيديو كليب "هنا"    "مهرجان الريف" يحتفي بالأمازيغية    الشروع في إحداث موقف بجوار ملعب طنجة الكبير بطاقة تستوعب آلاف السيارات    "الاشتراكي الموحد" يدعو لاعتقال ومحاكمة الجنود الإسرائيليين المشاركين في "الأسد الإفريقي"    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    دراسة: الولادة المبكرة قد تكون مفيدة في حالة الأجنة كبيرة الحجم    انتشار الأفران العشوائية يزعج الفدرالية المغربية للمخابز    سلوفاكيا تساهم في الزخم المتزايد لفائدة مغربية الصحراء    قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    بريطانيا تدرس استخدام الإخصاء الكيميائي الإلزامي لمعاقبة بعض المعتدين جنسيا    حديقة الحيوانات بالرباط تعلن ولادة أزيد من 80 حيوانا من الأنواع النادرة    قطر تخصص 36.5 مليون دولار جوائز في كأس العرب 2025    المغرب يعزز قدراته العسكرية بوحدات خاصة لمواجهة تهديدات الأنفاق باستخدام تقنيات متقدمة    النيجر تعيد رسم خريطة التحالفات في الساحل: تكريم صدام حفتر صفعة جديدة للنظام الجزائري    انطلاق أيام التراث بمراكش احتفاء بالماء والحدائق    بكين.. الصين وهولندا تعززان شراكتهما الاستراتيجية    الأزمي: تضارب المصالح ينخر عمل الحكومة وملتمس الرقابة كان ضرورة سياسية ودستورية    31 قتيلا و2939 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    بطاريات المستقبل تصنع بالقنيطرة .. المغرب يدخل سباق السيارات النظيفة    وزير الشباب والثقافة والتواصل يتوج الفائزات والفائزين بالجوائز في حفل الدورة الثانية لجائزة المغرب للشباب    الحكومة تُطلق دعما مباشرا لحماية القطيع الوطني وبرنامجا لتحسين السلالات    السعودية تجري أول عملية لزرع جهاز ذكي داخل الدماغ في الشرق الأوسط    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا تتم مصارحة الشعب بالحقيقة؟
نشر في لكم يوم 25 - 12 - 2022

في علم السياسة كما في الممارسة السياسية الواقعية لا يمكن لرجل السياسة أو السلطة السياسية أن يكونوا صفحة مقروءة للجميع، بمعنى أن هناك حيزا أو مجالا محفوظا لا يجوز الإفصاح عنه أو إطلاع العامة أو الجهات الخارجية عليه. في الحالة الفلسطينية وبسبب ما وصلت إليه القضية الوطنية من حالة استعصاء والطريق المسدود الذي وصلت له الطبقة السياسية بكل أطيافها والاجرام الصهيوني المتعاظم يجب الرجوع إلى الشعب ومصارحته بالحقيقة وخصوصا فيما يتعلق بموضوع الانقسام والمصالحة.
كل ما يتعلق بالانقسام وبالمصالحة شأن يخص الطبقة السياسية والأحزاب والنظام السياسي وحتى وإن كان للانقسام تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة على المجتمع إلا أن ذلك يجب ألا يؤثر على وحدة الشعب الفلسطيني، فهذا الأخير ومنذ النكبة وهو يعيش في جغرافيا منقسمة ومتباعدة ما بين الضفة وغزة وأراضي 48 والشتات ولم يؤثر ذلك على وحدة الشعب وعدالة القضية واستمرار الثورة والنضال.
ليس المراد التهوين من خطورة الانقسام وفشل حوارات المصالحة بل التأكيد بأن المشكلة تكمن في الأحزاب وفي النظام السياسي وهذه مكونات عابرة ومتغيرة وإن لم تُصلح حالها فيمكن تجاوزها لأن القضية والشعب سابق لها ويسمو عليها ويجب الخروج من مربع رهن مستقبل القضية الوطنية بما تتوافق عليه الأحزاب والطبقة السياسية وخصوصا أن بعض هذه الأحزاب مشاركة في صناعة الانقسام ومعنية بإفشال المصالحة، بل يمكن القول بأنها متفاهمة فيما بينها على استمرار الأمور على حالها وتفرد كل منها بما يحوز من سلطة في الضفة وغزة وما تجلبه السلطة من منافع ومصالح حزبية وشخصية .
الطبقة السياسية المتنفذة في الأحزاب وخصوصا حركتي فتح وحماس تعلم أن الانقسام والفصل ما بين غزة والضفة والمصالحة التي تعني توحيد غزة والضفة في سلطة وحكومة واحدة لم يعد شأنا فلسطينيا خالصا حتى وإن توفرت إرادة عند هذه الأحزاب، الكيان الصهيوني بات هو المتحكم في موضوع الانقسام والفصل بين غزة والضفة وهو الذي يُدير وينسق الأمور مع الطرفين وبينهما ويفرض معادلة الأمن مقابل الاقتصاد. المشكلة أن هذه الأحزاب لا تريد مصارحة الشعب بحقيقة أنها لا تستطيع كسر معادلة الانقسام والفصل بين غزة والضفة وأن الموضوع يتجاوز قدرتها وأن حوارات المصالحة عبثية، وبالتالي تستمر في تضليل الشعب بدلا من التفكير الجاد بمراجعة استراتيجية لمجمل الحالة الوطنية والبحث عن سبل استنهاض الحالة الوطنية وإعادة بناء النظام السياسي حتى في ظل الفصل الجغرافي ما بين غزة والضفة لأن هذا الفصل قد يطول لسنوات، وهناك كثير من القضايا يمكن تحقيق وحدة وطنية حولها بعيدا عن إشكاليات السلطة والحكومة.
غالبية الشعب باتت تعرف الحقيقة فيما يتعلق بمخطط الانقسام وتعرف عبثية حوارات المصالحة بل أصبحت متخوفة من مصالحة حزبية تؤدي لتقاسم مغانم السلطة وإدارة الانقسام وتكريس الوضع القائم، وفي اعتقادنا أن أطراف حوارات المصالحة متفاهمين ولكنهم مستمرون في التضليل والكذب على الشعب، وفي هذا السياق نُعيد التأكيد على الأمور التالية ووقف التضليل بشأنها:
1- الزعم بأن سبب الانقسام هو الخلاف بين فتح وحماس وبالتالي إن تصالحا سينتهي الانقسام، هذه مغالطة بل وتضليل لأن الانقسام حدث نتيجة قرار استراتيجي إسرائيلي وهذه الأخيرة وظفت الخلافات الفلسطينية لتنفيذ مخططها.
2- الترويج بأن مصالحة فتح وحماس سيؤدي لإعادة توحيد غزة والضفة في سلطة وحكومة واحدة، وفي هذا تجاهل لوجود فصل وفاصل جغرافي بين الجهتين تتحكم به إسرائيل كما أن السلطة سواء في غزة أو الضفة سلطة حكم ذاتي بدون سيادة والكيان الصهيوني يتحكم في كل مناحي الحياة في الضفة وغزة بل وفي يده قرار استمرار أو إنهاء أي من السلطتين أو كلاهما.
3- استمرار التعامل مع الانقسام كخلاف سياسي بين حركتي حماس وفتح بينما الواقع يقول بأن الانقسام تعمّق اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وحتى داخل الأحزاب نفسها، فسلوك الأحزاب وثقافة منتسبيها في الضفة مختلف عن نفس الأحزاب في قطاع غزة. الأحزاب وخصوصا القيادات السياسية في الضفة تهادن السلطة هناك، ونفس الأحزاب في القطاع تهادن سلطة حماس، وهذا ينطبق على حركتي فتح وحماس في كلا الجهتين، والأمر نلاحظه حتى بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني.!!
4- التناقض بين القول بالسعي للمصالحة وإنهاء الانقسام من جانب والممارسات الفعلية على الأرض من جانب آخر، حيث تتوالى القرارات والممارسات من طرف سلطتي غزة والضفة التي تكرس الانقسام وتقطع خط الرجعة، وهناك دلائل على حدوث مصالحة خفية على قاعدة إدارة الانقسام وحفاظ كل طرف على مكتسباته، وما يؤكد ذلك أن تنظيم حركة فتح في غزة يتعامل مع سلطة حركة حماس ويلتزم بقوانينها وينسق معها في كثير من الأمور، وحركة حماس في الضفة تتعامل مع السلطة الوطنية وتلتزم بقوانينها.
5- تجاهل دور الأطراف الخارجية ذات التأثير في الملف الفلسطيني، فبالإضافة إلى إسرائيل توجد أطراف أخرى تؤثر في الحالة الفلسطينية ربما أكثر من تأثير الأحزاب الفلسطينية وذلك لاعتبارات أيديولوجية وسياسية ومن خلال نفوذها المالي، ومنها الدول المانحة للسلطة وقطر وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين و(محور المقاومة) ومصر والأردن.
6- تجاهل موضوع الاستراتيجية[k1] الوطنية والبرنامج السياسي، بمعنى عدم تحديد ما الذي يريده الفلسطينيون: حل الدولتين، الدولة الواحدة، دولة في غزة، تقاسم وظيفي مع الأردن، تحرير كامل فلسطين، وما هي الأداة أو الأدوات النضالية الأنسب لتحقيق الهدف المنشود: تسوية سياسية من خلال المفاوضات وعلى أساس برنامج اتفاق اوسلو، مؤتمر دولي للسلام، تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، مقاومة مسلحة لتحرير كامل فلسطين، أم الجمع بين المقاومة والتسوية السياسية وكيف يتم ذلك.
7- لا يتم استشارة الشعب وأخذ رأيه فيما يتم التوافق عليه في اتفاقات المصالحة من خلال الاستفتاء أو غيرها من الطرق، بالرغم من معرفة الجهات المضيفة للحوارات أن الأحزاب لم تعد تمثل الشعب تمثيلا صحيحا وهذا ما يجعل الشعب غير مهتم بحوارات المصالحة.
8- وكأن تكرار لقاءات واتفاقات المصالحة أمر مقصود الهدف منه تبليغ رسالة للشعب باستحالة المصالحة وإنهاء الانقسام وإصابة الشعب بحالة من الإحباط تدفعه للقبول بالأمر الواقع وعدم التفكير بالمصالحة والوحدة الوطنية.
وفي الختام فإن لم تحقق حوارات الجزائر وما صدر عنها من اتفاق مبادئ عامة أي تقدم خلال عام، ويبدو بل من المؤكد أنها لن تحقق، فيجب التوقف عن الحديث عن حوارات مصالحة بين الفصائل والتي ثبت أنها كانت عبثية والانتقال للحديث والعمل على موضوع الوحدة الوطنية التي تتجاوز قيود الانقسام والفصل بين غزة والضفة وحسابات السلطة والحكومة، وفي هذا السياق يمكن استلهام تجربة منظمة التحرير الفلسطينية في بداياتها وكيف استطاعت توحيد الشعب الفلسطيني وكل القوى السياسية المتواجدة آنذاك بالرغم من التباعد والفصل الجغرافي بين تجمعات الشعب الفلسطيني وعدم وجود سلطة وحكومة، حيث غزة كانت تحت حكم مصري والضفة تحت حكم الأردن وجزءا منه وبقية الشعب إما تحت حكم الاحتلال أو في أرض الشتات، آنذاك استطاعت منظمة التحرير انتزاع اعتراف عربي ودولي بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بالرغم من ممارستها للعمل الفدائي والكفاح المسلح جنبا لجنب مع العمل السياسي والدبلوماسي، وكان الشعب موحدا أكثر بكثير مما هو عليه اليوم في ظل وجود سلطتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.