أكادير.. توقيف شخصين بشبهتي حيازة وترويج المخدرات    في عيد ميلاده الثاني والعشرين: تهانينا الحارة للأمير مولاي الحسن    خبراء: انضمام المغرب ل"بريكس" غير مستبعد    البطولة: المغرب التطواني يسير نحو تجنب الهبوط المباشر إلى القسم الثاني    وزير الأوقاف المغربي يقيم مأدبة غداء تكريما لوزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة    إنزكان : الجمارك تحجز أزيد من 12 طنا من الأكياس البلاستيكية    انتخاب الكاردينال الأمريكي بريفوست بابا جديدًا للفاتيكان    المستشارون يدعون إلى تعديل خريطة الاختصاصات بين المركز والجهات    مجلس تزطوطين يستقبل مسؤولي التطهير السائل ويصادق على جدول أعمال دورة ماي    وزير التشغيل والكفاءات يكشف إجراءات تفعيل العمل عن بعد بالمغرب    تحقيق لمجلس المنافسة يكشف تواطؤا احتكاريا في سوق توريد السردين الصناعي استمر 20 عاما    بعد إسقاط باكستان لرافال الفرنسية.. واشنطن تراقب أداء الطائرات الصينية المستعملة في الحرب مع الهند    "غياب المساءلة صادم".. "أطباء بلا حدود" لا تجد الكلمات لوصف "الإزهاق اليومي للأرواح" بغزة    تأجيل ملف ناشطين في "حراك فجيج"    ترامب يعلن عن اتفاق تجاري "تاريخي" مع المملكة المتحدة    خرق قانوني في جماعة تارودانت.. دورة ماي خارج الإطار الزمني المحدد في القانون 113.14    مكتب السياحة يسعى للحصول على تصنيف "China Ready" لاستقطاب السياح الصينيين    انتخاب الكاردينال الأمريكي بريفوست بابا جديدًا للفاتيكان    لقاء شي جينبينغ وبوتين يعكس عمق الشراكة الصينية الروسية    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    كرة القدم داخل القاعة لأقل من 19 سنة.. المنتخب المغربي يتعادل مع نظيره الإسباني (6-6)    المحكمة تغرّم جماعة الدار البيضاء 5 ملايين بسبب هجوم كلاب ضالة على مواطنة    الدوري الأوروبي .. مانشستر يونايتد وبلباو في معركة حاسمة وتوتنهام يخشى مفاجآت بودو        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    أتاي مهاجر".. سفير الشاي المغربي يواصل تألقه في "معرض ميلانو" ويعتلي عرش الضيافة الأصيلة    بوريطة: الملك يعتبر إفريقيا الأطلسية قطبا جيو- استراتيجيا ورافعة للابتكار والصمود    انفجار في مدينة لاهور الباكستانية وإسقاط مسيرة هندية    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    مصرع شخص في حادثة سير بين مراكش وورزازات    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    محكمة الاستئناف بالرباط تُخفض عقوبة النقيب محمد زيان    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    ارتفاع أسعار الذهب بعد تحذير المركزي الأمريكي من الضبابية الاقتصادية    لجنة: زيادة مرتقبة للأطباء الداخليين    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية 'المجمع التربوي 132–134'    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزمزمي والفتاوى المتسرعة
نشر في لكم يوم 15 - 09 - 2013

مرة أخرى يخرج علينا الشيخ الزمزمي بفتوى مثيرة للجدل، رفضها المسلم العادي والمثقف غير المتخصص قبل أن يرفضها العلماء..وهي الفتوى التي ذهب فيها إلى أن الاحتكاك في الأوطوبيسات لا يبطل صيام صاحبه ولو نتج عنه قذف، لأنه يدخل - في نظره - في باب الضرورات ما دام المواطن لا يستطيع الاستغناء عن ركوب الأوطوبيس للوصول إلى عمله أو لقضاء أمر من أمور حياته...
وقد تكفل الشيخ الفيزازي بالرد الشرعي على هذه الفتوى، وأوضح أنها ليست فقط مجانبة للشرع بل إنها تسيء إلى تعاليم وأحكام الإسلام الخاصة بتحريم الزنا وكل ما يقرب إليه من قول أو عمل، والاحتكاك المتعمد في الأوطوبيسات أوغيرها من الأماكن العمومية المزدحمة هو الزنا بعينه، ولا يحتاج المسلم إلى كثير علم في الدين ليتوصل إلى ذلك. ولن نناقش، في هذا المقال، الجانب الفقهي والشرعي لهذه القضية فهناك من أهل الاختصاص من هم أهل لذلك، وإنما نود أن نثير بعض الملاحظات والاقتراحات المتعلقة بالإفتاء بشكل عام:
أولا: كان حريا بالشيخ الزمزمي أن يترك المسلم الذي يكون في وضع الاحتكاك لنفسه، فالشعور الذي سيكون مسيطرا عليه إذا ما استسلم للذة الاحتكاك هو - بدون شك - شعور بالذنب والخطيئة. وفتوى شيخنا تحرر هذا المسلم من هذا الشعور الإيجابي، وتبرر سلوكه المرضي الذي يجدر بنا أن نحاربه بالعلاج النفسي والأحكام الدينية الزجرية.
ثانيا: تؤكد هذه الفتوى المتسرعة حقيقة أشرنا إليها في مقال سابق، وهي ضرورة إعادة النظر في الإفتاء "الفردي" وعدم اعتماد رأي أي عالم مهما كانت مكانته إلا إذا صدر عن مجلس علمي متخصص في الإفتاء لا يقل عدد أعضائه عن أربعة علماء مشهود لهم بالعلم والاستقامة، لأن العالم إذا تصدى للفتيا وحده بعيدا عن التشاور مع أقرانه من العلماء، قد تفوته قضية صغيرة أو كبيرة من شأن الإفتاء "الجماعي" والتشاور العلمي أن يلفت انتباهه إليها. كما بات من الضروري الاستعانة بالأطباء وعلماء النفس والاجتماع وغيرهم من العلماء في التخصصات المختلفة لأن كثيرا من القضايا التي يطلب فيها المسلمون اليوم الإفتاء متشعبة ومرتبطة بالجانب النفسي والطبي والاجتماعي. ونعزز رأينا هذا برأي الأستاذ العلامة الريسوني الذي يرى أن الفتوى " ليست ملزمة للناس حتما، وإنما تكون ملزمة لمن اقتنع بأدلة المفتي واطمأن إلى صوابية فتواه ". وعليه نكون نحن، في هذا المقال، من الذين لم يقتنعوا بصوابية رأي الشيخ الزمزمي في قضية الاحتكاك وغيرها من القضايا الأخرى التي أثارها حول المرأة والجنس. كما أننا نرى أنه ( أي الزمزمي ) أبعد ما يكون عن استحضار روح النصيحة التي قدمها الإمام الشاطبي للمفتي – وذكرها الأستاذ الريسوني في مقاله المستشهد به – وهي أن المفتي المثالي هو " ناظر في المآلات قبل الجواب عن السؤالات ".
ثالثا: يتأكد مرة أخرى من خلال هذه الفتوى وغيرها من الفتاوى المثيرة للجدل ليس في بلادنا فقط بل في جهات أخرى من الوطن العربي (مثل فتوى أحد علماء مصر إرضاع المرأة العاملة حليبها لزميلها في العمل لتجاوز شبهة تحريم الانفراد بها)..يتأكد أن شرط العلم الشرعي وحده ليس كافيا ليتصدى العالم للإفتاء.. بل لابد، بالإضافة غلى ذلك، من سعة الأفق (النظر في المآلات) وإدراك الواقع المتغير والانفتاح على العلوم الحديثة المتنوعة..فلو أن الشيخ الزمزمي أدرك أن للمخ البشري دورا مركزيا في العملية الجنسية لأعاد النظر في فتاواه المتسرعة، وأشدد على كلمة "المتسرعة"، لأن الثابت علميا أن محرك الشهوة الجنسية لدى الإنسان هو مركز في المخ، وعليه فإن الرجل الذي يحتك بامرأة أوغيرها في الأوطوبيس أو في أي مكان مزدحم آخر إما انه سيختار - بكامل إردته – الاستسلام لغريزته، أو سيختار كبحها بشكل من الأشكال، كما أن الرجل الجالس إلى جانب زوجته الميتة حزين ولا يمكنه أن يفكر في جماعها إلا إذا كان إنسانا غير سوي. إن الرجل "التقي" – بالمفهوم الديني – أو "السوي" –بالمفهوم النفسي- يسعى جهده لتفادي الوقوع في المحظور في كل الأماكن ومهما كانت الظروف.ولذلك فحصول لذة نتيجة الاحتكاك في الأوطوبيس أوغيره هو تعمد للإفطار. ألم يعلمونا منذ سنوات الدراسة الأولى أن "الصوم هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس"؟ فلماذا يجعل منها الزمزمي اليوم قضية مشكلة و الحال أن الجميع يعرف مبطلات الصيام في الإسلام. إن الإفتاء بالتحريم في هذا الموضوع، ينسجم مع الأهداف الكبرى التي ترجى من الصيام ومنها الصبر وكبح الشهوات لفترة معلومة وإلا فالمسلم الصائم تتحرك أمامه زوجته طيلة النهار ومع ذلك لا يفكر في جماعها لأنه ملتزم بطاعة الله من خلال الصيام...
يظهر – في الأخير – أن الشيخ الزمزمي في حاجة إلى توسيع معارفه في علم النفس وغيرها من العلوم الحديثة حتى يكف عن النظر إلى العملية الجنسية كما لو كانت مجرد عملية ميكانيكية تتوقف على وجود امرأة إلى جانب رجل، لأنها أعقد من ذلك بكثير وتخضع للإرادة البشرية والاستعداد النفسي والوجداني لدى الرجل والمرأة ويتحمل فيها الإنسان المسؤولية كيفما كانت الظروف. أما ما يقع في الأوطوبيسات وغيرها من الأماكن العمومية فهي سلوكات مرضية منحرفة يحتاج أصحابها إلى علاج نفسي قبل حاجتهم إلى فتوى دينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.