تتواصل الانتقادات لمشروع قانون المسطرة المدنية الذي يصوت عليه مجلس النواب، مساء اليوم الاثنين، فبعد المعركة التي أعلن عنها المحامون ضده، انتقدت المعارضة البرلمانية خلال تدخلاتها في الجلسة العمومية للدراسة والتصويت على المشروع، ما تضمنه من مقتضيات تمييزية تحمل شططا وتعسفا ومخالفة للدستور، وتضرب حق الولوج للعدالة وحق المحاكمة العادلة. ونبه فريق التقدم والاشتراكية إلى أن المشروع يمس بمبدأ التقاضي على درجتين، ويقلص الدور الرقابي لمحكمة النقض على بعض الأحكام التي يمكن أن تطالها خروقات، مؤكدا أن ما جاء في المادة 502 من المشروع يعتبر تعسفا تشريعيا وشططا في تجاوز الدستور. كما سجل الفريق وجود مقتضيات تمس بشروط المحاكمة العادلة، وتتضمن حرمانا وتعسفا على ممارسة حق التقاضي والولوج إلى القضاء، كسلطة قضائية مستقلة، ضامنة للحقوق ولإنفاذ القانون. ومن جهتها نبهت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية إلى أن مشروع قانون المسطرة المدنية يتضمن التضييق على مبدأي المساواة والحق في التقاضي على درجتين، وهذا لا يعتبر حيفا فقط ولكن ضربا ومساسا بحقوق الإنسان وحرمانا للمواطنين من الضمانات القانونية التي توفرها محكمة النقض والمحكمة من الدرجة الثانية بحسب الحالات. وانتقدت المجموعة إجبار المواطنين على أداء الغرامات المرتفعة أثناء التكييف باستخدام سوء النية في ضرب سافر لمبدأ الحق في الولوج إلى القضاء، مشيرة إلى أن المشروع أسس أيضا لنوع من التمييز بين المواطن من جهة وبعض أشخاص القانون العام من جهة أخرى، وتمييزا آخر بين المواطنين في حد ذاتهم، كما أنه يضرب مجانية التقاضي؛ حيث نص على عدة قواعد جديدة ستحد من حق المواطن في الولوج للعدالة، كما أنه يثير إشكالية كبيرة تتعلق بضرب دستورية حق التقاضي ومبدأ مجانيته، ويخالف المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. واستغربت المجموعة لهذه السرعة ولهذه العجلة في مناقشة المشروع، خاصة وأن وزارة العدل مرتبطة بمجموعة من الالتزامات لم يتم الوفاء بها بعد، بحيث أنها لم تحسم بعد في العديد من القضايا التنظيمية ذات الصلة بالمشروع. وبدورها، أكدت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار على أن تحقيق نظام قضائي عادل يتطلب ضمانات تشمل مختلف جوانب العملية القضائية، ومنها ضمان استقلالية القضاء وعدم السماح بأي تدخل في قراراتهم، ومراقبة أدائهم بعيدا عن الضغوط السياسية، وضمان حق المحاكمة العادلة، وتمكين الأطراف تقديم الأدلة والدفاع عن أنفسهم بشكل كامل، وضمان مساواة بين الأفراد وعدم التمييز لأي اعتبار، مع الالتزام بالشفافية، وضمان الحق في الاستئناف والمراجعة، وضمان المساعدة القانونية المجانية، وتعزيز دور المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان وتوفير الدعم اللازم لهم. وتأسفت التامني لون مشروع المسطرة المدنية لا يكرس هذه الضمانات، وجاء بمنحى تراجعي، ويقوض الحقوق، ويضيق على حق الدفاع، وبالتالي التضييق على الولوج للعدالة بالنسبة للمواطن، وهو ما يجعله مشروعا يجانب تحقيق الأمن القضائي. نبيلة منيب، البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، شددت من جهتها على حاجة البلاد لإصلاح شامل للعدالة في احترام فصل السلط، مسجلة أن المشروع الذي يستعد مجلس النواب للتصويت عليه يضرب عرض الحائط الدستور وحقوق المواطنين والمحامين. وقالت إن هذا المشروع لا يحترم الحقوق الدستورية كالاستئناف والنقض، ويضرب مبدأ المساواة امام القانوني، وبالتالي يضرب الحق في محاكمة عادلة، إضافة إلى ضرب حق الدفاع وعرقلة الولوج للعدالة، وضرب مجانية التقاضي، مما سيؤدي للتخويف من الولوج للقضاء وسيضرب حقوق الناس وسيتعاظم الظلم.