أكدت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الأشخاص ذوي الإعاقة بالمغرب لا يزالون يعيشون مختلف أشكال التمييز والإقصاء على جميع الأصعدة، حيث تواجه هذه الفئة التي تشكل حوالي 6.8% من إجمالي السكان، تحديات كبرى في مجالات كالتعليم والصحة والتشغيل والمشاركة الاجتماعية والسياسية. وأوضحت العصبة في بيان بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة الذي يتم تخليده في 3 دجنبر من كل سنة أن التعليم حق مغيب لهذه الفئة، حيث يعاني الأطفال من صعوبات جمة في الولوج إلى التعليم، فرغم أن التشريعات تلزم بدمجهم في المنظومة التعليمية، إلا أن الواقع يكشف عن قصور واضح في تنفيذ هذه الالتزامات.
وتوقف حقوقيو العصبة على ضعف البنية التحتية، حيث تفتقر العديد من المدارس إلى التجهيزات الملائمة التي تستجيب لاحتياجات التلاميذ ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى نقص الكوادر المؤهلة وغياب مدرسين متخصصين في التعامل معهم، مما يُعرقل حقهم في تعليم جيد، فيما تظل المناهج الدراسية بعيدة عن التكييف مع احتياجاتهم، مما يزيد من معدلات التسرب المدرسي بينهم. وفيما يخص الصحة، فقد أكد البيان أن خدماتها غير كافية، إذ يعاني الأشخاص ذوي الإعاقة من صعوبة الوصول إلى خدمات صحية ملائمة سواء من حيث التجهيزات أو الكوادر أو المراكز المتخصصة، حيث تظل الخدمات الصحية الموجهة لهم محدودة جدا ومتركزة في المدن الكبرى فقط؛ كما يشكل عدم استفادة اغلبهم من التغطية الصحية الشاملة وارتفاع تكلفة العلاج حاجزًا كبيرًا أمام استفادة هذه الفئة من الخدمات الصحية الضرورية. ويتميز سوق الشغل بالنسبة لهذه الفئة، حسب ذات المصدر، بالإقصاء والمعاناة، إذ يعتبر سوق الشغل من أبرز المجالات التي تعاني فيها هذه الفئة من التمييز والإقصاء، وهو ما تؤكده أرقام نسبة البطالة المرتفعة في صفوفها حيث تتجاوز المعدلات الوطنية بكثير. فرغم وجود قوانين تلزم المؤسسات بتشغيل نسبة معينة من الأشخاص في وضعية إعاقة، إلا أن هذه القوانين لا تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي، خاصة أمام افتقار الدولة إلى سياسات واضحة وفعالة لإدماج هذه الفئة في سوق الشغل، سواء من خلال التكوين المهني أو عبر دعم المقاولات. وإلى جانب ذلك، نبه حقوقيو العصبة إلى أن مشاركة هذه الفئة في الحياة العامة لا تزال محدودة، نتيجة لعوائق متعددة تتمثل في ضعف التمثيلية السياسية وتغيبها عن مواقع اتخاذ القرار، بالإضافة إلى الإقصاء الثقافي والاجتماعي الذي تكرسه النظرة الدونية السائدة في المجتمع، مما يُعرقل اندماجها. وأبرزت العصبة أنه ورغم إصدار عدة قوانين واستراتيجيات وطنية، مثل السياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه السياسات على أرض الواقع يعرف بطءا كبيرا، فغياب الرقابة والمحاسبة وآليات تفعيل البرامج المذكورة يجعل منها حبرًا على ورق، ويكرس ضعف التنسيق بين القطاعات الحكومية في هذا المجال ويؤدي الى تشتت الجهود، وضياع الفعالية. وطالبت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بتعزيز الترسانة القانونية من خلال مراجعة القوانين الحالية، وإصدار تشريعات تضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل أكثر فعالية، وتطبيق القوانين على أرض الواقع، وفرض رقابة صارمة على المؤسسات الخاصة والعمومية، وتعميم التغطية الصحية وتوفير تغطية صحية شاملة، وضمان مجانية العلاج. ودعت العصبة إلى تطوير التعليم الدامج، وتعزيز التوعية المجتمعية عبر تنظيم حملات وطنية لمكافحة الصور النمطية، وتعزيز ثقافة احترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.