تشير أحدث تقارير منصة "eBird" العلمية، التابعة لجامعة "كورنيل" الأمريكية، إلى تسجيل عودة متجددة لعدد من الطيور النادرة والمهددة بالانقراض في المغرب، خلال الأيام الأولى من شهر ماي 2025، في مشاهدات ميدانية تثير أسئلة حول مدى قدرة الأنظمة البيئية الوطنية على استعادة توازنها بعد سنوات من التدهور. من بين أبرز الطيور التي تم تأكيد حضورها خلال هذا الشهر، طائر "الأوزة الرمادية" Anser anser الذي تم رصده بتاريخ 1 ماي 2025 في موقع "سد أجراص" بجهة طنجةتطوانالحسيمة، من قبل أحد مراقبي الطيور المحليين المعروفين، بحسب ما ورد في المنصة. ويعد هذا الطائر من الأنواع المهاجرة التي تعتمد على الأراضي الرطبة في رحلاتها بين الشمال الأوروبي وجنوب المتوسط، وقد أصبح ظهوره نادرًا بشكل متزايد بفعل تقلص موائل الأعشاب الضحلة ومناطق التغذية المحمية. عودة الأوزة الرمادية، في هذا التوقيت بالذات، تُعد إشارة خفية على استمرار أهمية بعض السدود والمسطحات المائية في دعم الهجرة الربيعية رغم الضغوط المتزايدة.
في المقابل، عرفت مناطق "واد ماسة" بجهة سوس ماسة، تحديدا "حقول أغريمز"، سلسلة من المشاهدات المثيرة للانتباه، تتعلق بطائر "السرسولة زرقاء الجناحين" Spatula discors وهو طائر مائي أمريكي الأصل نادر للغاية في شمال إفريقيا. وقد تم رصده عدة مرات خلال 3 ماي 2025 من قبل فرق رصد مختلفة. وهذا التكرار في الرؤية، على قِصر المدة، يثير احتمال وجود خط هجرة غير تقليدي أو خطأ في التحديد الميداني، مما يفتح الباب أمام دراسات أكثر دقة حول مسارات الطيور العابرة للمحيط الأطلسي إلى المغرب. ومن المفاجآت المؤكدة أيضًا خلال هذه الفترة، تسجيل ظهور "فَرش الليل الأوروبي" Caprimulgus europaeus وهو طائر ليلي نادر ذو نمط حياة غامض، في "ضاية دار بوعزة" قرب الدارالبيضاء، بتاريخ 1 ماي 2025. ويعرف هذا الطائر بقدرته على التمويه التام بين الحشائش والأرض الجافة، ويعتبر ظهوره مؤشرا على استمرار وجود مناطق شبه طبيعية قرب الحواضر الكبرى رغم التوسع الحضري الكاسح. كما يعكس أهمية "الضايات" والمناطق الرطبة الموسمية في الحفاظ على طيف من التنوع البيولوجي غير المرئي عادة. وتعززت أهمية الجنوب المغربي أكثر مع تسجيل نوع غير معتاد في المنطقة، ويتعلق الأمر بطائر "الدجاجة المائية الإفريقية" Paragallinula angulata الذي وثق حضوره مرتين بتاريخ 28 أبريل 2025 عند "قنطرة واد سوس". هذا النوع يندر مشاهدته في شمال إفريقيا، وينتشر بالأساس جنوب الصحراء، مما يجعل هذا الرصد إشارة واضحة إلى إمكان وجود تغير في نطاق التوزيع أو ربما حالات ضالة فردية. في كلتا الحالتين، فإن الظهور المتكرر لهذا الطائر يسلط الضوء على واد سوس كمنطقة حرجة بيئيًا تحتاج إلى صون عاجل. وبعيدا عن الطيور المائية، يشير التقرير نفسه إلى رصد طائر جارح نادر من فصيلة الصقور، هو "صقر الكوبِز" Falco vespertinus الذي شوهد في منطقة الرشيدية يوم 1 ماي. هذا الطائر صغير الحجم، لكنه ذو سلوك هجومي سريع، ويعتمد على الأراضي العشبية شبه الجافة، وهو ما يتناسب مع طبيعة الجنوب الشرقي المغربي. وتُعد مثل هذه الرصدات فرصة لفهم ديناميات الأنواع في مواجهة التصحر والتغير المناخي، حيث إن الطيور الجارحة عمومًا تعتبر مؤشرات بيئية عليا بسبب حساسيتها الشديدة لأي اضطراب بيئي. وتكتمل الصورة بطائر "السمامة الكافرة" Apus caffer الذي تم الإبلاغ عن وجوده شمال المحيط الأطلسي بين الدارالبيضاءوطنجة بتاريخ 3 ماي 2025. ويعد الطائر هو من الأنواع المدارية، وظهوره المحتمل على طول السواحل المغربية، يطرح تساؤلات عميقة حول تحولات كبرى في التيارات الهوائية أو تغيرات في أنماط الهجرة الموسمية غير المدروسة.