أصدرت غرقة الجنح لدى المحكمة الابتدائية بأكادير حكما في واحدة من أبرز قضايا السرقات العلمية في الجامعة المغربية، أدانت فيه أستاذا للتعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن زهر، على خلفية دعوى تتعلق بسرقة علمية تقدم بها أستاذ جامعي متقاعد. وقضت المحكمة، في قرارها الابتدائي الذي صدر الثلاثاء، بإدانة الأستاذ الجامعي المتهم (ر.ك) بغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم، مع تحميله الصائر والإجبار في الأدنى، كما ألزمت المحكمة المدعى عليه في الدعوى المدنية بأداء تعويض قدره 25 ألف درهم لفائدة الأستاذ المتضرر المشتكي. وضمن نفس الحكم، أمرت المحكمة الأستاذ المدان بإزالة المضمون موضوع السرقة من مؤلفه المنشور، ومن كافة وسائط النشر الإلكترونية، بما في ذلك صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي ومحرك البحث "غوغل".
الملف الذي تابعته الأوساط الأكاديمية والإعلامية عن كثب، انطلق بشكاية رسمية تقدم بها أستاذ جامعي سابق بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض، بتاريخ 29 يوليوز 2024، اتهم فيها زميله السابق، أستاذ القانون العام بجامعة ابن زهر، بالسطو على مؤلف أكاديمي صدر له سنة 2001، ونسبه إلى نفسه دونما وجه حق، مع استخدامه في التدريس وتضمينه في قائمته الخاصة بالمؤلفات العلمية. وبحسب معطيات الشكاية التي توصل بها موقع "لكم"، فإن الأستاذ المدان، الذي يشتغل أيضا منسقات بيداغوجيا لماستر، قام بنقل ما يقارب 99% من محتوى المؤلف الأصلي – أي ما يعادل 228 صفحة – عبر تقنية "النسخ واللصق"، مضيفا إليه فقط نحو عشر صفحات من التعديلات الطفيفة التي لم تخفِ التشابه الكبير بين النسختين. ولم تخفِ الشكاية صدمتها من الواقعة، مؤكدة أن الجرم المرتكب لم يكن مجرد "تجاوز أكاديمي"، بل سرقة مقترفة بإرادة وسبق إصرار، صادرة عن أستاذ جامعي يُفترض فيه أن يكون حاملا لرسالة العلم ومربياً للأجيال. وأشارت شكوى القضية إلى أن الفعل المرتكب من قبل الأستاذ الجامعي يسيء لسمعة الجامعة وللجسم الأكاديمي برمته، ويمس بمصداقية البحث العلمي. ويُنتظر أن تعرف القضية تطورات إضافية بعد إعلان نية الأستاذ المدان استئناف الحكم، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى رد فعل جامعة ابن زهر التي شملها الحكم القضائي ضمنًا، من خلال الأمر القضائي بتبليغها بالمضمون الكامل للقرار. ويأتي هذا الحكم في سياق يتسم بتزايد النقاش العمومي حول تفشي ظاهرة السرقات العلمية في الجامعات المغربية، في ظل ما يعتبره مهتمون غياب آليات فعالة للمراقبة والتتبع، وافتقار المشهد الأكاديمي إلى ثقافة المحاسبة والصرامة الأخلاقية، رغم الشعارات الرسمية التي تُرفع في هذا الباب. وتتوالى الأسئلة اليوم، ليس فقط حول مصير الأستاذ المدان، بل أيضا حول مسؤولية المؤسسة التي سمحت لهذا المؤلف أن يُدرّس لسنوات دون أن يُكتشف أمره، وحول مدى استعداد الجامعات المغربية لوضع حد لهذا النوع من الممارسات التي تنسف جوهر البحث العلمي وتُفقده شرعيته.