تشهد المملكة المغربية عودة مدهشة لطيور نادرة ومهددة بالانقراض، منها من عاد بعد غياب طويل، ومنها من كان يعتقد أنه رحل إلى الأبد، حسب ما وثقته منصة "eBird" التابعة لمختبر علم الطيور بجامعة "كورنيل" الأمريكية، خلال شهر يوليوز 2025. من بين أبرز الطيور التي أبلغ عن رؤيتها مؤخرا في المغرب طائر "الخطاف الأحمر" المعروف علميا باسم Cecropis rufula، المعروف بندرته في منطقة شمال إفريقيا. وقد شوهد هذا الطائر في ال 24 من يونيو 2025، حيث يعرف هذا النوع من الطيور بجمال ريشه البرتقالي والمائل إلى الحمرة، ويعتبر من بين الأنواع التي تأثرت بشكل مباشر بتدمير موائلها الطبيعية نتيجة التحولات الزراعية والتمدن غير المنظم. كما يعد ظهوره مؤشرا بيولوجيا إيجابيا على توفر الظروف الملائمة مؤقتا على الأقل لعودته، الأمر الذي يحث على تعزيز جهود الحماية البيئية.
في اليوم ذاته، سجل أيضا وجود طائر "الميلان الأسود" Milvus migrans، أحد أنواع الجوارح التي كانت تشهد تراجعا مقلقا في أعدادها على مستوى الساحل المغربي، حيث أن هذا الطائر، الذي يعتمد على النظم الإيكولوجية الساحلية كمصدر للغذاء والتكاثر، يواجه تهديدات متواصلة بسبب التلوث البحري وفقدان المناطق الرطبة. ورغم أنه لا يعد منقرضا، إلا أن حضوره المتواتر في السنوات الأخيرة كان نادرا، مما يجعل من ظهوره الحالي دلالة بيئية لا ينبغي تجاهلها. أما طائر "الغراب الكبير" Corvus corax، فقد أعيد توثيقه هو الآخر في 28 يونيو 2025 من قبل نفس المراقب، في منطقة ذات طبيعة جبلية، بعدما كان يعتقد أن هذا النوع تراجع بشدة في العقود الأخيرة بسبب الاضطرابات البشرية المتزايدة في مجاله البيئي. ورغم صموده النسبي مقارنة بأنواع أخرى، فإن ظهوره الحديث يعد علامة على أهمية الجهود العلمية في توثيق ما تبقى من التنوع الطيري المغربي، لا سيما في المناطق النائية التي غالبا ما تهمل من قبل خطط التنمية الحضرية. ولم تقتصر الاكتشافات على الطيور الكبيرة، إذ تم تسجيل طائر "السمامة البيضاء البطن" Tachymarptis melba في مدينة طنجة بتاريخ 20 يوليوز 2025. حيث أن هذا الطائر الذي يتميز بسرعته الخارقة وقضائه لمعظم حياته في الطيران، لم يسجل ظهوره في المنطقة منذ سنوات، مما يعزز فرضية إعادة استكشاف الموائل الحضرية كملاجئ بديلة محتملة لهذا النوع الطائر، ويثير ظهوره مجددا في شمال المغرب اهتمام المختصين لما يمثله من مرونة إيكولوجية مذهلة تستحق الدراسة. وفي السياق ذاته، شوهد طائر "البومه الصغيرة" المعروف علميا باسم Otus scops في طنجة أيضا، وهو من الطيور الليلية التي تعتمد على الغابات الكثيفة والصمت البيئي للتكاثر. وقد تراجع هذا النوع في السابق بسبب الإضاءة الليلية الكثيفة وتقلص المناطق الخضراء، إلا أن ظهوره المفاجئ يشير إلى إمكانية تعايش مشروط بين الأنواع البرية والتوسع العمراني، بشرط اتخاذ تدابير تنظيمية صارمة لحماية النظم البيئية الحضرية وشبه الحضرية. وفي مفاجأة علمية بيئية، وثق عالم الطيور الفرنسي تيبو ديولوفو يوم 20 يوليوز 2025، وجود طائر "الخرشنة الصغيرة" Sternula albifrons على شاطئ واد إيقم بمنطقة الرباط-سلا-زمور-زعير، حيث أن هذا النوع المهدد على المستوى العالمي نادرا ما يشاهد في الشواطئ المغربية، وقد كانت آخر بيانات ظهوره تعود إلى أكثر من عقد من الزمن. وبالنظر إلى خصائصه البيئية الحساسة، فإن عودته المؤقتة تعد إنذارا بضرورة مراجعة أنماط الترفيه الساحلي والبناء العشوائي على الشواطئ الذي يقضي على أماكن تعشيشه التاريخية. ولم يكن طائر "النورس أسود الرأس" Ichthyaetus melanocephalus أقل إثارة، إذ شوهد هو الآخر في شاطئ واد إيكم بالصخيرات في التاريخ ذاته. وتعتبر هذه الأنواع مؤشرا حيويا على صحة المياه الساحلية، ويعني ظهورها مجددا أن بعض المناطق لا تزال تحافظ على قدر مقبول من جودة المياه رغم الضغوط المتزايدة.