شرع المكتب الوطني للسكك الحديدية في المغرب في تنفيذ أشغال كبرى تتعلق بالبنية التحتية ضمن مشروع القطار فائق السرعة القنيطرة–مراكش، وهو استثمار ضخم تتجاوز كلفته 50 مليار درهم (نحو 5 مليارات دولار)، بتمويل مشترك من قروض دولية ومساهمات من فرنسا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي إضافة إلى موارد محلية. الأشغال، المبرمجة من شتنبر 2025 إلى نهاية 2027، تشمل بناء 600 كيلومتر من السكك المكهربة، واعتماد نظام تشوير جديد، وتوسيع ما لا يقل عن 40 منشأة هندسية بجهة الدارالبيضاء لرفع عدد المسارات إلى ستة: اثنان مخصصان للقطارات فائقة السرعة، واثنان لقطارات القرب، واثنان للقطارات العادية. كما سيُشيد تسعة مراكز صيانة جديدة إلى جانب محطات خاصة بالقطارات فائقة السرعة وأخرى للقرب.
المرحلة الأولى من الأشغال ستنطلق منتصف شتنبر الجاري بإعادة برمجة شاملة لمواقيت قطارات المسافرين، وهو ما سيؤثر على مدد بعض الرحلات ويستوجب إغلاقاً مؤقتاً لبعض المحطات، مثل محطة مرس السلطان في الدارالبيضاء. وللتقليل من آثار الأشغال على الركاب، أعلن المكتب عن خطة محكمة تشمل العمل الليلي في بعض المواقع، وتوفير منصات رقمية وخدمات مواكبة عبر مراكز الاتصال وتطبيقات الهاتف لتزويد المسافرين بالمعلومات المحدثة. يمثل المشروع امتداداً لخط طنجة–القنيطرة الذي دخل الخدمة عام 2018، ويُتوقع أن يخفض زمن الرحلة بين طنجةومراكش إلى ساعتين و40 دقيقة فقط، على مسافة إجمالية تبلغ 430 كيلومتراً إضافياً. ويهدف أيضاً إلى ربط محاور استراتيجية كالمطارات والملاعب وتعزيز خدمات كبريات المدن. ورغم أن الحكومة تروج للمشروع باعتباره "رافعة استراتيجية للتحول" وبنية تحتية قادرة على جذب الاستثمار والسياحة، فإن انتقادات وُجهت إليه من أصوات معارضة ترى أن البلاد تواجه تحديات أكثر إلحاحاً في قطاعات الماء والتعليم والصحة. المغرب يتوفر حالياً على نحو 2,300 كيلومتر من الخطوط السككية التقليدية، وشبكة القطارات تُستخدم من قِبل حوالي 45 مليون مسافر سنوياً، بحسب بيانات المكتب الوطني للسكك الحديدية. ويعد المغرب الدولة الإفريقية الوحيدة التي تتوفر على شبكة قطارات فائقة السرعة بهذا الحجم، لكن الجدل ما زال قائماً حول الموازنة بين مشاريع البنية التحتية الكبرى والحاجات الاجتماعية الملحة.