تواصل الهيئات الحقوقية بالمغرب دق ناقوس الخطر إزاء الانتهاكات المتزايدة التي يتعرض لها الأطفال في مختلف المناطق والفضاءات، وسط انتقادات للدولة بسبب التقاعس عن القيام بواجباتها فيما يخص حماية هذه الفئة الهشة. ورغم الأرقام الرسمية وغير الرسمية التي لا تنفك تحذر من تنامي الاعتداء على الأطفال، سواء الجنسي أو الجسدي، وانتهاك حقوقهم، إلا أن السياسات العمومية الخاصة بهذه الفئة تظل قاصرة عن معالجة هذه التحديات وتفعيل الحماية والحقوق الكاملة للأطفال، إلى جانب كون العقوبات الصادرة في حق مرتكبي الجرائم ضد الطفولة "مخففة" و"متسامحة"، حسب تأكيد الجمعيات.
وفي تفاعلها مع الموضوع، نبهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى تنامي الاعتداءات الأليمة التي يتعرض لها الأطفال والطفلات بالمغرب، والتي تتجلى على سبيل الذكر لا الحصر، في الاغتصاب جماعي لطفل في موسم مولاي عبد الله امغار، والاتجار بالبشر في حق طفلة بمدينة السمارة، وتصوير الأعضاء الجنسية الأطفال وطفلات بمدينة فاس…، وهي حالات تعكس ما بات يتعرض له الأطفال، دون تمييز بسبب الجنس، من شتى أصناف العنف النفسي والجنسي. وحذرت الجمعية الحقوقية من أن العنف الجنسي أخذ في الانتشار بشكل ملفت، بحيث لا يكاد يمر يوم دون أن تتناقل وسائل الاعلام وقنوات التواصل الاجتماعي أنباء عن حالات جرى خلالها تدنيس براءة الطفولة، والعبث بالسلامة الجسدية للضحايا وبكرامتهم، في غياب أي وازع إنساني وأخلاقي. واعتبرت الجمعية أن ما يعمق هذه الوضعية أكثر ويغذيها ببواعث التنامي والاستمرار، هو كون المجتمع نفسه يعد مصدرا لها؛ فبدل أن يحمل كما هو مفروض، على عاتقه النصيب الأوفى في حماية الطفولة، واحتضانها، فإنه يعمل على مستوى الواقع على تكريس إيذائها وهضم حقوقها، في ظل غياب الوعي الكافي بخطورة الظاهرة وضعف المناعة اللازمة لتحصين الطفولة ضدها. كما سجل البلاغ في ذات الصدد، تقاعس الدولة عن الاضطلاع بمسؤولياتها الثابتة في اتخاذ "جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية، والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية…"، كما تنص على ذلك الفقرة الأولى من المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل التي يعد المغرب طرفا فيها. وكما أوضح ذلك التعليق العام رقم 13 المتعلق ب "حق الطفل في التحرر من جميع أشكال العنف"، الصادر عن لجنة حقوق الطفل سنة 2011. ونددت الجمعية بالأحكام المخففة الصادرة في حق مستغلي الأطفال والطفلات جنسيا، ودعت إلى متابعة المشبه بهم ومعاقبتهم رغم تنازل أولياء الضحايا. كما طالبت الدولة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع كل أشكال العنف ضد الأطفال والطفلات والوقاية منه، من خلال وضع برامج في مجال الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية تراعي وتستحضر المصالح الفضلي لهم ولهن، ووضع آليات رادعة وفعالة للتحقيق في حالات الاغتصاب وكل أشكال العنف المادي والمعنوي ضد هذه الفئة، مع بلورة خطة وطنية شاملة لإعمال وتنفيذ مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب في يوليوز 1993 وملحقاتها. واعتبرت الجمعية الحقوقية أن الاغتصاب والاستغلال الجنسي والاستعمال الاستغلالي الجنسي للأطفال عنف قائم، مما يتطلب إعادة النظر في القانون الجنائي الذي يتحدث عن الاغتصاب بعنف أو بدون عنف. كما طالبت بالتنصيص قانونيا على جريمة البيدوفليا بشكل مستقل في القانون الجنائي، وتمكين خلايا العنف ضد النساء والأطفال المتواجدة بالمحاكم من كل الامكانيات والموارد للقيام بمهامها، مع ضرورة انفتاحها على المكونات والهيئة العاملة في مجال حماية حقوق الطفولة والنهوض بها. ولفتت الجمعية إلى ضرورة استحضار قضايا الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال ضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي بدل الارتكاز على المعالجة الزجرية التي تبدو بدورها ناقصة وعاجزة عن وقف زحف الظاهرة، والإسراع بحماية الأطفال المشردين من الاستغلال الجنسي والمخدرات والانحراف، وتوفير مراكز الرعاية وضمان حقهم في الصحة والتغذية والتعليم والعيش الكريم.