مع كل صباح من شتنبر، يتحول سوق "سيدي يوسف" الشعبي القريب من "سوق الأحد" في أكادير، إلى فضاء يعج بالحركة، حيث تعرض آلاف الكتب المدرسية المستعملة على الأرض، وسط مساومات بين بائعين وآباء يبحثون عن بدائل أقل كلفة لمصاريف الدخول المدرسي. في هذا السوق، يتراوح ثمن كتاب الرياضيات للسنة الأولى إعدادي بين 30 و50 درهماً، مقابل أكثر من 110 دراهم في المكتبات. أما كتب اللغات فتُباع ب20 إلى 40 درهماً، بينما يصل سعر الجديد منها إلى 90 درهماً فأكثر. ويقول مصطفى، أب لطفلين: "وفرت أكثر من 700 درهم بشراء الكتب من هنا بدل المكتبة، واستعملت المبلغ لاقتناء المحافظ واللوازم الأخرى".
البعض حول المبادرة إلى مورد رزق موسمي. عمر، بائع شاب، يوضح: "أشتري الكتب من الأحياء الشعبية وأرتبها حسب المستويات. خلال شتنبر وحده أربح ما يعادل راتب موظف متوسط". وفي المقابل، تشتكي سعاد، ربة بيت، من عدم توفر جميع العناوين: "أحياناً أشتري نصف القائمة من السوق والنصف الآخر من المكتبة. هذا العام دفعت 540 درهماً لكتب السنة الأولى ثانوي، بينما ثمنها الجديد يتجاوز 1250 درهماً". ويرى أساتذة أن المبادرة إيجابية لكنها تصطدم بتغيير المناهج. يقول الحسين أفراو، أستاذ تعليم ثانوي: "تدوير الكتب فكرة ممتازة، لكن الإصلاحات المتكررة تجعل نصف البضاعة غير صالح بين ليلة وضحاها". رغم هذه الصعوبات، يظل السوق فضاءً نابضاً بالحياة، يجمع بين الحاجة والتضامن، ويعكس الفجوة بين القدرة الشرائية للأسر والسياسات التعليمية، في وقت تستعد فيه ملايين العائلات المغربية لاستقبال موسم دراسي جديد.