في اعتراف غير مسبوق، أقر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق هرتسي هاليفي بأن قواته قتلت وأصابت أكثر من 200 ألف فلسطيني في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، أي ما يزيد عن 10% من سكان القطاع المحاصر. هذا الرقم الكارثي، الذي نقله تقرير لصحيفة غارديان البريطانية، يعادل تقريباً الحصيلة المعلنة من وزارة الصحة في غزة، والتي بلغت حتى 13 شتنبر 64,803 قتلى و164,264 جريحاً. اللافت أن هاليفي، رغم إقراره بالمجازر، حاول التغطية عليها بالقول إن الجيش الإسرائيلي "يعمل ضمن القانون الإنساني الدولي"، في تناقض صارخ مع الوقائع التي توثقها المنظمات الحقوقية الدولية، والتي تؤكد أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عبر القصف العشوائي، استهداف المدنيين، وسياسة التجويع الممنهج.
تسريبات استخباراتية إسرائيلية أشارت بدورها إلى أن 80% من الضحايا حتى ماي الماضي كانوا من المدنيين، وهو ما يكشف الطبيعة الحقيقية للحرب باعتبارها حرب إبادة وتطهيراً عرقياً أكثر من كونها مواجهة عسكرية. هاليفي نفسه صرح أمام مستوطنين أن الجيش "نزع القفازات منذ الدقيقة الأولى" في غزة، ملمحاً إلى أن إسرائيل كان عليها أن تستخدم القوة المفرطة قبل هجوم 7 أكتوبر. هذه العبارات، التي تكاد توازي اعترافاً بالنية المسبقة لتدمير القطاع، تمثل دليلاً إضافياً على أن القيادة العسكرية الإسرائيلية كانت تدير حرباً بلا أي ضوابط، رغم محاولاتها إقناع الخارج بوجود "رقابة قانونية". العام الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم تشمل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة. ومع اعتراف هاليفي الأخير، تتأكد مسؤولية إسرائيل الرسمية عن حرب الإبادة الجماعية التي حوّلت القطاع إلى مقبرة مفتوحة، وسط صمت دولي يرقى إلى التواطؤ.