قررت ثماني بلديات فرنسية، من بينها العاصمة باريس، ومدن ليل وليون، تعليق إدراج سمك التونة في الوجبات المدرسية بسبب مخاطر التلوث بالزئبق. وطالبت هذه البلديات بخفض الحد المسموح به إلى 0.3 ملغ/كغ، كما دعت إلى اتخاذ إجراء وطني وأوروبي في هذا الصدد. ومع الدخول المدرسي الجديد لسنة 2026/2025، اتخذت ما لا يقل عن ثماني بلديات فرنسية (باريس، ليل، ليون، بيغل، غرونوبل، مونبلييه، موا سانت سور، ورين) قراراً جذرياً يقضي بالتعليق المؤقت لإدراج سمك التونة في الوجبات المدرسية بسبب مخاطر التلوث بالزئبق. وقد أُعلن عن هذا القرار في بلاغ أُرسل إلى إذاعة France Inter ، وذلك عقب التحذير الذي أطلقته في أكتوبر 2024 كل من منظمتَي Bloom و Foodwatch، حيث كشفتا عن تلوث مقلق لسمكة التونة المعلبة بهذا المعدن الثقيل والسام. بعد مرور ما يقارب سنة على هذا التحقيق، أعربت المدن المعنية عن أسفها لغياب أي تحرك من طرف المسؤولين السياسيين وشركات صناعة التونة. وجاء في البيان: «لم تُتخذ أي إجراءات من قبل المسؤولين السياسيين على المستويين الوطني والأوروبي ولا من قبل صناعة التونة لحماية المستهلكين، وخاصة الأطفال». ولذلك قررت البلديات الثماني سحب منتجات التونة من المقاصف المدرسية إلى أن يتم اتخاذ تدابير ملموسة. وترهن البلديات إعادة إدراج التونة في الوجبات بمراجعة المعايير الأوروبية. وجاء في البيان: «لن يُعاد النظر في هذا الإجراء ما لم يتم خفض الحد الأقصى المسموح به من الزئبق في التونة إلى النسبة الأكثر صرامة المعتمدة بالنسبة للأسماك، أي 0.3 ملغ/كغ»، وهو البيان الموقع من طرف رؤساء البلديات أو نوابهم المكلفين بملف التغذية. وتدعو هذه البلديات وزارة الصحة ووزارة الفلاحة إلى الدفاع عن مطلب خفض النسبة في بروكسل لدى المفوضية الأوروبية، مع حث الحكومة والبرلمانيين الفرنسيين على حظر تسويق التونة التي تتجاوز نسبة 0.3 ملغ/كغ من الزئبق على المستوى الوطني. من جهتها، ترفض الفيدرالية الفرنسية لصناعات الأغذية المعلبة (Fiac) هذه الاتهامات، معتبرة أن تحقيق المنظمات غير الحكومية «منحاز ومقصود لإثارة القلق». وأكدت الفيدرالية أن «استهلاك التونة المعلبة لا يشكل خطراً على الصحة، وأن المنتجات المعروضة على المستهلكين تحترم بدقة التشريعات الفرنسية والأوروبية.». ونقلت قناة بي بي سي، عن عدد من العلماء، أن مستويات الزئبق لا تزال موجودة في سمك التونة عبر العالم، وذلك بعد عقود من تطبيق ضوابط للحد من التلوث ومن الانبعاثات. وينطلق هذا العنصر السام عن طريق التعدين وحرق الفحم وكذا مناجم الذهب والفضة، حيث ينتهي بالزئبق المستعمل في هذه المناجم إلى أعماق المحيط، حيث يتراكم في الأسماك. ويتحول الزئبق الذي يدخل النظم البحرية إلى ميثيل الزئبق، وهو أخطر أشكال هذه المواد الكيميائية. ويشكل الزئبق بشكل خاص تهديدا على الأطفال الذين لم يولدوا بعد، والأطفال الصغار، كما تم ربطه أيضا بأمراض القلب والأوعية الدموية، فضلا عن استهدافه للجهاز العصبي والجهاز الهضمي والكلى، والجهاز المناعي لدى البالغين.