عيّن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأحد، سيفي غريب وزيراً أول بشكل رسمي، بعد أسابيع من تكليفه بتسيير المنصب بالنيابة إثر إقالة نذير العرباوي في 28 غشت الماضي، في خطوة تعكس استمرار حالة عدم الاستقرار التي تطبع رأس السلطة التنفيذية في الجزائر منذ سنوات. وذكر بيان للرئاسة الجزائرية أن تبون استقبل غريب في قصر المرادية، وكلفه بتشكيل الحكومة الجديدة. وأكد الوزير الأول الجديد التزامه بالعمل الميداني والتشاور مع مختلف الفئات الاجتماعية "تماشياً مع برنامج رئيس الجمهورية وخدمةً للجزائر".
التعيين الرسمي يضع حداً للجدل الذي أثارته صيغة "وزير أول بالنيابة"، إذ اعتبر بعض رجال القانون أن الدستور لا ينص على هذا المنصب، فيما رآه آخرون مجرد توصيف مؤقت لا ينتقص من صلاحيات الوزير الأول. ويأتي هذا التعيين في ظرف اجتماعي حساس، إذ تزامن مع حادثة سقوط حافلة في وادي الحراش بالجزائر العاصمة، وما كشفت عنه من ثغرات في التسيير والخدمات العمومية، إلى جانب مطالب اجتماعية متصاعدة مرتبطة بالقدرة الشرائية وتنظيم السوق الوطنية. منذ 2019، لم يعمّر أي وزير أول أكثر من عامين، بدءاً بعبد العزيز جراد، مروراً بأيمن بن عبد الرحمن، ثم نذير العرباوي، وصولاً إلى سيفي غريب، وهو تكنوقراطي شغل سابقاً حقيبة الصناعة ويحمل دكتوراه في الفيزياء. يأتي تعيين غريب في سياق إقليمي معقد، حيث تشهد العلاقات الجزائرية–المغربية قطيعة دبلوماسية منذ 2021 على خلفية ملفات إقليمية وأمنية. ويعتبر المراقبون أن توالي التغييرات الحكومية في الجزائر يعكس محاولة السلطة امتصاص الاحتقان الداخلي، لكنه يضعف في المقابل صورة الاستقرار السياسي في مواجهة تحديات خارجية، خصوصاً في ظل تنافس الرباطوالجزائر على النفوذ في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل. كما يتزامن القرار مع دخول اجتماعي واقتصادي صعب على مستوى المنطقة المغاربية، حيث تواجه الجزائر والمغرب تحديات متشابهة تتعلق بالبطالة، التضخم، وضغوط الإصلاحات الاقتصادية، وإن اختلفت مقاربات الحكومتين في التعاطي معها. الوزير الأول الجديد مدعوّ إلى معالجة ملفات عاجلة، أبرزها تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، الاستجابة للمطالب الاجتماعية المتزايدة، وضبط السوق الوطنية، إلى جانب تفعيل مشاريع اقتصادية كبرى تعوّل عليها الرئاسة لتعزيز الإيرادات خارج قطاع المحروقات. كما سيظل تحت مجهر الرأي العام في ظل سوابق التغييرات المتكررة على رأس الحكومة.