أثارت منظمات غير حكومية، الجمعة خلال الدورة ال60 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، انتباه المجتمع الدولي إلى استمرار ممارسات العبودية في مخيمات تندوف. ونددت الخبيرة القانونية لوسيا فيريرا بيريا، خلال الحوار التفاعلي مع المقرر الخاص المعني بأشكال الرق المعاصرة، بواقع العبودية الوراثية وبالتمييز العنصري المستمر بهذه المخيمات التي تديرها جماعة "البوليساريو" المسلحة. وفي كلمة باسم "المركز المستقل للأبحاث والمبادرات من أجل الحوار" (CIRID)، استشهدت السيدة بيريا بوضعية الشاب الصحراوي محمد سالم، الذي منع من الزواج بسبب أصله العائلي. ووصفت الوضع بأنه "انتهاك صارخ للكرامة الإنسانية"، داعية مجلس حقوق الإنسان إلى إجراء تحقيق مستقل حول هذه الممارسات. من جهته، استشهد مصطفى ماء العينين، عن "اللجنة الدولية لاحترام وتطبيق الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" (CIRAC)، بشهادات "لاجئين" صحراويين سابقين أفادوا بتعرضهم لتمييز ممنهج. واتهم جبهة "البوليساريو" باستخدام هذه الممارسات للإبقاء على سيطرتها الاجتماعية والسياسية على سكان المخيمات، في انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية المتعلقة بإلغاء العبودية. كما دعا ماء العينين المقرر الخاص إلى القيام بزيارة ميدانية وإدراج هذه الانتهاكات ضمن تقريره المقبل إلى المجلس. وشدد المتحدثان على الحاجة الملحة لضمان الحق الأساسي لضحايا مخيمات تندوف في الحرية والكرامة والعدالة. من جهة أخرى، أكد متدخلون خلال هذه الدورة، على أهمية التنفيذ الفعلي للحق في التنمية، مشيدين، في هذا الصدد، بالتقدم الكبير الذي تم إحرازه في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية في مجال التنمية. وفي مداخلته، خلال الحوار التفاعلي مع آلية الخبراء المعنية بالحق في التنمية، أبرز الداهي أهل الخطاط، متحدثا باسم المنظمة غير الحكومية الإيطالية "Il Cenacolo"، النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه المغرب سنة 2015، وما رافقه من دينامية استثمارية. وأشار أهل الخطاط إلى الأثر الملموس لهذا النموذج على الحياة اليومية للسكان المحليين، خاصة في مجالات التعليم والصحة والبنيات التحتية وإحداث فرص الشغل، مشددا على أن هذه السياسات تضع المواطن في صلب الأولويات. وفي هذا السياق، ذكر أهل الخطاط بأن هذه المنجزات، التي أقرتها تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، تعكس إرادة ترسيخ تنمية مستدامة وعادلة وشاملة في المنطقة. وفي مقابل هذه الدينامية، أعرب المتدخل عن قلقه البالغ إزاء وضعية السكان الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف (جنوب-غرب الجزائر)، المحرومين من حقوقهم الأساسية. وأدان غياب ممارسة الحق في التنمية داخل هذه المخيمات، التي تديرها جماعة مسلحة في إطار خارج عن سيادة القانون. وتطرق المتحدث، بشكل خاص، إلى القيود المفروضة على حرية التنقل، والولوج إلى سوق الشغل، والملكية أو الاستقرار خارج المخيمات، فضلا عن رفض إحصاء هذه الفئات السكانية من طرف الهيئات الإنسانية المختصة، داعيا المجلس إلى إيلاء اهتمام عاجل لهذه الوضعية الإنسانية المقلقة. وفي إطار أوسع، تناولت ممثلة منظمة "تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعي غير الحكومية، عائشة الدويهي، التحديات المستمرة في بعض مناطق العالم، لا سيما في إفريقيا، حيث ما تزال الآثار المترابطة للتغير المناخي والنزاعات المسلحة وانعدام الاستقرار تعيق التمتع الكامل بالحق في التنمية. وأكدت الدويهي أنه رغم الجهود المبذولة في عدد من البلدان، ما تزال هناك فوارق كبيرة في ما يتعلق بالولوج العادل إلى التعليم، والصحة، والمشاركة الاقتصادية، داعية إلى تعزيز الحكامة الشاملة والتعاون الإقليمي. كما جدد المتدخلان التأكيد على أن الحق في التنمية يعد حقا أساسيا ينبغي أن تستفيد منه جميع الشعوب، دون تمييز أو إقصاء، في إطار يحترم المعايير الدولية، وكرامة الإنسان، ومتطلبات العدالة الاجتماعية.