بعد أشهر من الانتظار وانتهاء الأشغال، عاد ملف سوق مطاعم السمك المُعاد تأهيله عند مدخل ميناء أكادير ليُثير توتراً كبيراً. فبين تأخر الافتتاح، والجدل حول معايير توزيع المحلات، وتهديدات بالنقل إلى موقع آخر، قرر المهنيون الدخول في حركة احتجاجية، معتبرين أن غياب الشفافية يهدد الطابع الأصلي لهذا الفضاء الذي يعد معلمة بارزة للمدينة. ووفق معطيات حصل عليها موقع "لكم"، فإن مطاعم السمك المتواجدة عند مدخل الميناء باشرت خطوات احتجاجية ضد الجماعة، بسبب الغموض الذي يلف مستقبل السوق الجديد الذي أُعيد تأهيله بكلفة 27.4 مليون درهم.
وشُيد السوق على مساحة 1.3 هكتار في الموقع الذي كان يحتضن لسنوات مطاعم غير مهيكلة، ويضم 117 مطعماً، بينها 78 مع شرفات في الطابق الأرضي و39 في الطابق العلوي، إضافة إلى ساحة واسعة، وفضاء للشواء، وركن للقراءة، ومناطق للراحة. وكان الهدف من المشروع توفير فضاء عصري ومنظم يرقى إلى مكانة أكادير السياحية والذوقية، غير أن الأشغال، رغم اكتمالها منذ أشهر، لم تُتَوَّج بالافتتاح الموعود. فالموعد الذي كان محددا لبداية شتنبر أُجِّل بسبب خلافات بين المهنيين والشركة الجهوية المكلَّفة بالتسيير، خصوصاً حول معايير الاستفادة من المحلات الجديدة. واقتصرت الدعوة إلى الاجتماع على أصحاب المطاعم التي كانت مشيَّدة بشكل دائم قبل الهدم، فيما جرى استبعاد المطاعم ذات البنيات الخفيفة التي اعتُبرت "عشوائية". وقد اعتبر المهنيون ما حصل "خطوة تمييزية"، إذ يخشون أن يكون الهدف تقليص عدد المستفيدين لإعادة توجيه جزء من السوق نحو أنشطة تجارية أخرى، مثل بيع الزهور أو المنتجات المتنوعة، وهو ما يرونه مساساً بالوظيفة التاريخية للمكان، وهي بيع وتذوق السمك. كما كشف المهنيون عن معطيات تفيد بأن الجماعة الترابية لأكادير والسلطات المحلية تدرس إمكانية نقلهم إلى موقع آخر بشارع عبد الرحيم بوعبيد، بدل تثبيتهم في السوق الجديد، وهو ما اعتبروه محاولة ل"الترحيل القسري" الذي سيحرمهم من الجاذبية السياحية لموقع الميناء. أمام هذه التطورات، نظم أصحاب المطاعم أولى وقفاتهم الاحتجاجية، يوم الأربعاء، أمام المقر السابق لبلدية أنزا، معلنين بداية خطوات تصعيدية للمطالبة بفتح السوق الجديد فوراً وتمكين المستفيدين الأصليين من محلاتهم. وبحسب الشروط التي وضعتها اللجنة الإدارية، فقد حُدِّد ثمن كراء المحلات في 800 درهم شهرياً، إضافة إلى 50 درهماً للمتر المربع شهرياً للمساحة الداخلية، و30 درهماً للمتر المربع كل ثلاثة أشهر بالنسبة لاستغلال الفضاء العمومي (الشرفات). ورغم هذه التسعيرة التي وصفها المهنيون بالمقبولة، ما تزال الأزمة تراوح مكانها، فالقضية، بالنسبة إليهم، تتجاوز الكلفة المادية إلى مسألة الشفافية والإنصاف في التدبير، حيث يخشون أن يتحول السوق، الذي صُمم لتعزيز التراث الذوقي للمدينة ودعم جاذبيتها السياحية، إلى بؤرة توتر جديدة.