استنكرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بشدة ما شهدته العديد من المدن، أمس الأحد، من تدخلات قمعية، ومطاردات وحصار ومنع من التجوال والتنقل والتفتيش، واعتقالات تعسفية، طالت عددا كبيرا من المواطنين والمواطنات، خاصة الشباب الذين شاركوا أو كانوا يعتزمون، في الوقفات الاحتجاجية التي دعت إليها مجموعة "genz212″، ضد تدهور الأوضاع الاجتماعية. وقالت الجمعية في بلاغ لمكتبها المركزي إن محيط الساحات التي تحتضن الوقفات، عرفت إنزالا أمنيا مكثفا وتطويقا شاملا، تخللته عمليات تمشيط واسعة النطاق، أسفرت عن اعتقالات جماعية، طالت عددا كبيرا من المواطنين بكل من البيضاء والرباط وسوق السبت، وطنجة وتطوان، وأكادير ومكناس ومراكش وأسفي وطاطا وغيرها… لم تحترم فيها المعايير الدولية المعتمدة فيما يهم الحق في التجمع والتظاهر السلمي باعتباره حقا غير قابل لأي منع أو تضييق.
وأضافت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب أنه تم خلال هذه العمليات منع المواطنين من ارتياد الفضاءات العمومية، والتضييق على حركة التنقل، في سلوك لا يمكن وصفه إلا بالحصار الموغل في الإفراط في استحضار المقاربة الأمنية، الذي طال حتى غير المشاركين في الاحتجاجات. وما يزيد من خطورة هذه التدخلات، حسب الجمعية، هو عدم احترام أدنى شكليات فض التظاهر وممارسة الاعتقال، في خرق سافر للضمانات الدنيا التي يفترض أن تحكم أي إجراء يمس الحرية الفردية. وأكد حقوقيو الجمعية أن هذا التدخل الأمني الذي سبق حتى انطلاق الوقفات، يشكل خرقا سافرا للحقوق والحريات الأساسية، وعلى رأسها الحق في التعبير، والحق في التجمع السلمي، وحرية التنقل، وهي حقوق ثابتة لا يمكن الحديث بدونها عن تحقق أبسط قواعد الديمقراطية ودولة الحق والقانون. وأدانت الجمعية بشدة هذه التدخلات القمعية، واعتبرتها انتهاكات مفضوحة للحقوق والحريات، ومؤشرا خطيرا على التدهور المتسارع في وضعية الحريات العامة، وطالبت بالإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة المعتقلين، ووقف أي إجراء من شأنه تقييد حرياتهم. كما حمّلت الدولة المغربية مسؤولية تبعات حركتها الموغلة في المقاربة القمعية، وطالبت بالوقف الفوري لسياسات القمع والترهيب التي تستهدف الأصوات المطالبة بالحقوق، وكل الحركات الاحتجاجية. ونبهت الجمعية إلى خطورة هذا المنحى السلطوي الاستبدادي، الذي يعبر عن غياب أية إرادة سياسية لدى الدولة للتجاوب مع المطالب الأساسية لعموم الشعب، ودعت كافة القوى الديمقراطية والحقوقية إلى التصدي الجماعي لهذا التراجع غير المسبوق في مجال الحريات العامة، ومواجهة تغول السلطوية ومحاولاتها خنق الحريات ومصادرة حرية التعبير والحق في التظاهر.