أعلنت الشرطة الإسرائيلية، مساء الأحد، العثور على المدعية العسكرية العامة السابقة، يفعات تومر يروشالمي، على قيد الحياة وبصحة جيدة، بعد ساعات من اختفائها الغامض في منطقة تل أبيب، في حادثة أعادت تسليط الضوء على الانقسامات العميقة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وقالت الشرطة في بيان إن فرقها عثرت على يروشالمي "سالمة وبصحة جيدة" بعد عمليات بحث واسعة شاركت فيها وحدات من الجيش والشرطة، إثر العثور على سيارتها خالية ورسالة يُعتقد أنها وداعية في منزلها.
وكانت وسائل إعلام عبرية قد أفادت في وقت سابق بأن يروشالمي، التي أُقيلت من منصبها قبل أيام بسبب تسريب مقطع مصوّر من قاعدة "سدي تيمان" في صحراء النقب يُظهر تعذيبًا واعتداءً جنسيا على أسير فلسطيني، فُقد أثرها منذ صباح الأحد. فضيحة "سدي تيمان" وتداعيات داخلية أثار الفيديو المسرب موجة صدمة وغضب في الداخل الإسرائيلي، بعدما وثّق مشاهد وُصفت بأنها "مروّعة" من معاملة الأسرى الفلسطينيين، ما دفع السلطات إلى إقالة المدعية العسكرية التي كانت تشرف على التحقيقات في هذه القضايا. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر عسكرية أن رئيس الأركان إيال زامير أمر بتسخير جميع الموارد للعثور على يروشالمي، مشيرة إلى أنه فقد "الثقة في الجهاز القانوني العسكري" بعد توالي التسريبات والخلافات الداخلية. ويقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني، بينهم نساء وأطفال، يعانون، بحسب منظمات حقوقية، من ظروف قاسية تشمل التعذيب والإهمال الطبي، وهو ما أدى إلى وفاة عدد منهم في الأشهر الأخيرة. ضغوط وتحريض سياسي وذكرت صحيفة "هآرتس" أن يروشالمي شعرت في الأسابيع الأخيرة بأنها "مستهدفة سياسيا ومطاردة إعلاميا"، بعد حملة تحريض قادها سياسيون من اليمين المتطرف اتهموا النيابة العسكرية بمحاولة "تجريم الجنود" في أثناء الحرب على غزة. ونقلت الصحيفة عن ضباط في الاحتياط قولهم إن المدعية السابقة "تجنبت الخوض في ملفات حساسة" تتعلق باستخدام المدنيين كدروع بشرية أو قصف المنشآت المدنية، خشية التحريض ضدها من قِبل أوساط حكومية ونيابية قريبة من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. انتقادات داخلية ومخاوف من الملاحقات الدولية ويرى محللون أن القضية كشفت حجم التآكل في استقلالية الجهاز القضائي العسكري الإسرائيلي تحت ضغط التيار اليميني، وتزايد القلق من الملاحقات الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة. وكتب المحلل العسكري عاموس هرئيل في "هآرتس" أن قضية "سدي تيمان" تمثل "اختبارًا حقيقيًا لمصداقية الجيش أمام المجتمع الدولي"، محذّرًا من أن "التستر على الجريمة قد يضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع المحكمة الجنائية الدولية". بدوره، وصف يوسي يهوشوع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" القضية بأنها "زلزال قانوني وأخلاقي غير مسبوق"، مشيرًا إلى أن "أزمة الثقة التي انفجرت داخل الجيش قد تكون الأعمق منذ عقود، وتمتد من الميدان إلى أعلى المستويات السياسية والعسكرية".