نشرت الجريدة الرسمية في عددها الأخير القرار المشترك رقم 2499.25، الصادر عن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، والذي يقضي بتغيير وتتميم مقتضيات القرار المشترك السابق رقم 2221.24 المتعلق بتحديد مقدار المنحة المخولة لأطر التدريس وباقي الموظفين العاملين بمؤسسات التربية والتعليم العمومي الحاصلة على علامة "مؤسسة الريادة"، وعدد المؤسسات المعنية وكيفيات صرف هذه المنحة. ويأتي هذا القرار في سياق تنزيل إصلاحات هيكلية يشهدها قطاع التربية الوطنية، في إطار خارطة الطريق 2022-2026، التي جعلت من "مؤسسات الريادة" رافعة لتحسين جودة التعلمات، وتعزيز الحكامة التربوية، وتحفيز الموارد البشرية باعتبارها عنصرا محوريا في أي إصلاح تعليمي.
وبحسب نص القرار، فإن التعديل همّ أساسا المادة الثانية من القرار المشترك السابق، حيث أُعيد تحديد الفئات المستفيدة من المنحة داخل المؤسسات الحاصلة على علامة "مؤسسة الريادة". ولم تعد الاستفادة مقتصرة على أطر التدريس، بل شملت فئات أوسع، من بينها أطر هيئة الإدارة التربوية والتدبير، وأطر هيئة التفتيش والتأطير والمراقبة والتقييم المؤطرون لمؤسسات الريادة، إضافة إلى منسقي البرامج على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ونظرائهم على مستوى المديريات الإقليمية. ويرى متابعون أن هذا التوسيع يعكس توجها رسميا نحو اعتماد مقاربة شمولية في التحفيز، تعترف بدور مختلف المتدخلين في إنجاح نموذج "مؤسسات الريادة"، وتتجاوز النظرة التي تحصر الأداء التربوي في المدرس داخل الفصل. ويُفهم من القرار أن المنحة لا تُقدَّم باعتبارها إجراء ماليا صرفا، بل كأداة تحفيزية تروم تعزيز انخراط مختلف الأطر التربوية والإدارية في إنجاح التجربة، وتحقيق أهداف مرتبطة بالرفع من مستوى التعلمات، وتقليص الفوارق، وتحسين مؤشرات النجاعة الداخلية للمؤسسات التعليمية. كما أن ربط الاستفادة بالحصول على علامة "مؤسسة الريادة" يكرّس منطق التحفيز مقابل الأداء، ويعزز ثقافة التميز داخل المدرسة العمومية، من خلال اعتماد الجودة معيارا في توزيع الامتيازات. ونص القرار المشترك على دخوله حيز التنفيذ ابتداء من السنة الدراسية 2024-2025، بما يتيح للأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية هامشا زمنيا لاستكمال المساطر التنظيمية، وضبط لوائح المستفيدين، وتفادي أي ارتباك في عملية الصرف. ويرى فاعلون في الشأن التربوي أن نجاح هذا الإجراء يظل رهينا بضمان الشفافية والإنصاف في تحديد المستفيدين، وربط المنحة بمؤشرات أداء دقيقة وقابلة للقياس، تفاديا لتحويلها إلى إجراء شكلي يفقد أبعاده الإصلاحية. ويعكس القرار المشترك رقم 2499.25، في المحصلة، توجها حكوميا نحو تثمين الرأسمال البشري داخل المدرسة العمومية، والاعتراف بتعدد الأدوار المساهمة في إنجاح الإصلاح التربوي، في إطار مسار يوصف بالمعقد لكنه ضروري لإعادة الاعتبار للمؤسسة التعليمية العمومية.