وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" الشعب يريد الشمة والفنيد" والإعلان عن بداية إفلاس جميع المقاربات السلطوية
نشر في لكم يوم 10 - 06 - 2011

المتتبع لمسار العلاقة بين الدولة ممثلة في السلطات الأمنية و وزارة الداخلية من جهة ، و حركة 20 فبراير من جهة ثانية ، سيلاحظ أن هذه العلاقة قد تحولت مؤخرا إلى رهان قوة بين الطرفين. فمند ما قبل يوم20فبراير ، التاريخ الذي نزل في الشباب المغربي إلى الشارع، للتظاهر ضد الاستبداد والفساد بكل تجلياتهما السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فبعدما استطاعت هذه الحركة الاحتجاجية أن تخلق حراكا سياسيا واجتماعيا كبيرا، عملت الدولة على احتواء أثرها السياسي ، من خلال فتح ورش الإصلاح الدستوري، وسعت إلى امتصاص مفعولها الاجتماعي، بفتح باب الحوار الاجتماعي، الذي انتهى بزيادات في رواتب الموظفين بالقطاع العام والخاص، وحاولت محاصرتها ميدانيا بفسح المجال أمام التيار السلفي بالنزول للشارع ، لتعمل بعد فشل جميع المحاولات السابقة ،على مواجهتها بالقمع الأمني. وسيلاحظ المراقب لما يجري أن سلطات وزارة الداخلية، قد سلكت في تعاملها مع هذه التظاهرات أساليب متعددة ومتنوعة، تختلف وسائلها وتتطور أدواتها، حسب تطور هذه الحركة الاحتجاجية، سواء في تعاظم حجم تظاهراتها و اتساع رقعتها (عدد المدن) و حسب المنحى التصاعدي لسقف مطالبها. وانضمام الفئات الاجتماعية الاخرى إليها. و يمكن تتبع تطور هذه الأساليب المخزنية ، والكشف عن أهدافها عبر أربعة مراحل :
المرحلة الأولى: كانت السلطات الأمنية قبل حوالي شهر من يوم20فبراير2011، قد لجأت إلى المحاصرة الإعلامية لحركة 20فبراير، خاصة على الانترنيت في المواقع الاجتماعية ( فايسبوك – توتير) و مواقع الفيديو ( يوتوب – دايلي موشن) ، حيث تم تجنيد العديد من المجوعات والأفراد من أجل تشويه نشطاء الحركة ، من خلال ربطهم تارة بمرتزقة البوليساريو ، بالحركات التنصيرية ، وتارة بنعتهم ورميهم بالشذوذ الجنسي وبأكل رمضان وغيرها من السلوكات المشينة، هذا دون الحديث عن عمليات قرصنة الحسابات الفايسبوكية للعديد من النشطاء في هذه المواقع الاجتماعية. و أخذت المحاصرة الإعلامية طابعا رسميا في ليلة 20 فبراير2011 ، عندما أشارت وسائل الإعلامية الرسمية إلى إلغاء تظاهرات 20فبراير، كما تم بث إشاعات في الأوساط الشعبية بعدم قانونية التظاهرات، وفي مساء يوم 20 فبراير، ورغم عدم تدخل السلطات الأمنية لمنع التظاهرات ، فإنها مقابل ذلك سمحت لفلول من أصحاب السوابق و "البلطجية" ، الذي يستغلون من طرف سماسرة الانتخابات في العديد من المدن ، بتخريب ونهب الممتلكات العمومية والخاصة في العديد من المدن، وكان هدف السلطات من ذلك هو اعتقال العديد من المشاركين في التظاهرات، وتقديمهم للمحاكمات ، و برأهم القضاء فيما بعد ، اظافة الى تشويه صورة متظاهري حركة 20فبراير، وتقديمها للرأي العام كحركة فوضوية، و كخطر على أمن الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة. سياسة المحاصر الإعلامية هذه لم تؤت أكلها ، حيث استطاع الشباب المناصر لحركة 20فبراير التفوق على الحملات الإعلامية وتجاوزها. بعد ذلك كانت السلطات الأمنية تراهن على الخطاب الملكي ليوم 09 مارس2005 ليقوم بدور كبير في الحد من امتداد حركة 20 فبراير ، حيث فتحت أمام العديد من نشطاءها البرامج الحوارية في القنوات التلفزية العمومية لمناقشة مضامين الخطاب الملكي ، و ما يطرحه من وعود بالإصلاحات الدستورية، بهدف امتصاص حالة الاحتقان والغضب الشعبي الذي تعبر عنه هذه الحركة، هذا ما جعل الكثيرين يتساءلون عن جدوى التظاهرات الاحتجاجية الأسبوعية والشهرية للحركة بعد الوعود التي قدمت في الخطاب الملكي للتاسع من مارس.
خلال هذه المرحلة كذلك عرف المغرب في كل مدنه وقراه "تسونامي" من البناء العشوائي، حيث اختفى المقدمين والشيوخ من الأزقة والأحياء، كما تبخرت دوريات الوكالات الحضرية و السلطات المحلية والجماعات المحلية ، المكلفة بمراقبة البناء العشوائي، كما تم السماح للتجار المتجولين باكتساح كل أزقة وشوارع المدن الكبيرة والصغيرة، و ساحاتها العمومية، وذلك تجنبا لكل ما من شأنه أن يثير غضب السكان ، الذي على وشك الانفجار، خاصة إذا ما اقترب منهم فتيل حركة 20 فبراير.
المرحلة الثانية : بعدما تبين لوزارة الداخلية استمرار التظاهر بعد الخطاب الملكي ،خاصة خلال محطة 20 مارس 2011 ، التي عرفت تطورا مهما سواء من حيث حجم التظاهرات، أو من حيث اتساع رقعتها الجغرافية ، وبعدما لاحظت السلطات الأمنية الحضور الكبير لجماعة العدل والإحسان واليسار الجذري في التظاهرات الاحتجاجية ، وفي النواة التنظيمية لحركة 20فبراير ، وبعد فشلها في سياسة المحاصرة الإعلامية للحركة الاحتجاجية، فكرت السلطات في حل جديد يمكنها من مواجهة هذه الحركة الاحتجاجية ، ولن يكون سوى التيار السلفي ، بحكم عداءه القوي لجماعة العدل والإحسان ولكل ما هو حداثي – كما يعتقد- فعملت السلطات على توظيف التيار السلفي في مواجهة هذه الحركة الاحتجاجية، بعد إطلاق سراح العديد من المعتقلين على خلفية أحداث 16 ماي، و في مقدمتهم الشيخ الفيزازي، يوم 14 أبريل2011 ، وعودة الشيخ المغراوي من منفاه الاختياري بالسعودية ، حيث عملت العديد من المنابر الصحافية القريبة بعض مراكز السلطة على استغلال بعض تصريحات الشيخ الفيزازي والشيخ المغرواي في ضرب حركة 20فبراير ، إلا أن الشيخين كان واعيين بالنوايا السيئة لتلك المنابر ، حيث عملا على توضيح مواقفهما بشكل واضح في العديد من الندوات، مما سحب من السلطات المخزنية ورقة أخرى من الأوراق التي كانت عازمة على توظيفها في مواجهة حركة 20فبراير. في الوقت الذي انضم فيه الكثير من السلفيين (من المفرج عنهم و من عائلات المعتقلين منهم) إلى تظاهرات حركة 20فبراير في العديد من المدن المغربية ، خاصة يوم الأحد 24 أبريل2011، مما كان ايدانا بحصول تحول في مسار حركة 20فبراير. اذ عرفت التظاهرات تطورا نوعيا من حيث الفئات الاجتماعية التي بدأت تلتحق بها، و من حيث وضوح وصراحة المطالب والإصلاحات التي تنادي بها، خاصة في المجال الدستوري ، حيث رفعت شعارات من قبيل "الدساتير الممنوحة في المزابل مليوحة "، و في المجال الحقوقي ، حيث طغت المطالب الحقوقية على باقي المطالب الأخرى ، إذ شملت المطالب إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، وخاصة الذين اعتقلوا على خلفية أحداث 16 ماي الإرهابية، والإسراع بإغلاق معتقل تمارة الرهيب ،بل برمجت وقفة احتجاجية أمام هذا المعتقل يوم الاحد15 ماي 2011 ، إلى جانب المناداة بمحاسبة الجلادين، ومحاكمة المفسدين ، الذين رفعت صورهم و رددت أسماءهم في الشعارات خلال التظاهرات. وبرفع حركة 20 فبراير لشعارات إطلاق سراح المعتقلين على خلفية أحداث 16 ماي 2003 ، تمكنت من نزع ورقة التيار السلفي من السلطات الأمنية، واستخدامها ضدها، حيث انضم السلفيون إلى تظاهرات 20فبراير بقوة في العديد من المدن، معبرين بذلك عن وعيهم بما تسعى الدولة اليه من الإيقاع بينهم وبين باقي الأطراف السياسية والاجتماعية. رهان الدولة على السلفيين في كبح جماح حركة 20فبراير كان خاسرا،. وهذا ما جعل السلطات تبحث عن ورقة ثالثة لسحب البساط من هذه الحركة الاحتجاجية المتنامية.
المرحلة الثالثة: مباشرة بعد فشل السلطات الأمنية والمنابر الإعلامية المقربة منها في توظيف ورقة السلفيين في مواجهة النواة الصلبة للحركة الاحتجاجية، المكونة من العدل و الإحسان و فصائل اليسار الجذري، جرت رياح التغيير بما لا تشتهي سفن المتحكمين في زمام القرار الأمني: فبدل أن يقف السلفيون في وجه الحركة الاحتجاجية ، كما كانت تريد وتسعى السلطات الأمنية ، أصدر هؤلاء تصريحات مؤيدة لحركة 20 فبراير(بيان أبو حفص من السجن) ، و التحقوا بها في محطة 24 أبريل2011، مخيبين أمال الجهات الأمنية، التي كانت تعتقد أنها قد عثرت على الوصفة السحرية لمواجهة حركة 20فبراير،بعد ذلك بأربعة أيام ، سيفاجئ الجميع بتفجير مراكش الإرهابي ،يوم 28 أبريل2011 ، الذي أودى بحياة العديد من الأبرياء، هذا التفجير الذي فهم على أن الواقفين وراءه أرادوا توجيه رسالة إنذار إلى التيار السلفي ، الذي لم يكن عند حسن ظن المتحكمين في زمام الأمور ، خاصة بعد التحاقه بحركة 20فبراير، يوم الأحد 24 أبريل 2011 ، فجاء هذا الحادث الإرهابي لتذكير التيار السلفي بتداعيات أحداث 16 ماي 2003 ، التي دفع السلفيون ثمنها غاليا، كما تزامن هذا الحادث ، بشكل غريب ، مع اعتقال الصحفي المشاكس رشيد نيني، الذي انخرط بقوة في مساندة حركة 20فبراير، من خلال عموده اليومي، و تغطية جريدته الكبيرة لتظاهراتها، بعد ما كان مترددا في ذلك قبل انطلاق الحركة الاحتجاجية، إلى جانب إثارته للعديد من ملفات الفساد على صفحات الجريدة ، التي شكلت أرشيفا لجمع المعطيات حول ملفات الفساد بالمغرب للعديد من تنسيقيات حركة 20فبراير. بعد ذلك لم يبقى أمام المتحكمين في زمام الأمور بالبلاد سوى إعطاء الإشارة لحكومة عباس الفاسي بالعمل على إسراع وثيرة الحوار الاجتماعي مع النقابات ، من اجل الخروج بإجراءات عملية سريعة ، قد تساعد في وقف أو الحد من القوة التعبوية لحركة 20فبراير في صفوف الطبقة المتوسطة، حيث تم الإعلان عن الزيادة في أجور الموظفين في القطاع العام والخاصة ، كما تم الرفع من حصيص الترقية من 22بالمائة إلى 33 بالمائة، يوم 6 أبريل 2011 . وكان هدف الدولة من ذلك هو إبعاد حطب الاحتقان الاجتماعي المتراكم مند سنين عن فتيل حركة 20 فبراير. لقد كانت الدولة تتجنب الانخراط في حل الملف الاجتماعي مند البداية، حيث كانت تعول على الخطاب الملكي الذي أعلن عن الإصلاحات الدستورية في امتصاص الغضب الاجتماعي، الذي من الممكن أن يخرج عن السيطرة ، بعد ما كسرت حركة 20فبراير حاجز الخوف من القمع في نفوس الجماهير الشعبية . وسعي الدولة ومراوغتها في حل الملف الاجتماعي ، كان بسبب تكلفته المالية الكبيرة التي وصلت إلى حوالي 43 مليار درهم ، مما اضطرها في الأخير إلى بيع 20 بالمائة من أسهمها في رأسمال البنك الشعبي.
المرحلة الرابعة: تصاعد حدة احتجاجات حركة 20فبراير، وارتفاع سقف شعاراتها ، ولجوؤها الى تنظيم تظاهراتها في الأحياء الشعبية من جهة، و استنفاذ الدولة لجميع الوسائل و الأساليب خلال المراحل الثلاثة السابقة، في عزلها ومحاصرتها، كي لا تستقطب باقي التنظيمات السياسية و الحقوقية الى صفها، وكي لا تمتد إلى باقي الفئات الاجتماعية الساخطة عن الأوضاع من جهة ثانية ، بالاظافة الى قرب موعد إخراج مشروع الدستور الجديد ، والذي تتصدى له 20فبراير قبل أن يرى النور، وتعتبره دستورا ممنوحا ، جعل السلطات الأمنية تفكر في الاستعانة واللجوء الى الوسائل القذرة في مواجهة هذه الحركة الاحتجاجية، المتمثلة في تسخير "البلطجية" و تعبئة مجموعات من التجار للتظاهر في بعض المدن ضد حركة 20فبراير، كما تابع الجميع " التظاهرات الاحتجاجية" للتجار بكل من الرباط و فاس والدر البيضاء ليوم الأحد 29ماي 2011 بحجة أن الاحتجاجات الأسبوعية لحركة 20 فبراير قد أضرت بتجارتهم ، من خلال "منعها" للزبناء عن التوافد على المحلات التجارية بالشوارع التي تكون مسرحا للتظاهرات الاحتجاجية ، شاهد المواطنون ذلك سواء عبر القنوات التلفزية العمومية التي تجندت لتغطية ذلك إعلاميا. و تابع المواطنون نماذج من أسلوب "البلطجة" ، مثل "مول الشاقور" و أشرطته التهديدية بالويل والثبور لمن سولت له نفسه الاحتجاج على السياسات المخزنية ، و" ذو السيفين" بمدينة فاس، الذي اعترض مسيرة حركة 20فبراير يوم الأحد 5يونيو مهددا مناضليها بالقتل التقتيل، إضافة إلى "بلطجية" سلا الذين يطلبون الإذن فقط من أولياء نعمتهم للانقضاض على حركة 20 فبراير، مرددين " غير طلقونا عليهم" . ، بالإضافة الى تظاهرات لأصحاب السوابق وّالبلطجيةّ ، الذين لقنوا شعارات ورفعوا لافتات مناوئة لتنظيمات سياسية معينة ، لكنهم سرعان ما استبدلوها بشعارات أخرى من قبيل :"ّ الشعب يريد الزطلة والفنيد" و "الشعب يريد الشمة والفنيد" ، شعارات تعكس فعلا حقيقتهم وحقيقة من يقف وراءهم، كما تكشف عن قمة الارتباك، ودرجة الإفلاس التي وصلتها المقاربات الأمنية للمطالب التي ترفعها الحركات الاحتجاجية.
وبعد ما لم يعد في جعبة وزارة الداخلية من حيل لمحاصرة ومواجهة الحركة الاحتجاجية ل20فبراير لجأت إلى آخر "الدواء الكي" وهو العنف الشرس والقمع الوحشي للمتظاهرين ومطاردتهم في الشوارع ، وتكسير ضلوعهم وجماجمهم بالهروات ، وقد مهدت الدولة لذلك بحملة إعلامية تشويهية ، اختزلت فيها حركة 20فبراير في تنظيمين سياسيين فقط ، هما العدل والإحسان و النهج الديموقراطي، لكي تبرر قمعها للحركة الاحتجاجية. و استعمال الأجهزة الأمنية للقمع الشرس في حق المتظاهرين ، في الحقيقة كان من أجل جر حركة 20 فبراير الى العنف المتبادل ، حتى يكون ذلك حجة ومبررا لسحقها، كما أنه أسلوب معهود في جميع الأنظمة القمعية ، التي تسعى دائما الى جر معارضيها الى ميدان العنف ، الذي تكون فيه موازن القوى دائما لصالحها ، بحكم تجربتها الطويلة في القمع ، وعدم إتقانها لأي أسلوب أخر في مواجهة خصومها غير العنف والقمع. فما وقع مند يوم الأحد 15 ماي 2011، جعل الجميع يعتقد بأن كل ما يتم التطبيل له في وسائل الإعلام العمومي ، من إصلاحات دستورية، ليس سوى خطابا للاستهلاك الخارجي والإلهاء المحلي من أجل كسب الوقتللالتفاف على المطالب المشروعة للشعب المغربي ، لعل وعسى أن تمر موجة التغيير العربي بسلام ، دون أن تسقط العديد من المسئولين من مواقعهم ومناصبهم ،و التي لا يمكن لهم البقاء فيها في ظل عملية ديموقراطية حقيقية. هذا اللجوء إلى " آخر الدواء الكي" كان ثمنه باهظا على المستوى الحقوقي والسياسي بالنسبة للدولة، حيث سارعت العديد من الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، اظافة الى الاتحاد الاوربي، حيث نددوا باللجوء للعنف في مواجهة تظاهرات احتجاجية سلمية، و بذلك جعل ذلك القمع الشرس ورش الإصلاح الدستوري موضع الشك ، سواء من حيث المضامين الديمقراطية التي ستتمخض عن مشروع الوثيقة الدستورية المنتظرة ، كما يكشف عن درجة الإفلاس الذي وصلته السياسية الأمنية للدولة في التعامل مع حركة احتجاجية سلمية ، مطالبها واضحة، ليست سوى دستور ديمقراطي ، كمدخل لإشراك الشعب في السلطة و كآلية للاقتسام العادل للثروة.
لقد استطاعت حركة 20فبراير الى حد الآن أن تربك كل الحسابات والسياسات و الإجراءات التي عمدت الدولة الى اتخاذها من أجلها محاصرتها و مواجهتها، و لما لا القضاء عليها، مشكلة بذلك قوة ضغط مهمة في صالح تحسين وتجويد مشروع الوثيقة الدستورية المنتظر الإعلان عنها قريبا، و محققة مكاسب ديموقراطية حتى بالنسبة الأطراف السياسية المناهضة لها ، فلجنة عبد اللطيف المانوني، و"حراس المعبد الدستوري" يناقشون نصوص الدستور المنتظر ، وآذانهم على الشارع تنصت لشعارات حركة 20 فبراير في كل مواعدها الاحتجاجية ، الأسبوعية والشهرية. فهل تسطيع خلق مفاجآت أخرى بعد الإعلان عن مشروع الدستور الجديد ؟؟؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.