-خالد برواين شهدت مدينة العرائش، يوم السبت، حراكًا شعبيًا لافتًا عبّر فيه السكان عن غضبهم العارم ورفضهم القاطع لطمس جزء من ذاكرتهم الجماعية، المتمثلة في "الشرفة الأطلسية"، التي تُعدّ معلمة تاريخية وثقافية ارتبط بها وجدان المدينة وأهلها عبر أجيال. خرجت الساكنة بعفوية، لكنها برسالة واضحة: "كفى من العبث بهوية المدينة وتاريخها". هذا الحضور الشعبي الكبير، الذي اجتمع تحت شعارات تحمّل المسؤولية وتستنكر التهميش، يُعدّ صفعة قوية للجهات المسؤولة، وعلى رأسها المجلس الجماعي، الذي أخفق في حماية التراث الحضري للمدينة والدفاع عن مصالح ساكنيها. في ظل هذا الإخفاق الواضح، ومن باب احترام قواعد الشفافية والمحاسبة، ومن منطلق الشجاعة السياسية التي يفتقر إليها الكثيرون، أصبح من الواجب الأخلاقي والسياسي على أعضاء المجلس الجماعي تقديم استقالة جماعية فورية. فالشرعية الحقيقية لا تُستمد فقط من صناديق الاقتراع، بل من احترام إرادة المواطنين وخدمة المصلحة العامة. العرائش اليوم لا تطالب بالمستحيل، بل تنادي فقط بما هو حق لها: الحفاظ على ذاكرتها، وصون معالمها، وحماية هويتها من مشاريع عشوائية لا تخدم سوى مصالح ضيقة بعيدة عن هموم المواطن العرائشي. إن ما حدث في "الشرفة الأطلسية" ليس مجرد اعتداء على فضاء عام، بل هو اعتداء على التاريخ، على الجمال، وعلى الكرامة. ومتى ما سُمح بذلك مرة، سيتحول إلى نمط ممنهج لمسح الذاكرة الجماعية، ولهذا وجب التوقف، والمحاسبة، والتغيير.