مراسلات رسمية تكشف عن تجاوزات بيداغوجية في منح دبلومات لفوج 2025.. وأساتذة المدرسة يطالبون الوزارة بفتح تحقيق عاجل صونًا لمصداقية التعليم العالي. بعد الحراك الشبابي الأخير الذي قاده جيل Z في مختلف مدن المملكة، ورفعت خلاله شعارات تطالب ب إصلاح التعليم وضمان تكافؤ الفرص والمحاسبة داخل المؤسسات العمومية، امتدت موجة الغضب هذه إلى داخل الجامعة المغربية، حيث تعيش المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة (ENCG-Tanger) على وقع جدل واسع وغليان غير مسبوق بسبب ما وصفه أساتذة وخريجون ب"خروقات بيداغوجية خطيرة" شابت عملية تخرج فوج 2025. أساتذة يطالبون بالتحقيق وحسب وثائق ومراسلات رسمية توصلت بها "طنجة الآن"، فقد وجّهت مجموعة من أساتذة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة مراسلات إلى كل من رئيس جامعة عبد المالك السعدي ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، طالبوا فيها بفتح تحقيق عاجل واتخاذ إجراءات صارمة بشأن ما اعتبروه "تجاوزات تمسّ الضوابط القانونية والبيداغوجية" التي تحكم عملية التخرج. الأساتذة شددوا في تقاريرهم على أن هذه التجاوزات تسيء إلى سمعة المؤسسة، وتهدد مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلبة، وتضرب في العمق مصداقية الدبلوم الوطني الذي يُعد من أبرز الشهادات الجامعية في مجال التجارة والتدبير بالمغرب. خروقات بيداغوجية موثقة المراسلات التي توصلت بها "طنجة الآن" تتضمن معطيات دقيقة عن عدة خروقات بيداغوجية شابت عملية منح الدبلومات، من أبرزها: تمكين طلبة من الحصول على دبلومات التخرج رغم رسوبهم في وحدات أساسية. بعض الطلبة حصلوا على نقطة صفر (0/20) في مواد محورية كالمحاسبة والتدبير المالي والتسويق، ومع ذلك تم إدراج أسمائهم ضمن لوائح الخريجين. تسليم الدبلوم لطلبة لم يستوفوا جميع الوحدات الدراسية. المراسلات تشير إلى حالات تخص طلبة لم يستكملوا أكثر من ست وحدات كاملة (Modules) من أصل المقررات المعتمدة. تجاوز المساطر القانونية للتقييم والمصادقة. قرارات النجاح، بحسب الوثائق، اتُّخذت دون المصادقة الجماعية لهيئة التدريس كما تفرضها الأنظمة الجامعية. منح دبلومات مزدوجة (Co-diplomation) دون احترام شروط الشراكة الأكاديمية. بعض الطلبة حصلوا على شهادات مشتركة مع مؤسسات أجنبية دون استكمال الساعات المعتمدة أو اجتياز الامتحانات المكافئة. تسليم الدبلومات دون المرور بالإجراءات الجامعية الرسمية. الوثائق تفيد بأن بعض الشهادات سُلّمت مباشرة من إدارة المؤسسة دون مصادقة مجلس الجامعة أو اللجان المختصة كما ينص عليه القانون. وأكدت المراسلات أن هذه الأفعال تشكّل مخالفة واضحة للمرسومين الوزاريين رقم 1451.25 و2086.14 المنظمين لشروط نيل دبلوم المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، واللذين يشترطان النجاح الكامل في جميع الوحدات المقررة دون أي استثناء. شكاية موازية من الخريجين بالتوازي مع مراسلات الأساتذة، تقدمت مجموعة من الطلبة والخريجين بشكاية رسمية عبر البوابة الوطنية للشكايات الموجهة إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بتاريخ 15 شتنبر 2025 تحت رقم 2472316، طالبوا فيها بفتح تحقيق مماثل. الخريجون عبّروا في شكايتهم عن استيائهم مما وصفوه ب"التمييز في معايير النجاح والانتقاء"، معتبرين أن ما حدث "يُشكّل إهانة للطلبة المجتهدين وضربًا لمبدأ العدالة الجامعية". من الشارع إلى الجامعة ويرى متتبعون أن ما يجري داخل ENCG طنجة لا ينفصل عن المطالب التي رفعها الشباب المغربي خلال الأسابيع الماضية، إذ يتقاطع صوت الأساتذة مع صوت الشارع في الدعوة إلى الشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإصلاح التعليم الجامعي. فالاحتجاجات التي قادها شباب جيل Z دفاعًا عن العدالة التعليمية تجد صداها اليوم في قاعات الجامعة، حيث رفع الأساتذة بدورهم شعارًا مشابهًا: "كفى من التلاعب بمصير الطلبة وبمصداقية الشهادات الوطنية." الملف أمام الجامعة والوزارة تشير المعطيات المتوفرة إلى أن الملف يوجد حاليًا قيد الدراسة على مستوى جامعة عبد المالك السعدي، في انتظار تفاعل وزارة التعليم العالي مع المراسلات الموجهة إليها. وتتعالى في المقابل أصوات أكاديمية وشبابية تطالب ب فتح تحقيق رسمي وشفاف يعيد الاعتبار للضوابط البيداغوجية ويحافظ على سمعة الجامعة المغربية. قضية ENCG طنجة تُعيد إلى الواجهة سؤال الثقة في التعليم العالي المغربي، في وقت تتزايد فيه المطالب بإصلاح جذري يضمن الشفافية والإنصاف ويصون قيمة الشهادات الوطنية أمام سوق الشغل والمجتمع.