يجمع المغرب خبراء من مختلف أنحاء القارة الإفريقية بطنجة من أجل إعداد ميثاق مشترك "سيقترح على جميع الفاعلين، من دول وجماعات ترابية ومؤسسات اقتصادية ومالية ومنظمات غير حكومية وهيئات علمية، خطة عمل طموحة وواقعية في الوقت نفسه من أجل مستقبل بحري إفريقي مستدام". يأتي هذا خلال فعاليات الدورة الثالثة من قمة "إفريقيا الزرقاء"، التي تنظمها أكاديمية المملكة المغربية و"الموسم الأزرق"، وهي "موعد إفريقي سنوي كبير مخصص لمناقشة مختلف القضايا المرتبطة بالبحار والمحيطات"، وقال في افتتاحها عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، إن هذا المؤتمر مكان للتبادل والتفكير، واستمرارية الفكر والعمل، من أجل "وضع مسارات فعلية، وتقريب التجارب، وتشكيل تعاون مستدام من أجل البحر". ومن "طنجة، مكان الرياح، والمسارات، وملتقيات التواريخ والذاكرات والآفاق"، تحدث لحجمري عن طموح جماعي هو إعطاء الأطلسي الإفريقي مستقبلا مستداما حتى "يعود للمحيط مكانه الحقيقي، بوصفه ملكا مشتركا، وخزانا للروحانية، ومكانا للتعاون"، ليصير البحر "مجالا للقاء، لا حدودا وصداما". ومن بين ما نبه إليه أمين سر الأكاديمية أن الحلول المستدامة لا تقتضي خلق إطارات كبرى جديدة، بل "إسناد مبادرات وديناميات موجودة، وواعدة"، مع توفير مكان للذكاء الجماعي يكون مرصدا يتيح العمل الجماعي، واللقاء بين "العلوم، والسياسة، والمجتمع المدني". وقدّر لحجمري أن الميثاق الذي من المرتقب أن تتضح معالمه الأولى بعد يومي الدورة الثالثة من "قمة إفريقيا الزرقاء"، لا ينبغي أن يقتصر على البحر فقط، رغم أنه موضوعه، بل أن يمتد إلى ما هو أعمق وهو الماء، ما يعني الحاجة للانتباه إلى أن إفريقيا بحار وأنهار وبحيرات ومجالات رطبة أيضا، والانتباه إلى الحيوات المشكّلة بفضل هذا، والثقافات والاقتصادات التي تحيى معها. زكية دريوش، كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلفة بالصيد البحري، اهتمت بتوفر "قارتنا الإفريقية على موروث بحري استثنائي (...) وشباب دينامي يتطلع للمستقبل"، قبل أن تستدرك قائلة: "لكن، إفريقيا الزرقاء تظل مستثمرة أقل مما تتيحه، أو مُضعفة بالضغوط المناخية، والتلوث البحري، وفقدان التنوع البيولوجي، والصيد السري، وعدم كفاية البنية التحتية المينائية واللوجيستية، وتحديات الفرص أيضا". ونادت دريوش بالعمل من أجل "تغيير علاقتنا بالبحار، لرفع النمو والإبداع والتضامن"، مع حديثها عن الشق الأطلسي من المغرب الذي يشكل مكانا جامعا بين إفريقيا وأوروبا والأمريكتين، والذي هو "مكان مفتوح لإخواننا من الدول الإفريقية التي ليس لها منفذ بحري"، في استحضار ل"المبادرة الأطلسية" التي أطلقها الملك محمد السادس. ريم بنزينة، رئيسة مؤسسة الموسم الأزرق، تحدثت من جهتها عن "شغف امرأة إفريقية، تونسية" في الوعي "بتاريخية واستعجال مهمة حماية المحيط الذي يحملنا، ويغذينا، ويربط شعوبنا واقتصاداتنا وثقافاتنا"، لتردف: "نحن في طنجة، المدينة المعبر المفتوحة على إفريقيا والعالم، في هذا المؤتمر المنظم تحت الرعاية الملكية السامية، من أجل إطلاق أعمال التفكير والتحرير لميثاق من أجل إفريقيا زرقاء، يصوغه خبراء من مختلف أنحاء القارة الإفريقية والعالم". وتطرقت بنزينة ل"الأحجار الأولى من الميثاق التي توضع بعمل جماعي"، و"الانخراط المغربي الحاسم" في هذا المضمار، ل"إيقاظ الوعي المتجدد في القارة الإفريقية بتحديات المحيط، عبر خلق مؤتمر إفريقيا الزرقاء، والاستشارة الإفريقية في إعداد مؤتمر الأممالمتحدة الثالث حول البحار، ومنتدى إفريقيا من أجل البحر بِنيس"، وغير ذلك من الأمور التي تندرج في إطار "طموح معبر عنه من طرف الملك محمد السادس"، وتفتح "الباب لحكامة أكثر عدالة وتحرك جماعي من أجل المستقبل الأزرق لقارتنا". باسكال لامي، رئيس المنتدى العالمي للبحار، تطرق من جهته ل"التقارب الإفريقي الأوروبي حول الرهان البحري"، و"أجندة التعاون المهمة، من حيث ترميم منظوماتنا البيئية المتهالكة، وتنمية اقتصاد أزرق هو أمل لساكنتنا"، كما نبه إلى "الأخوة" والطموح اللذين يجمعان ميثاق البحر الأوروبي، وميثاق البحر الإفريقي، رغم التحديات.