هيئات محلية تدعو للاحتجاج بمراكش تضامنا مع الغلوسي    حموشي يتباحث بالرباط مع المديرة العامة للأمن الداخلي الفرنسي    وزارة الانتقال الرقمي توقع شراكة استراتيجية لتعزيز الذكاء الاصطناعي بالمغرب    اغتيال الناشط السياسي تشارلي كيرك.. ترامب يؤكد إلقاء القبض على مشتبه به    الجمعية العامة تدعم دولة فلسطينية    ترامب: صبري على بوتين "ينفد سريعا"    بطولة العالم لألعاب القوى .. 33 ميدالية منها 12 ذهبية، حصيلة المشاركة المغربية في 19 نسخة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    شاب يرمي بنفسه من الطابق الثالث بعد طعنه فتاة داخل شقة بطنجة    الدورة الثانية عشرة للملتقى الوطني لفن الكريحة والملحون بتارودانت    دراسة: أصوات "الطقطقة" الصادرة من الركبة ظاهرة طبيعية ما لم تصاحبها أعراض مرضية        ساندية تاج الدين توضح الهدف من مشهد صادم في "التخرشيش"    الرميد يدعو للتحري في طرد جندي أمريكي سابق ل16 تلميذا من مدرسة تابعة لجامعة "الأخوين"        هيئات مهنية صحفية تطالب أخنوش بسحب مشروع قانون "المجلس الوطني للصحافة"    أخنوش.. الفلاحة الموجهة للتصدير تستهلك سد واحد فقط.. وهذا موعد تشغيل محطة التحلية بالناظور    البصل تحت قبضة المضاربين.. والمرصد المغربي يحذر من موجة غلاء جديدة    إدارة السجون توضح بشأن نقل بعيوي إلى المستشفى    تدخل رسمي ينقذ حلم الطالبة صاحبة أعلى معدل من ضائقة السكن    إسبانيا تتحرك لاحتواء بؤر إنفلونزا الطيور.. إعدام طيور وإغلاق حدائق    استقبال حافل للفيلم السوداني ملكة القطن بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي        حزب الاستقلال يعبر علانية عن رغبته في رئاسة جماعتي عين لحصن والسوق القديم في الاستحقاقات المقبلة        مقتل 51 شخصا في احتجاجات النيبال وهروب 12 ألف سجين وانقسام حول اختيار رئيس الوزراء الجديد    الإمارات تستدعي نائب السفير الإسرائيلي    فضيحة عقارية تعصف بعامل إنزكان آيت ملول    بداية العد العكسي.. 100 يوم يفصل المغرب عن استضافة كأس الأمم الإفريقية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع        وهبي: قانون العقوبات البديلة مفتوح أمام المحكوم عليهم قبل صدوره    الأخطبوط في فترة استراحة: تدابير صارمة لضمان الاستدامة البحرية    "المونديال" يستقطب اهتماما عالميا مبكرا بأكثر من 1,5 مليون طلب تذكرة في يوم واحد    وزير الصحة يباشر جولات للمستشفيات    تدشين المحطة السككية الجديدة بتازة وإطلاق خدمة الربط بالحافلات مع الحسيمة        الحكم على بولسونارو بالسجن 27 عاما.. وترامب يصفه بالرجل الصالح        سفيان بوفال يكذب إشاعة وفاة والدته: والدتي بخير    بيت الشعر بالمغرب يحتفي ب"موسم الخطوبة" في إملشيل بفعاليات ثقافية وشعرية    العدّ التنازلي لحفل الكرة الذهبية 2025: هذا موعد تتويج أفضل لاعب في العالم!    "يويفا" يقرر تأجيل البث في نقل مباريات الدوري الإسباني والإيطالي للخارج    يامال يتحدث عن صعوبة البدايات وجذوره المغربية: "جدتي تسلّلت في حافلة من المغرب لإسبانيا.. وكانت تعمل 3 مرات في اليوم"    دراسة: التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح        كيوسك الجمعة | مسطرة جديدة لتدبير وصرف المنح لفائدة متدربي التكوين المهني    معرض الصين الدولي للاستثمار والتجارة: اجمالي استثمارات متوقعة بأكثر من 90 مليار دولار    أخنوش يكسر صمت الحكومة... حصيلة بالأرقام ورسائل بين السطور    بوفال يضع حدا لشائعة وفاة والدته: "كفاكم كذبا واحترموا حياتنا الخاصة"    ضابط مخابرات عسكرية أمريكي سابق: أمريكا لا تملك حلفاء بل دول تابعة لها وخاضعة لهيمنتها (فيديو)    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    دعوة إلى الكنوبس لمراجعة إجراءاته الخاصة بمرضى السرطان    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرى اغتيال ابراهيم بوعرام
نشر في مرايا برس يوم 06 - 09 - 2010

عندما نال مني الإرهاق وأنهكني التعب من طول التجوال بين معالم باريس الآثارية، لجأت إلى كرسي أحد المقاهي المكدسة على ضفاف نهر السين الساحر، الذي لا يضاهى، ولا ينسى، كمصدر إلهام متاح منذ آلاف السنين، للهائمين به من العشاق، والشعراء، والرسامين، والفنانين والمبدعين، كهنري ماتيس، وموريس دو فلامنيك، واوتون فريسز، وكلود مونيه زعيم التيار الانطباعي الذي أقام على مقربة من هذا النهر، وصرف القسط الأكبر من وقته –كما باقي الرسامين- في المقاهي البديعة المحاذية له والتي استلهم منها لوحته الشهيرة التي بيعت بمبلغ 41.4 مليون دولار في مزاد علني في نيويورك، وهو أعلى سعر تباع به لوحة تعود إلى العام 1873 وتمثل جسراً فوق نهر السين يمر عليه قطاران فيما تظهر بعض قوارب النزهات في مياهه التي تغنى بجمالها الشاعر الفرنسي الشهير "غيوم للينير" ولاسيما قصيدته جسر "ميرابو" التي يقول فيها:
"تحت جسر ميرابو،
يجري نهر السين
ويجري حبنا
أينبغي أن أتذكر
كان الفرح دائما يجيء بعد الألم
يأتي الليل يحين الوقت
تمضي الأيام
أبق
لنبقَ يداً بيد، وجهاً لوجه
بينما
تحت جسر أذرعنا، تمر"
جلست قدام جسر الكاروسيل Pont du Carrousel الذي كان يسمى كذلك بجسر "اللوفر" Pont du Louvre، أحد الجسور 32 المختلفة الهندسة، والمتنوعة مواد بنائها بين الحديد والأسمنت والرخام والخشب، أتملى عظمة النهر المخترق لقلب باريس كالحية على مسافة 13 كلم، وأتابع حركته الدائبة التي تشع بقرون التاريخ والذكريات الجميلة والتي تفرض جلالها على الزوار والساكنة، الذين يقفون على ضفافه وفوق جسوره مبهورين أمام ما تنتجه أقلام رصاص عادية بين أنامل رسامي «البروتري» البارعة العاشقة..
ولسبب ما، تذكرت لحظتها، الأجداث المأساوية الكثيرة التي عرفها السين، كحادث انتحار الشاعر "باول تسيلان" غرقاً في مياهه، بعد أن عاش الاغتراب في أعمق معانيه، ومأساة أمير الأدب الفرنسي فيكتور هيجو، الذي غرقت أبنته وزوجها في مياه السين المتلاطمة عام 1970 وإصابة أبنته الكبرى على أثر ذلك بالجنون، وقد كان الحزن عليهم ومنفاه موقدة وإلهام روائعه الأدبية التي أذهلت العالم.
وفي خضم مسلسل هذه المآسي، تبادر إلى فكري تاريخ فاتح من ماي من العام 2005، فادلهم النهر في ماظري، وتجهمت مناظر الجمال من حولي ولم أعد آبه لتحايا المارة والسياح المخمورين بالمتعة والانشراح، والتي كانت تشنف آذاني بجميع لغات العالم مصحوبة بالابتسامات الصادقة الرائعة، فلا أرد عليها بأجمل منها كما كنت على الواقفين والجالسين.
تذكرت اليوم الذي اصطفت فيه الطائفية والعنصرية والمذهبية والعداء لتقتل المغربي إبراهيم بوعرام على ضفاف السين بسبب هويته فقط وتقوم بإلقاء جثته إلى النهر من على جسر الكاروسيل، فالتمست ساعتها العذر للجالية المغربية في مصابها، فلا تثريب عليها إن هي كرهت هذا النهر حتى الثمالة.. لأنه يرمز للجريمة العنصرية التي هزت المهاجرين واعتصرت قلوبهم بالحزن والقهر، ودليل على تسلل هشيم الطائفية وانغرازها في الجيل الذي تُعقد عليه آمال وأد العنصرية والطائفية ومواجهة الاختلاف المذهبي المفتعل الذي يغذيه جنون التمييز العرقي والعنصري الذي لا يجر إلا الوبال، وينجرف بكل جميل في هذا البلد الذي يحتمل الجميع، إلى أتون محرقة الطائفية، التي لا تخدم إلا مسترزقة الجبهة الوطنية المتطرفة التي يعيش أنانيوها على استمرار العداوة بين الناس، والركوب -في سباق محموم، يتصف بالغرور واللأخلاقية- على الآم المغتربين وعلى معاناتهم، لكسب ناخبي جان ماري لوبان والوصول إلى المقاعد النيابية، والمراكز المحلية..
لكن، والحمد الله، أنه مهما امتلأ العالم بالظلم وتعاظمت قوى الشرّ فيه، فإن الله يبث وينثر من حولنا كمّا هائلا من ألطافه الإلهية الخفية والمرئية، تكفي لإعادة التوازن والنظام لعالم بات "يتخبّطه الشيطان من المسّ" وذلك بنشر ثقافة تقبل الآخر ورفض التمييز التي بتها في قلوب جل الفرنسيين الذين انفعلوا بالواقعة ونددوا بوحشيتها كما فعل وقال دولانوي، عمدة باريس حين أمر بإقامة لوحة تذكارية تبرز انخراط سكان مدينته باريس في مواجهة العنصرية والتمييز والتي كتب عليها "إلى ذكرى إبراهيم بوعرام، 1965 - 1995، ضحية العنصرية، الذي تم اغتياله في هذا المكان في فاتح ماي 1995 وهذه قولة دولانوي مندداً بتنامي العنصرية: "لا يجب أن ننسى إبراهيم بوعرام الذي تم اغتياله فقط لكونه عربيا".
إن إحياء ذكرى مقتل "بوعرام"والتنديد بجرائم العنصرية، مسؤولية في أعناقنا جميعا، فيجب ألا ننساه وألا نتهاون في إحياء ذكراه.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.