أوضح محمد الرضواني، أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، أن الدستور المغربي ل2011، جاء بقواعد دستورية مُلزِمة للسلطات والفاعلين السياسيين على الأخذ بعين الاعتبار قضية الشباب بشكل فعلي وأساسي، كاشفا أنه نص دستوري هام لاعترافه لأول مرة بالشباب، غير أنه على مستوى النتائج ومخرجات السياسات العمومية وآثارها "نجد محدودية" يقول. ووصف الرضواني في معرض مداخلته ضمن أشغال اللقاء التفاعلي الذي نظمته جمعية "ثسغناس" أول أمس الأحد بمدينة الناظور، والموسومة بعنوان "الفاعلون السياسيون الشباب، الإطار الدستوري والممارسة"، (وصف) العلاقة بين الشباب والفاعلين السياسيين بالمتوترة، مُسجلاً استمرار إقصاء الشباب من تولي المناصب البرلمانية وضمن التشكيلة الحكومية، بحيث يظل معدل أعمار الوزراء مرتفعا كباقي الحكومات المتعاقبة، علاوة على ضعف تمثيليات الشباب على مستوى الأجهزة القيادية داخل الأحزاب السياسية. كاشفاً أن نسبة الشباب المنخرطين في الأحزاب السياسية والنقابات لا يتعدى سقف 1 بالمئة، فيما نسبة الشباب الذين يضعون ثقتهم في الحكومة لا تتخطى 10 بالمئة، معتبرا أن هذه الأرقام تزكي معطى توتر العلاقة بين الشباب و الأحزاب السياسية والفاعلين السياسيين، مرجعا أسباب هذا التوتر إلى استمرارية سياسة سردية الانتقال المهيمنة على الحقل السياسي، واستمرار ما أسماه بالأبوية في المعترك السياسي، وإلى عوامل أخرى ترتبط بضعف المؤشرات الديمقراطية بالمغرب. فيما ذهب الأستاذ الجامعي بالكلية متعددة التخصصات بتازة مصطفى اللويزي، إلى أن الحديث عن فئة الشباب يستدعي بالضرورة تحديد تعريفات لهذه الفئة، لتحديد ما إذا كانت فئة اجتماعية أو عمرية أو سوسيولوجية أم هي فئة مغايرة، فضلا عن ضرورة تحديد مصالحها وأهدافها وعما إذا كانت لها مطالب مشتركة، وما إذا كان وجودها مستقلا أم غير ذلك. لافتًا إلى أن كل المؤسسات المشتغلة على هذا الموضوع، لم تضع تعريفا موحداً ل"الشباب" ولما تعنيه بالتحديد بقضية الشباب، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الشباب لا يقاس بالعمر فحسب وإنما بمدى قدرة الشخص على الانخراط في المجتمع في باب استعادته لاستقلاليته الذاتية، ما يجعل هذا المفهوم مرتبطا بالجانب الاقتصادي كذلك. واعتبر اللويزي أن كل استراتيجية غير شمولية الرؤية، فهي بالضرورة سياسية فاشلة لكونها ستُعيد نفس التركيبة التي كانت في السابق، على أن قطاعات كالتعليم، الصحة، التكوين المهني، التشغيل، هي قطاعات أساسية يجب الانتباه إليها عند التطرق لموضوع الشباب، لا أن "نخاف ونخشى من الشباب". مورداً أن نحو 82 بالمئة من الشباب لا يقبلون على ممارسة أي نشاط ترفيهي وهو ما يضر بصحتهم النفسية والجسدية ويضر بإمكانية انخراطهم في وسط المجتمع، مشيرا إلى أن 60 بالمئة من الشباب لا يصوتون خلال العمليات الانتخابية وذلك مرده إلى عدم الثقة في المؤسسات والفاعل السياسي، متسائلا "إذا كان الشباب لا يذهبون لممارسة السياسة والعمل النقابي والجمعوي ولا لممارسة الرياضة والفعل الثقافي والترفيهي، فأين يذهب هؤلاء الشباب؟" وهو السؤال الصعب، يردف. من جانبها ترى الناشطة الجمعوية منى الصبّاح، مدربة في مجال التنمية الذاتية والمهنية، أن التنوع الثقافي انطلاقا من العمل الجمعوي يعتبر أحد المداخل للنهوض بوضعية الشباب وحلحلة أزماته الاجتماعية والذاتية بخاصة، مضيفة أن العمل الجمعوي يحقق أهدافا باهرة منها على سبيل العد لا الحصر اكتساب مهارة التواصل والتغلب على الاضطرابات النفسية. وشددت المتحدثة في معرض مداخلتها، على أن العمل الجمعوي يُعدّ بوابة لإثراء التنوع الثقافي الذي عن طريقه يتسنى مساعدة شريحة الشباب على أخذ زمام المبادرة وكذا التعرف على الآخر وتقبله والتعلم والاستفادة منه، من أجل خلق الحلول الممكنة للمشاكل التي تتخبط تحت وطأتها الفئة. وبدوره أكد الفاعل الجمعوي هشام أوزايد، أن فئة الشباب أصبحت في مفترق الطرق وفقا لما أوردته التقارير والدراسات الدولية، مشيرا إلى أن المغرب يعرف هبّة ديموغرافية من ناحية الشباب، مما سوف يصبح ذلك أكبر انتكاسة في ظل عدم استغلال هذه الطاقة الحيوية، مستطردا أن الحركات الاحتجاجية يتزعمها شباب باتوا في حالة تنديد، ولا أدل على ذلك مثل الأغنية الشهيرة التي تصدح بها الحناجر في الملاعب "في بلادي ظلموني". وسجل المتحدث بوصفه كاتبا عاما ل"جمعية الشباب من أجل الشباب"، اختلالات متعددة الأبعاد على مستوى انخراط هؤلاء في العمل الجمعوي والمدني ومستوى الرضا عن خدمات المرافق الجمعوية التي لا تجيب لاحتياجات هذه الفئة، كما دعا إلى توافق وطني حول إصلاح دور الشباب والاعتراف الاجتماعي بالشباب وتكافؤ الفرص والبناء المشترك وجعل دار الشباب باعتبارها متنفسا وفضاء مشتركا، تعمل على تعزيز الفرص الاقتصادية والاجتماعية وإدماج كل ما يتعلق بالعالم الرقمي.