قضيت يوم أمس ثلاث ساعات متسمرا أمام شاشة التلفاز، ثلاث ساعات كاملة وأنا أتابع جلسة برلمانية خصصت للأسئلة الشفهية الموجهة لرئيس الحكومة حول المنظومة الصحية، كنت أنتظر كأي مواطن بسيط ينتمي لإقليم الناظور أن يتفضل أحد ممثلينا في البرلمان أو الأحزاب التي ينتمون إليها، مجرد تفضل فقط، ليطرح سؤالا بسيطا عن سبب تأخر المستشفى الإقليمي الجديد لأكثر من سبع سنوات، أو عن النقص المهول في الأطباء والتجهيزات داخل مستشفى الحسني، أو عن معاناة مرضى السرطان الذين يضطرون لمطاردة العلاج بين وجدة والرباط وفاس لأن الإقليم لا يتوفر على مركز للعلاج. ما دام الموضوع المطروح للنقاش هو "قطاع الصحة"، فقد أفرطت في التفاؤل واعتقدت أن الفرصة ستكون سانحة ليثبت ممثلونا أنهم قادرين على إيصال معاناتنا، لكن لا أحد نطق، لا أحد تجرأ، ولا حتى ألقى تلميحا من بعيد؛ فقد جلست كالأبله أحدق في الشاشة منتظرا، ويا ليتني لم أفعل. كنت ساذجا، حين صدقت أن أحدهم سيتكلم، ولو من باب التطبيل السياسي، ليشكر الحكومة ويقول مثلا: "بفضلها، تخلص قطاع الصحة بالناظور من جميع أمراضه المزمنة"، فقد انتظرت وراقبت وتمنيت... ثم لا شيء، لا صوت، لا سؤال، لا تلميح ولا إشارة؛ وحده الصمت كان المتحدث الرسمي باسم ممثلي الناظور.