الدفاع الجديدي يرفع شعار التشبيب والعطاء والإهتمام بلاعبي الأكاديمية في الموسم الجديد …    ميناء أصيلة يسجل تراجعاً في مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي خلال النصف الأول من 2025    ميناء العرائش .. تراجع بنسبة 10 في المائة في مفرغات الصيد البحري خلال النصف الأول من العام    مطار طنجة: إحباط محاولة تهريب أزيد من 32 كيلوغرام من الحشيش داخل حقائب سفر    لقاء تنسيقي بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة استعداداً للدخول المدرسي 2025-2026 واستعراضاً لحصيلة الموسم الحالي    طنجة ضمن المناطق المهددة بحرائق الغابات.. وكالة المياه والغابات تدعو للحذر وتصدر خرائط تنبؤية        حزب "أومكونتو وي سيزوي" الجنوب إفريقي يدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي            حزب الرئيس السابق لجنوب إفريقيا يدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي    السعدي : قطاع الصناعة التقليدية باقليم تزنيت سيعرف تطورا ملموسا بفضل برنامج شامل ومندمج    إشادة فلسطينية بدور جلالة الملك في الدفاع عن القضية الفلسطينية    المهاجرون المغاربة في مرمى العنف العنصري بإسبانيا    أخنوش يؤكد أن حكومته تدشن عهدا جديدا في مجال التشغيل    "أكسيوس": أمريكا طلبت من إسرائيل التوقف عن مهاجمة القوات السورية    عيد العرش: رؤية ملكية رائدة من أجل مغرب متقدم ومزدهر    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    وسط إشادة المؤسسات المالية الدولية.. أخنوش يعبر عن فخره بوضعية الاقتصاد الوطني وتدبير المالية العمومية    إطلاق تجربة نموذجية لصيد الأخطبوط بالغراف الطيني دعما للصيد البحري المستدام والمسؤول    وزارة: برنامج "GO سياحة" يذلل العقبات أمام المقاولين في القطاع السياحي    الأمم المتحدة…الضفة الغربية تشهد أكبر نزوح منذ 1967    ميناء طنجة المتوسط يعلن عن استثمار ضخم بقيمة 5 مليارات درهم لتوسعة محطة الشاحنات    الاتحاد صوت الدولة الاجتماعية    "طقوس الحظ" إصدار جديد للكاتب رشيد الصويلحي"    "الشرفة الأطلسية: ذاكرة مدينة تُباد باسم التنمية": فقدان شبه تام لهوية المكان وروحه الجمالية    مورسيا تحقق في "جرائم الكراهية"    أخنوش يستعرض بالبرلمان خطة الإنعاش الاقتصادي والإصلاح في ظل "الإرث الصعب"    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    وفاة معتصم "شاطو" أولاد يوسف بعد قفزه من خزان مياه واحتجازه عنصرًا من الوقاية المدنية    إحداث "مؤسسة المغرب 2030" يوحد الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب    تضامن واسع مع الإخوة الشبلي بعد حبسهما بسبب مطالبتهما بكشف ملابسات وفاة أخيهما    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وبهبات رياح من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    لامين جمال يثير تفاعلاً واسعاً بسبب استعانته ب"فنانين قصار القامة" في حفل عيد ميلاده    وفاة أكبر عداء ماراثون في العالم عن عمر يناهز 114 عاما    حكيمي يختتم الموسم بتدوينة مؤثرة    موجة حرّ شديدة وأجواء غير مستقرة بعدد من مناطق المملكة    المنتخب المغربي يواجه مالي في ربع نهائي "كان" السيدات    قارئ شفاه يكشف ما قاله لاعب تشيلسي عن ترامب أثناء التتويج    فرانكو ماستانتونو: مكالمة ألونسو حفزتني.. ولا أهتم بالكرة الذهبية    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    "فيفا": الخسارة في نهائي مونديال الأندية لن يحول دون زيادة شعبية سان جيرمان    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يحتضن دورة تكوينية لفائدة وفد فلسطيني رفيع لتعزيز الترافع الحقوقي والدولي    اليونسكو تُدرج "مقابر شيشيا" الإمبراطورية ضمن قائمة التراث العالمي... الصين تواصل ترسيخ إرثها الحضاري    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي        الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"النَّايَرْ" عيد استهلاك الفاكهة الجافة تقليد عريق بالجهة الشرقية
نشر في ناظور سيتي يوم 15 - 01 - 2014

لا شك أن الزائر من مختلف جهات المملكة لمدن الجهة الشرقية وخاصة لمدينة وجدة يندهش لما يتجول بين مسالك دكاكين سوق باب سيدي عبد الوهاب وساحات الأسواق اليومية والأسبوعية للمشاهد الاحتفالية التي يراها هنا وهناك، ولا شك يتساءل إن كان هناك عيد خاص بهذه المدينة وتقاليد تتميز بها عن باقي الجهات الأخرى.
أجل، بمجرد حلول شهر يناير يتحول العديد من الدكاكين بسوق المدينة والقديمة إلى متاجر من نوع خاص تُكَوَّم الأطنان من مختلف الفواكه الجافة وتنضاف إلى الدكاكين المعروفة بهذه التجارة التي تتزين كذلك بالأضواء الملونة وتصفف السلع وترتب أنواع الفواكه حسب النوع والثمن، فيما يفضل تجار آخرون رسميون أو موسميون خلط كل أنواع الفواكه وتزيينها بالحلوى وهي بضاعة تتوجه لذوي الدخل المحدود وهي ما يسمى ب"الخلوطة" وتتراوح أسعارها ما بين 25 و30 درهما للكيلو الواحد.
" النَّايَرْ ،هذه العادة وجدنا عليها والدينا وأجدادنا منذ أن كنا صغارا، وحافظنا عليها. نقتني بعض الفاكهة الجافة المتنوعة إضافة إلى الفواكه الأخرى من موز وتفاح وغيرها..." يقول أحد المواطنين الذين كانوا ينتظرون دورهم في اقتناء نصيبهم من"الناير"، وسط طابور من الزبائن.
يبدأ الاحتفال بهذا العيد ابتداء من اليوم الثالث عشر من شهر يناير من السنة الميلادية ويستمر إلى غاية نهاية نفس الشهر، حيث تتميز الاحتفالات ببعض التقاليد بالجهة الشرقية منها التي انقرضت وأخرى بقيت صامدة إلى يومنا هذا حسب بعض العائلات. وأول ما يبدأ به المواطن الوجدي مباشرة بعد اليوم الثالث عشر هو اقتناؤه لكميات من الفواكه الجافة منها الجوز بأنواعه البلدي والرومي واللوز والبندق والقسطل والفول السوداني والفستق والمشمش والبرقوق والتين المجفف والتمر وجوز الهند ومختلف أنواع الحلوى الصناعية من شكولاطة وغيرها ، ومن المواطنين من يضيف بعض الفواكه الطرية التي أصبحت متوفرة بكثرة في الأسواق كالموز والتفاح والأجاص والكيوي والأناناس والبرتقال والليمون وغيرها...وكل حسب إمكانياته المادية.
غالبا ما يبدأ الحفل باستهلاك كل هذا مساء حيث يقوم الوالد رب الأسرة أو الوالدة ربة البيت بعد التفاف أبنائهما حولهما بتوزيع "الناير" عليهم ويحتفظ كل بنصيبه ليستهلكه ، كما تفضل أسر أخرى وضع الفواكه في طبق كبير من الحلفاء "الطبك" ويتم خلط الكل لتقدم إلى أفراد الأسرة صحبة الشاي حيث تبدأ موسيقى من نوع آخر تنبعث من ضجيج تكسير الفواكه الصلبة ذات النواة كالجوز واللوز والبندق، ومن الأسر التي تقدم الطبق من الفواكه بعد أن تقوم ربة الأسرة وبناتها بنزع القشور عن الفواكه.
" نحن نفضل الطريقة التي يشتغل فيها أفراد أسرتنا كل على حدة بتنقية نصيبه من الفواكه في جو من الضحك والمداعبة والأكل في جو عائلي، بعد أن يجتمع الكل عند الوالد...".
"النَّايَرْ" عيد الأطفال الصغار كذلك ليس بارتداء الملابس الجديدة، ولكن بما تحضره لهم الأمهات صبيحة اليوم الموالي وهي عادة بدأت تندثر مع اندثار الأفران التقليدية وغزو الحضارة ودخول المرأة عالم الشغل. كانت النسوة تقمن بعجن خبزات صغيرة يسميها أهل المدينة "الكُرْصات" بدقيق يضاف إليه سكر وبعض توابل الحلوى ، ثم توضع وسطها بيضة وتزين بقطع صغيرة من مختلف أنواع الفواكه الجافة تقوم الوالدة بغرسها على وجه "الكُرْصَة" وتطهى في فرن الحومة إلى جانب حلويات من صنع محلي ك"القريشلات" مثلا. كما أن هناك عادات أخرى ما زالت محل افتخار لبعض العائلات إذ تقوم بتحضير قصعة من "البركوكش" (المحمصة) بالقديد وتوضع فيه تمرة أو حبة فول حمراء أو حُمُّصة سوداء تكون فأل خير لمن عثر عليها والتهمها،"بالطبع ليست بالعادة القبيحة ولا بدعة سيئة بقدر ما هي عادة مجتمعية للتشجيع وتلمس الخير والفأل الحسن" يحكي ل"المساء" الحاج محمد بن علي النكادي أحد الشيوخ الطاعنين في السِّن.
وبما أن الفترة تصادف فصل الشتاء ، فصل البرد القارس تَعوَّد الوجديون استهلاك الخضر اليابسة الحاملة لكميات من الوحدات الحرارية كالقطاني والفول والعدس والجلبان واللوبيا. ثم هناك الطبق الوجدي بامتياز وهو من اختصاص الأمهات المتقدمات في السِّن والذي بدأت المنطقة تفتقده مع الأمهات الشابات والمتعلمات الموظفات وهو "طبق الشَّرشم" الذي يُحضَّر من حبوب القمح ويوضع في طاجين خاص من التراب يبيت على النار من فحم وبعد أن يوضع بعض الجمر فوقه ، إضافة إلى طبق من سبع خضروات شتوية من لفت وقرع وبطاطس وجزر والفول وكرنب وبصل، بعد أن يتم التضحية بدِيكٍ بلدي جميل وسمين.
لا شك أن ميزانية محدودي الدخل تتأثر بقفة "النَّاير" إذ تتراوح قيمتها ما بين 200 درهم و1000 درهم بالنسبة للأغنياء فيما يكتفي الفقير بكيلو من "الخالوطة" أو نصفه إن استطاع أي ما بين 15 و30 درهما. وتتراوح أسعار الجوز ما بين 40 و70 درهما للكيلو ، واللوز ما بين 35 بالقشور و80 درهم بدونها، والقسطل ب60 درهم والبندق ب50 درهم للكيلو والفستق ب60 درهم للكيلو والفول السوداني ب25 درهم وجوزة الهند بحوالي 8 دراهم ، والتمور ما بين 20 و40 درهم للكيلو حسب الجودة والتين الجاف ما بين 25 و40 درهم للكيلو، أما الفواكه الطرية فيتراوح كيلو من الموز من بين 8 و12 درهم وكيلو من التفاح ما بين 8 و18 درهم والبرتقال حوالي 5 دراهم للكيلو والليمون حوالي 4 دراهم للكيلو ووحدة من الأناناس ب20 درهم و70 درهم للكيلو الجاف.
وما يلاحظ اليوم أن الفواكه الأجنبية والغريبة عن مناخنا المستوردة من العديد من البلدان الأسيوية أو أميركا اللاتينية غزت الأسواق الوجدية، إذ كانت فواكه "النَّايرْ" كلها من إنتاج محلي وهو الأمر الذي يفسر البعض به هذا الاحتفال ويعتبره احتفالا ببداية السنة الفلاحية ومن هنا عرض المنتوجات الفلاحية التي تتوج مجهودات الفلاحين ويقومون بتقديمها في أبهى حللها وأشهى أطباقها واستهلاكها في اجتماعات أُسرية وعائلية تعبر عن التآخي والتكاثف والتآزر والوحدة...كما يعتبر ذلك تشبث السكان الفلاحين بأرضهم وتمسكهم بها وحبهم لها حيث دافعوا عليها وصانوها عبر التاريخ في فترات الحرب والسلم.
إذن لا شك أن "الناير" هو عيد الأرض وعيد السنة الفلاحية مصدر الحياة والعيش لدى سكانها خاصة منهم الأمازيغ. ويذهب العديد من الناس إلى القول بأن "الناير" له دلالة كبيرة لدى الأمازيغ بحيث يحيل ذلك اليوم الذي تبدأ فيه الاحتفالات على حلول السنة الأمازيغية الجديدة وهو يوم 12 يناير من كل سنة وما يطلق عليها الأمازيغية ( AMAYNU ASEGWAS ) وهي سنة 2964 التي تبتدئ من سنة تسعمائة وخمسين قبل الميلاد الموافقة لسنة 2013 الميلادية، ومن هنا يعلل اسم "النَّايرْ" المستمد من شهر "يناير" أو "إناير" باللغة الأمازيغية. ويعتبر التقويم الأمازيغي من بين أقدم التقويمات التي استعملها البشر على مرِّ العصور وهو غير مرتبط بأي حدث ديني أو تعبدي أو ثقافي، بل بحدث تاريخي،حيت يصادف احتفال هذا العام بمرور 2964 سنة على انتصار "شيشونغ" ملك الأمازيغ على الفراعنة سنة 950 قبل السنة الميلادية.
وعلى صعيد آخر، تتمظهر الاحتفالات بالسنة الأمازيغية ببضع المدن بالجهة الشرقية كالناظور مثلا بتبادل التهانئ وبإقامة جمعيات أمازيغية لسهرات فنية وموسيقية، مساء السبت 12 يناير الجاري 2014 بحلول السنة الأمازيغية الجديدة 2964 ، بمشاركة فنانين من الريف وسوس وشعراء ، وتطالب بالمناسبة بإقرار يوم 13 يناير الذي يصادف رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.