تشخيص جو بايدن بنوع "شرس" من سرطان البروستاتا وانتشار المرض إلى عظامه    مزراوي: "أتطلع للتتويج بالدوري الأوروبي واعتدت اللعب تحت الضغط"    مشاركة مكثفة في "خطوات النصر النسائية" ببن جرير    الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: قاعة القيادة والتنسيق صمام أمان في خدمة أمن المواطنين    استدعاء شهود من الخارج يؤجل النظر في ملف المتهمين بقتل الشاب بدر    السلطات المحلية بقيادة دردارة تستبق صيف 2025 باتخاذ تدابير صارمة للوقاية من حرائق الغابات    عطب يوقف "التيجيفي" بين الدار البيضاء وطنجة ويُربك المسافرين    المهرجان الدولي "ماطا" للفروسية يضرب لجمهوره الكبير موعدا جديدا في دورة استثنائية    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني" ويواصل تألقه في الساحة الفية    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    مدرب منتخب أقل من 20 سنة: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم المقبل    ارتفاع أسعار الفواكه الموسمية يلهب جيوب المغاربة    امحمد الخليفة يروي ل"اليوم24" قصة مثيرة عن قانون يفرض ضريبة 5000 درهم على البارابول (حوار فيديو)    مرسيليا تحتفي بالثقافة الأمازيغية المغربية في معرض فني غير مسبوق    الرباط تستضيف أشغال الاجتماع الخامس للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين    22 قتيلاً في غارات إسرائيلية على غزة    مليونا شخص يتضورون جوعا في غزة    العلاقات المغربية السورية: بين مدّ قومي وجزر سياسي    سفارة الصين بالمغرب: فيديو الملك الراحل الحسن الثاني وهو يدافع عن الصين بالأمم المتحدة حصد أكثر من 100 ألف إعجاب خلال يومين فقط على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية    الغلوسي: الشكايات أداة لفضح الفساد المتغول.. وهناك محاولات لعزل المجتمع عن محاربة الآفة    بنعبد الله منتقدا الحكومة: ملايين الدراهم للمقربين و"الفتات" للمواطنين    دورة المجلس الوطني ( السبت 17 ماي ) : بيان المجلس الوطني    أنشيلوتي: مودريتش سيقرر مصيره بهدوء.. وهذه نصيحتي لثلاثي المستقبل    مباريات السد.. السوالم يواجه أولمبيك الدشيرة والحسنية تلاقي رجاء بني ملال    المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة يحرز فضية كأس أمم افريقيا    تشديد شروط الهجرة: عقابٌ للمهاجرين أم تراجعٌ عن المبادئ؟    وانطلق قطار المؤتمر الوطني الثاني عشر    الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وتهديدات أمريكية بفرض رسوم جمركية    تأخيرات وإلغاءات.. الخطوط الملكية المغربية تحذر مسافريها من وإلى باريس أورلي    توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين    إكستازي وكوكايين وسرقة.. توقيف مروج خطير للمخدرات    مديرية الأمن الوطني توفر لموظفيها خدمات تفضيلية من "رونو" المغرب    تيزنيت : شركة نجمة سكن ترد على مقال "فضائح المشاريع السكنية بتيزنيت.."    جامعة محمد الخامس تحتفي بالابتكار الهندسي في الدورة الرابعة لليوم الوطني للابتكار التكنولوجي    المغرب ‬يسعى ‬إلى زيادة ‬صادراته من ‬السيارات ‬نحو ‬مصر    أعوان الحراسة والنظافة بزاكورة يحتجون رفضاً للهشاشة ويطالبون بالإدماج في الوظيفة العمومية    نتانياهو: سنسيطر على غزة بأكملها    العيش البيئي واقتصاد الكارثة    السينما الصينية تتألق في مهرجان كان: جناح خاص يعكس ازدهار الإبداع السينمائي الصيني    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    وهبي: اللاعبون قدموا كل ما لديهم والتركيز حاليا على كأس العالم    إيران ترفض اتهامات تجسس بريطانية    .    النصيري يسكت صافرات استهجان    وزيرة ثقافة فرنسا تزور جناح المغرب في مهرجان "كان" السينمائي    ارتفاع حركة المسافرين بمطار الحسيمة بنسبة 19% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025    تقرير رسمي.. بايدن مصاب بسرطان البروستاتا "العنيف" مع انتشار للعظام    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذبابة والشمس
نشر في نون بريس يوم 15 - 08 - 2016

الرصاص من نهاية الشارع ينهمر، والأطفال يرشقون الجند الغرباء بالحجارة.
وينحني جمال الدرة بقامته المديدة، وجبهته السمراء، على ولده محمد، يحميه بجسده، ويندفع معه إلى الجدار، يلتصقان به، ثم يجر ولده إلى كومة من الحجارة، يختبئ وراءها، يحس بها دافئة، كالأم، تحميه من الرصاص.
يلف ولده بيده اليمنى، يخبئه في خاصرته، يشدّه إليه بقوة، يودّ لو يدخله في عظام صدره، ويرفع يده الفارغة من أي شيء، يلوح بها من وراء كومة الحجارة، وهو يصيح:
– لا، لا تضربوا.
من ركن جانبي، تقترب سيارة عسكرية مصفحة، تتسلّل، ينزل منها حذاء عسكري، يحمل بزة عسكرية، تعلوها خوذة عسكرية، وتمتد بندقية جامدة، تستند إلى باب السيارة المفتوح، وثمة جندي داخل البزة العسكرية يحتمي بالباب، في المنظار المقرّب ترصد عينه موضع القلب في صدر الطفل.
سأقتلك أيها الصبي، سأصطادك مثل عصفور في العش، كم هو ممتع قتلك، سأرسلك إلى جنتك مبكراً، مثلما تودّ، أما أنا فلن أموت، أنا أكره الموت وأكرهك، أنا أكره كل أطفال العالم، لا، لن أموت، أنا هنا سأصنع دولة، لأني أنا من شعب اختاره إلهي، ووعده بهذه الأرض، أما أنت فيجب أن تموت، لا، لن أخسر فيك سوى رصاصة واحدة.
وتضغط على الزناد إصبع جندي محشو داخل تلك البزة العسكرية، وهو يلوك في فمه اللبان.
محمد الدرة ، ابن الثانية عشرة، يقول لأبيه :
أحسّ بشيء دخل صدري، فتح قلبي، لتدخل فلسطين كلها، غزة، يافا، حيفا، رام الله، القدس، أحسّ بقلبي ما عاد يتسع، كالنار قلبي كالثلج، أنا .. فلسطين...
جمال الدرة المختبئ وراء كومة الحجارة يمسح الدم عن صدر ولده النائم في حضنه كالعصفور، يرفع يده عالياً، يصيح:
– هذا ولدي، بين يديّ، في حضني مات، مات الولد، مات الولد، وأنت أيها الجندي، آه لو تعرف كم هو صعب أن يموت ولدك بين يديك؟ لقد رأيتك وأنت تصوب إليه بندقيتك، وأشرت إليك بيدي، وصحت: لا، لا تضرب، ولكنك تجاهلتني، ألست أباً؟ أليس لك ولد؟ ألست ابناً لأب؟ إذا كان لك ولد، فأتمنى ألاّ يموت بين يديك.
ويفتر ثغر الجندي المحشو داخل البزة العسكرية، يضع إصبعه ثانية على الزناد، وهو يلوك في فمه اللبان.
أما أنت أيها الأب، يا من أنجبت ذلك الولد، فسأرسل إليك بضع طلقات، لن أقتلك، سأتركك تتسلى برصاصات ثمان أو تسع، تستقر في حوضك، تشلّ بها، حتى لا تنجب ولداً آخر، يجب أن تصبح مثلي، من غير ذرية ولا ولد.
يضغط على الزناد، ويبصق.
إني أراك أيها الجندي الغريب، كل هذا السلاح لا يمكن أن يخفي عني عينيك، إني أراك تسدّد الآن بندقيتك إليّ، سدّد، إني أرى عينيك الفارغتين، سدّد، وامضغ من اللبان ما شئت، وابصق، فبصاقك لن يسقط إلا على حذائك، فهذه الأرض المقدسة لن تدنّسها لا أنت ولا سيارتك العسكرية المصفحة، ورصاصاتك أراها تقترب مني، ستخترقني، ولكنها لن تخترق سمائي ولا أرضي.
أراك الآن أيها الجندي الغريب وقد صغرت، صرت ذبابة سوداء صغيرة، وأرى وراءك الأفق الواسع، والأرض الواسعة، والسماء الواسعة، وثمة شمس جديدة تشرق.
في صباح يوم آخر، ينطلق أطفال آخرون من بيوتهم الجديدة، بينهم طفل آخر اسمه أيضاً محمد الدرة، يحلّقون كالعصافير، تحت سماء صافية، شمسها ساطعة، ذاهبين آمنين إلى مدارس جديدة، يرفرف فوقها علم فلسطين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.