لأن الجرائم لاتسقط بالتقادم لازال التاريخ شاهدا على دموية ووحشية المستعمر الفرنسي للجزائر و الذي أمعن وتفنن في استخدام كافة الوسائل والطرق لتركيع الشعب الجزائري من الحرق بالبنزين ودفن الأحياء والتعذيب،إلى القتل والجر بالشاحنات والشنق وبقر البطون للنساء الحوامل. لقد دفعت وحشية الفرنسيون لتجريب كافة الأساليب العالمية القديمة والحديثة الخاصة بالتعذيب والقتل، لكن أبشع ما ابتكرته أياديهم الآتمة كانت حرق جثث الأطفال في أفران الجير المعروفة بالجزائر ، والتي مازالت شاهدة على الجرم . ورغم مرور سنوات على الجرائم الفرنسية بالجزائر لازال الجزائريون يتذكرون بألم كبير مجزرة 8 ماي 1945 التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي وراح ضحيتها، إضافة إلى الكبار، أطفال صغار وتلاميذ مدارس أعدموا رميا بالرصاص ثم أحرقت فرنسا بعضهم في فرن الجير. وبالرغم من ثقل السنين، يذكر المجاهد الجزائري الساسي بن حملة وهو أحد أكبر الناشطين في الدفاع عن حقوق ضحايا تلك المجازر وعضو مؤسس لجمعية "8 ماي 1945" التي تمارس نشاطها تحت شعار "حتى لا ننسى" أنه من أكبر الإعدامات بشاعة تلك التي جرت بمدخل "بلخير" نحو كيلومترين شرقا بالمكان المعروف ب"الجسر الصغير" والتي راح ضحيتها التلميذ "كاتب إبراهيم" ذو ال12 سنة ووكذا أمه الحامل في شهرها السادس السيدة "نفسية" وأبوه "محمد". "عمي الساسي" قال في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أن عائلة "كاتب محمد" الذي كان موظفا بمدرسة التكوين الفلاحي بقالمة في ذلك الوقت قام بتصفيتها رميا برصاص الأمين العام لبلدية "ميلي زيمو" آنذاك (بلخير حاليا) رفقة عشرات المواطنين العزل."وقد أحرقت هذه العائلة بعد ذلك بفرن الجير بمنطقة هيليوبوليس على بعد 5 كلم شمالا حيث تحول هذا الفرن إلى محرقة للبشر"-كما يضيف نفس المتحدث. ويذكر عمي الساسي -الذي يعتبر من الشهود القلائل على مجازر "8 ماي1945" الذين لا يزالون على قيد الحياة وكان حينها في عمر 19 سنة وأمينا لخلية حزب الشعب- أن "الوحشية الاستعمارية في تلك المجازر استهدفت عددا كبيرا من المتعلمين والتلاميذ وأطفال المدارس". ويقول هذا الشاهد: "إن المدرس الفرنسي "هونري غاريفي" كان رئيسا للمليشيات التي قامت بالمجازر وحينما طلب منه رئيس دائرة قالمة "أوندري أشياري" إعداد قائمة بأسماء المرشحين للإعدام قال : "اسمحولي بأن أبدأ بقائمة تلاميذي" ". ويضيف عمي الساسي "ان هذا المدرس أعد فعلا قائمة بأسماء تلاميذ يعرفهم هو شخصيا وله معهم صورة في القسم الدراسي 1935 وأعدموا يوم 11 ماي 1945 بالثكنة القديمة بوسط المدينة رفقة 9 مناضلين شاركوا في مظاهرات "8 ماي 1945″ ثم نقلوا إلى فرن الجير وأحرقوا". وحول هذه العملية تشير وثيقة رسمية (في أرشيف جمعية 8 ماي 1945) هي عبارة عن مراسلة من قائد الفرقة المتنقلة بقالمة المدعو "بويسون" بعث بها إلى مدير الأمن العام للجزائر يوم 23 ماي 1945 ليخبره بأن "عملية إعدام المشاركين في المسيرة قد تمت رميا بالرصاص وهم : بلعزوق اسماعين والأخوين عبده علي واسماعين وبن صويلح عبد الكريم ودواورية محمد إضافة إلى ورتسي أحمد وأومرزوق محند أمزيان". إلى جانب ذلك يذكر السيد الساسي بن حملة أن المستعمر والفرنسي ولإخفاء الأدلة على جرائمه النكراء بقالمة "عمد إلى حرق أجساد الجزائريين المقتولين ومنهم من أصيب فقط وأحرق حيا بفرن الجير الذي كان تابعا للمعمر "مرسال لافي" بمنطقة هيليوبوليس يستعمله في حرق الحجارة وتحويلها إلى مادة الجير".