عاش زعماء سياسيون مغاربة، لحظات عصيبة على متن الطائرة، لكن القدر كان في صالحهم حيث نجوا من موت محقق، ومن ضمن هؤلاء الملك الراحل الحسن الثاني، الذي نجا خلال محاولة الانقلاب عليه يوم 16 غشت 1972، كما نجا شباط هو الأخر من الموت حينما كان إلى جانب أعضاء الفريق البرلماني على متن طائرة كانت تقلهم من مدينة الدارالبيضاء صوب مطار الحسن الأول بالعيون للقيام بمهمة استطلاعية في مدينة بوجدور عقب أحداث أكديم إزيك التي وقعت في أكتوبر من سنة 2010. بنكيران هو الآخر كان قد نجا من موت محقق حينما كان على متن طائرة للخطوط الملكية المغربية أقلته في أواخر شهر نونبر الماضي، من العاصمة إلى مطار وجدة أنكاد. وفي التفاصيل، نستهل هذا الموضوه بقضية نجاة بنكيران من موت محقق، حيث عاش رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران، ليلة السبت 22 نونبر 2014، حالة من الترقب الشديد، وذلك على متن طائرة للخطوط الملكية المغربية أقلته آنذاك من العاصمة إلى مطار وجدة أنكاد، قبل أن تغير وجهتها إلى الناظور، إذ كادت الرياح التي شهدتها أجواء عمالة أن تسقط الطائرة التي كان على متنها بنكيران. وبحسب ما أورته تقارير إعلامية، فقد اعترف بنكيران، أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية بالجهة الشرقية في اللقاء الذي احتضنه مركز الدراسات والبحوث يوم الأحد 23 نونبر بمدينة وجدة، فقال"بدل مكونا غا نتلاقاو هنا على والو كنتو غا تجيو للجنازة للرباط"، في إشارة إلى أنه كاد أن يلقى حتفه على متن الطائرة التابعة لشركة الخطوط الملكية المغربية، مضيفا أن الطائرة تعرضت لبعض الاهتزازات التي وصفها ب"الصعبة". هذا وقد أثني بنكيران على ربان الطائرة الذي وصفه ب"البارع"، لكونه عرف كيف يتعامل مع الموقف الخطير الذي وجد نفسه أمامه، وتمكن في النهاية من تغيير وجهة الطائرة إلى مطار العروي الدولي، حيث حطت الطائرة بسلام، وقرر المبيت بمدينة الناظور قبل ان ينتقل صباح اليوم إلى وجدة لعقد لقاء المجلس الجهوي للحزب، كما شكر رئيس الحكومة الله واعتبر نجاته "فضل من الله". من جهته، فجر حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، قنبلة من العيار الثقيل، تتعلق بتفاصيل ما اعتبرها "مؤامرة خطيرة" استهدفته إلى جانب أعضاء الفريق البرلماني على متن طائرة كانت تقلهم من مدينة الدارالبيضاء صوب مطار الحسن الأول بالعيون للقيام بمهمة استطلاعية في مدينة بوجدور عقب أحداث أكديم إزيك. و في التفاصيل، ذكرت يومية المساء في عدد سابق شهر يونيو الماضي، أن شباط صرح ، في لقاء نظمته جمعية خريجي المعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، إنه في طريق العودة إلى الدارالبيضاء عقب انتهاء المهمة، صعد شخص مجهول إلى الطائرة التي كانت من الحجم الصغير، حيث قام بعد لحظات من إقلاعها بالاعتداء على حمدي ولد الرشيد في وجهه، فقام أعضاء الفريق من مكانهم لمعرفة ما يجري "وبقيت الطائرة تتمايل لمدة نصف ساعة". و تابعت نفس اليومية ، أن شباط قال: "عندما وصلنا للمطار طلبت من حمدي ألا نضع أي شكاية، لأن الأمر يتعلق بمؤامرة مدبرة وكانوا باغيين يتهناوا منا لكن ربي منعنا" وفق تعبيره. وأضاف معلقا على تصريحاته التي وصفت بالخطيرة: "أتحمل مسؤوليتي لأن الأمر يتعلق بواقعة لم يسبق أن كشفنا عنها". وأشارت الصحيفة إلى أقوال الأمين العام حول اللحظات التي سبقت إقلاع الطائرة من مدينة الدارالبيضاء، حيث قال: "لقد تركونا لمدة ساعتين في مطار محمد الخامس، إلى أن بدأنا في الاحتجاج وضرب النوافذ بعد أن أحسسنا بالاختناق...ففي البداية قالوا لنا إن الربان غير موجود، ثم جاؤوا يقولون لنا إن الطائرة لا يمكن أن تنزل فوق أرضية مطار العيون بسبب الحرارة المرتفعة، غير أننا بقينا صامدين إلى أن توجهنا للقيام بالمهمة". وتبقى محاولة الاغتيال المعروفة تلك التي تعرض لها، الملك الراحل الحسن الثاني عبر الطائرة، يوم 16 غشت 1972، إذ أنه إذا كان هذا اليوم يوم بداية السقوط في الجحيم بالنسبة للبعض، فإنه كان بمثابة فاتحة خير ونقطة تحول في حياة محمد القباج. ذلك اليوم شاء القدر أن يقود محمد القباج طاقم الطائرة الملكية القادمة من مطار برشلونة، وعلى متنها الملك الحسن الثاني وشقيقه الأمير مولاي عبد الله، يرافقهما مجموعة من الضباط والموظفين السامين والمرافقين لعاهل البلاد.كان أمقران والكويرة بطلين بارزين ضمن "العصبة الخاسرة"، وكان محمد القباج بطل "العصبة الرابحة"، في ذلك اليوم الصيفي. أمقران كان يعلم أنه "ميت مع وقف التنفيذ" بفعل إصابته بمرض عضال بكليتيه. لقد كان محكوما عليه بالموت المؤكد بعد حين. عندما سلمته سلطات جبل طارق للقصر وجد نفسه أمام الحسن الثاني وجها لوجه، فقال له الملك: "أنا الذي قمت ببعثك إلى مستشفى "نيكير" (فرنسا) للعلاج، ألم تعلم أنك ستفقد الحياة بعد 18 شهرا على أبعد تقدير، حسب رأي الأطباء؟".رد عليه الكولونيل :"أعلم أنني سأموت لا محالة، لكني لم أكن أعرف المدة المتبقية لي…". في نفس اليوم حدث أن قذف الكوموندار الكويرة بنفسه في سماء سوق الأربعاء الغرب، بعد أن هزمته الرغبة الحثيثة في الحياة، لكن إلى حين فقط، إذ اعتقلته عناصر من الدرك الملكي، وسلمته للملك بقصر الصخيرات، سأله الحسن الثاني:- " من أمرك بإطلاق النار على طائرتي؟"رد عليه الكومندار الكويرة دونما تردد :- "الجنرال محمد أوفقير..".قاطعه الملك، مندهشا :- "مستحيل…"!!!يردف الكويرة:- "لا فائدة من الكذب الآن "أسيدي" وقد وقعت وانكشف أمري…"تلك بعض نتف من "الحوار" الذي دار بين الملك الحسن الثاني والرجلين اللذين شكلا رأس حربة انقلاب 16 غشت 1972″. كان الجنرال محمد أوفقير يعتقد أن بمقدوره اقتراف "الجريمة الكاملة ذلك اليوم"، هذا ما قاله الملك الحسن الثاني في الندوة الصحفية التي حضرها أكثر من 200 صحفي، على خلفية الانقلاب الثاني الفاشل. آنذاك وحده الملك تكلم، وصمت الجنرال محمد أوفقير إلى الأبد.في معرض إجاباته على أسئلة الصحفيين، قال الملك: "بعد إخضاع المعطيات الخاصة بالهجوم على "البوينغ 727″ وآثاره وظروف حدوثه، وعن مختلف الوقائع والحيثيات التي رافقته بالإضافة إلى تحاليل الحواسيب وقتئذ، كانت النتيجة، أن إمكانية النجاة لم تكن تتعدى الواحد على المليار"، ثم يضيف الملك في تدخل آخر، وهو يبتسم:"لم يكن الجنرال أوفقير قد أعد مخططا بديلا.. هذه هي غلطته. بعد نجاح العملية والتخلص من الملك، كان الجنرال ينوي تحميل المسؤولية لأمقران والكويرة، ثم يقوم بتصفيتهما لإسكاتهما". صمت محمد أوفقير إلى الأبد بعد الإعلان عن الأطروحة الرسمية: "انتحر الجنرال ودفن بسرعة دون إقامة الشعائر المعتادة حسب ما تقتضيه التعاليم الإسلامية في حالة الانتحار". أقيمت مراسيم الدفن بعين الشعير تحت حراسة مشددة ووفق تعليمات صارمة. بعد انقلاب "المشاة"، جاء دور الطيارين قبل مرور أقل من سنة، ومن أشهر الروايات أن الجنرال محمد أوفقير فكر في القضاء على الملك عبر إسقاط الطائرة في البحر أو إرغامها على النزول بالقاعدة الجوية للقنيطرة ليرغمه على التنازل عن العرش قصد الإعلان عن نظام جمهوري عسكري يقوده الجنرال بمعية حكومة كان قد سبق وأن عين أعضاءها، ضمنهم الجنرال حسني بنسليمان، الذي كان آنذاك عامل صاحب الجلالة على إقليم الغرب (القنيطرة)، لكن الكومندار محمد القباج أعدم "حلم" الجنرال أوفقير بعد أن صار بطلا ل "معجزة" إنزال الطائرة الملكية دون إلحاق أي ضرر بركابها، وعلى رأسهم جميعا الملك الحسن الثاني..