رئيس فيدرالية الجمعيات التنموية بالخميسات و مكتسبات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

فيدرالية الجمعيات التنموية بالخميسات إطار للتنسيق والعمل المشترك، يهدف إلى مد جسور التواصل بين الجمعيات المنخرطة فيه وذلك من خلال : تطوير القدرات في مجالات التدريب و التكوين ، تكوين و دعم الشباب المقاول، المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إشاعة ثقافة حقوق الإنسان والتربية على المواطنة، المساهمة الفعالة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تعاون و تواصل في إطار الشراكة مع هيئات ومنظمات حكومية وطنية و دولية تعمل لنفس الأهداف.
يؤكد رشيد حمادي قسو أن تأسيس فيدرالية الجمعيات التنموية بالخميسات جاء بهدف تعزيز قدرات الجمعيات العاملة في مجال التنمية، و تأهيلها لتلعب دورها بفعالية ومهنية، ويوضح الرئيس في هذا الحوار أن مبرر وجود الفيدرالية هو دعم الفاعل الجمعوي وتأهيله وليس الحلول كبديل عنه، وأنه لا يحق له أن يحل محل الجمعيات الموضوعاتية، بل دورها ينحصر في تطوير فعالية ونوعية تدخل الحركة الجمعوية...
ويشير رشيد حمادي قسو إلى أن الفيدرالية في سنتها الرابعة في وضعية تنظيمية قوية، انطلاقا من عدد الجمعيات المنضوية والمنخرطة في الفيدرالية، وكذلك من خلال تصورها للتنمية بالإقليم، هذا التصور الذي يتأسس على مقاربة تشاركية، جعلت من ثالوث التنمية: الإدارة والمجالس الجماعية والمجتمع المدني أساس محور التنمية، تصور كذلك ينبني على الانفتاح على كل مكونات المجتمع وعلى خلق بنية استقبال لكل الفاعلين للانخراط في مسلسل التنموي والاجتماعي المحلي والوطني.
في هذا الحوار نحاول التوغل مع رئيس فيدرالية الجمعيات التنموية بإقليم الخميسات لنعرف آراءه ووجهة نظره في قضايا جمعوية محلية، جهوية ووطنية.
أهلا وسهلا بك السيد رشيد حمادي قسو، ماهي الطبيعة التنظيمية للفدرالية؟ وما هي أهدافها ؟
تأسست فيدرالية الجمعيات التنموية بالخميسات بمبادرة من أطر جمعوية من مشارب مختلفة سنة 2006 بهدف تعزيز قدرات الجمعيات العاملة في مجال التنمية، و تأهيلها لتلعب دورها بفعالية و مهنية، وللنهوض بقوة تأثيرها على محيطها. فالفيدرالية فضاء للتفكير وإنتاج تصور لتأهيل العمل الجمعوي واستغلال الإمكانيات المتاحة لبناء مجتمع مدني منفتح ومتضامن ومتواصل مع محيطه. كما أن مبرر وجودنا هو دعم الفاعل الجمعوي و تأهيله و ليس للحلول كبديل عنه. من بين أهداف الفيدرالية مواكبة كل المشاريع المبرمجة سواء كانت أوراش ملكية أو برامج حكومية أو مخططات لبرامج للهيئات المنتخبة أو مخططات للمجتمع المدني أو فاعلين اقتصاديين واجتماعيين، هذا الانخراط للفيدرالية ليس انخراطا تفاعليا فقط بل مواكبة واعية وفاعلة بقوة الاقتراح والمبادرة المستمرة، وللفيدرالية أهداف قريبة المدى وأهداف إستراتيجية، ذات قيمة مضافة من حيث نوعية الأهداف التي تستجيب لمتطلبات الساكنة خاصة المستهدفون في المناطق الهامشية قرويا وحضريا.
على المستوى الجمعوي: ما يميز الفيدرالية هو التواصل الدائم والانفتاح على كل مكونات المجتمع من خلال تسطير برامج تكوينية تعنى بتأهيل وتقوية القدرات التدبيرية والمؤسساتية للجمعيات من حيث التخطيط و التنظيم و التسيير و التواصل و تقوية مشاركتها مع بعضها عن طريق التشاور و تبادل التجارب و الخبرات فيما بينها من جهة و بينهما و الشركاء المحليين من جهة أخرى.
على المستوى الاجتماعي: نظرا للبعد الاجتماعي للحركة الجمعوية بصفة عامة فإن الفيدرالية أخذت حيزا كبيرا في اهتماماتها اليومية لما هو اجتماعي، يتعلق المر بالعمل الخيري وتنشيط المؤسسات الاجتماعية، وإعطاء الطابع التضامني مجالا واسعا في مقاربتها التشاركية.
على المستوى الاقتصادي: إن من بين الاهتمامات الإستراتيجية للفيدرالية هو المساهمة في تأهيل الإقليم اقتصاديا على اعتبار أن الهوية الاقتصادية للإقليم غير واضحة، فنحن الآن منكبون على تشخيص الإمكانيات الاقتصادية للإقليم وذلك لخلق بنية استقبال للاستثمار واستفادة من الموقع الاستراتيجي الهام الذي يتميز به.
ماذا عن الموارد البشرية للفيدرالية؟
بالنسبة لمواردنا البشرية، فنحن نستمدها من الجمعيات العضوة في الفيدرالية، إضافة إلى مجلس الرئاسة للفيدرالية والذي يتكون من أهم الشخصيات بالمدينة وهو إطار تحكيمي واقتراحي، مدعم ومحفز إلى جانب المكتب التنفيذي. فالفيدرالية تحتضن عدد من الأطر المعروفة بكفاءتها وتجربتها الميدانية وتعدد تخصصاتها في عدة مجالات.
ماهي الإضافة التي من الممكن أن يقدمها مجلس رئاسة الفيدرالية؟
خلقنا لهذا الإطار سنكون قد جسدنا بالفعل العمل التشاركي بعيدا عن كل الخلفيات سواء كانت سياسوية أو فئوية أو إثنية مساهمة منها في تكريس التنمية المستدامة و ثقافة المضامين والمحتوى في إطار برامج تكوينية بفضاءات الفيدرالية التي تستهدف كل الشرائح الاجتماعية في إطار تواصل وتناغم الأجيال والمؤسسات وتنافس شريف بذهنية وعقلية حداثية وبنية استقبال مستوعبة خصوصية وتعقيدات المرحلة مع تشخيص الحاجيات واستيعاب الأولويات، مع التركيز على العمل الميداني ذو مردودية يستهدف مجال التأطير والتشغيل ومقاربة النوع.. سنحاول تعميق التشارك مع مجلس الرئاسة وفعاليته المميزة بسمعتها وخبرتها في إطار ثالوث التنمية من سلطة وجماعات محلية ومجتمع مدني. فإحداثنا لمجلس الرئاسة يعتبر سابقة في العمل المدني محليا ووطنيا وذلك لتمتين العلاقة مابين المجالس المنتخبة والمجتمع المدني في إطار سياسة القرب الذي دعا إليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
كيف تقرؤون حصيلة الفيدرالية ؟
لقد لعبت الفيدرالية ولازالت دورا رياديا في التأثير على مسارها، فالمتتبع لنشاط الفيدرالية يمكنه أن يسجل الدور الذي لعبناه في الدفع بمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبالتالي تشكل الفيدرالية استثناء إذا ما قارنا مستوى إنجازاتها بالإمكانيات المحدودة، فلقد تمكنا في ظرف وجيز من تحقيق نجاحات باهرة من حيث الكم ونوعية البرامج والمشاريع، وكذلك سرعة التفاعل مع المحيط بقدرات أعضائها وفعاليتهم ومردوديتهم. فتقييمنا لهذه الحصيلة ليس فقط مبني على النظرة التفاؤلية المفرطة، بل تقييمنا يستند على نقد بناء لمسار الفيدرالية، هذا النقد الذي نعتبره جزء من عملنا اليومي للاستخلاص الدروس وتجاوز الإكراهات.
يلاحظ غياب معايير محددة لاستفادة الجمعيات من المنح التي تقدمها المجالس ما هو تفسيركم لهذه الظاهرة؟
أصبح معيار استفادة الجمعيات من الدعم موضوع اهتمام الفيدرالية والمانحين من جماعات محلية وقطاعات وزارية ووكالات ومؤسسات مخلية ودولية، لقد استبشرنا خيرا في مشروع أحد القطاعات الوزارية بتنسيق مع قطاع محاربة الأمية والتربية غير النظامية لوضع مقاييس ومعايير لاختيار الجمعيات المستفيدة من المنح، وتم مشاركتنا في اقتراح عدد من المقاييس القريبة من شروط قبول ملف المقاولات، هذه المعايير والتي تتأسس على الإنجازات واللوجستيك والموارد البشرية التي تتوفر لدى الجمعية وعلى الميزانيات التي اشتغلت عليها، وكذلك قدرة الجمعيات في تحقيق أهداف الشركاء، ولكن نتساءل هل هذا المشروع مازال قيد الحياة نظرا لأهميته في حل إشكال دعم الجمعيات النشيطة.
ما هو تصوركم لمفهوم التنمية بالمغرب و بالإقليم خاصة و بصياغة أخرى سؤال التنمية ؟
إن انفتاح المغرب السياسي في أواخر التسعينات أعطى انطلاقة لمفهوم جديد للتنمية، هذا المفهوم المبني على الحداثة والديمقراطية والحكامة، كما يعتبر تقرير الخمسين سنة من التنمية الأرضية والمرجعية للمشروع التنموي للبلاد وكان الدور الكبير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في تجسيد المجهود الوطني للتنمية البشرية من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والأوراش الكبرى. فيما يخص مفهوم التنمية فقد خضع عبر التاريخ الإنساني لمجموعة من المفاهيم، بالنسبة للمفهوم التاريخي للتنمية و خاصة من خلال المفهوم الكلاسيكي كانت التنمية هي المردود و المنتوج المادي و تتطور نمط الإنتاج و تحسين شروط معيشية للمجتمع، أما المفهوم الحديث عند منظري و مفكري عصر النهضة الأوربية كانت التنمية هي التطور نمط العيش و لكن إضافة أخرى في هذا المفهوم تطور النظام السياسي و الاجتماعي مع تحسين وعي الفرد و مستوى تعليمه أما المفهوم المعاصر يستند أساسا على مفهوم الأمم المتحدة للتنمية وحيث يصبح الفرد هو منطلق التنمية و هدفها، ولكن أصبحت المقاربة الآن و خاصة في أواخر الثمانينات إلى حدود اليوم تستمد مفهومها من التنمية المستدامة الذي أصبح متداولا على اعتبار التنمية مفهوم شامل يأخذ بعين الاعتبار عنصر البيئة أساسي في المعادلة التنموية. من هنا يصبح المغرب في عهد الملك الشاب محمد السادس نصره الله مبدع المبادرة الوطنية للتنمية، استوعب مفهوم التنمية بكل مضامينها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والتضامنية ... و أصبح كل المتدخلين معنيين بترجمة أبعاد التنمية البشرية في مغرب الألفية الثالثة.
ما هي قراءتكم لحصيلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وهي في سنتها الخامسة محليا ووطنيا والآفاق الخماسية المقبلة 2011-2015 ؟
أولا ننوه بالجهود المبذولة من طرف كافة شركاء المبادرة الأساسيين، من منتخبين وسلطات محلية ومصالح خارجية وهيئات المجتمع المدني، على مستوى إنجاز مشاريع المبادرة بإقليم الخميسات التي ساهمت بشكل وافر، إلى جانب مجهودات القطاعات الحكومية والجماعات المحلية لخلق دينامية في العمل الاجتماعي تجلت نتائجه الإيجابية من خلال استفادة شريحة عريضة من المجتمع، تعاني من مظاهر الفقر والإقصاء والتهميش من التكوين الحرفي والتشغيل الذاتي والتنشيط الاجتماعي وجاهزية مراكز الاستقبال لتقديم الخدمات في أحسن الظروف. إن المكتسبات المحققة، خلال الخمس سنوات الماضية، مكنت من تقوية وتعزيز الإحساس بالمواطنة والحكامة الجيدة وتكريس ثقافة المشاركة واحترام كرامة الإنسان والاستمرارية. رغم بعض الإكراهات والنواقص التي لازالت تعيق إنجاز المشاريع في وقتها واستمراريتها ، ومنها تأهيل الجمعيات وتكثيف مخططات إقليمية للتكوين للانخراط بشكل ايجابي في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إضافة لذلك مسألة التنسيق مع المصالح الخارجية، وتأهيل الموارد البشرية، والتكوين والتواصل تجاه السكان والنسيج الجمعوي المحلي. نتمنى إيلاء مزيد من الاهتمام للمشاريع التي تخلق مناصب الشغل والمدرة لمداخيل القارة.
كيف يمكن تجاوز الإكراهات والصعوبات التي لازالت تعيق إنجاز مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟
رغم المعيقات حققت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم الخميسات هدفها المنشود من خلال استهداف الفئات ذات الدخل المحدود، وكذلك من خلال برنامج الهشاشة الاجتماعية، حيث أن الإقليم عرف بناء وتشييد عدد كبير ومهم من دور الطالب والطالبة بالإضافة إلى برنامج تأهيل المنطقة من حيث البنية التحتية الطرقية خاصة بالعالم القروي في إطار البرنامج الأفقي. وما يميز المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالعالم الحضري هو كثافة المشاريع المدرة للدخل والتي تتميز بالتنوع من صناعة تقليدية وفلاحة وخدمات. كما حان الوقت لانطلاق الاستراتيجية الجديدة للمبادرة للفترة 2011-2015 والتي ستعرف هيكلة جديدة تهدف مواكبة المشاريع والعمل على إتقانها، في إطار من المصداقية والحكامة الترابية الجيدة.
كلمة أخيرة؟
الفيدرالية هو مشروع يحتاج لمساهمة كل الفاعلين في تقوية قدراتها التنظيمية ودعم تصورها التنموي للنهوض بالإقليم على جميع المستويات، الفيدرالية منتوج يختزل أبعاد استراتيجية للتنمية المستدامة مستوعبا كل تعقيدات الواقع الاجتماعي والاقتصادي المحلي والوطني فهي جواب على نبض المجتمع وجواب على كل سؤال/سؤال رهانات التنمية والحداثة والديمقراطية المحلية. وأخيرا أشكركم على الاستضافة وعلى هذه الالتفاتة الطيبة، وتحية جمعوية باسمي وباسم أعضاء مكتب فيدرالية الجمعيات التنموية بإقليم الخميسات إلى طاقم جريدة "أون مغاربية". فشكرا لكم ألف شكر ودمتم أوفياء لما فيه الخير لوطننا العزيز.