قانون الجديد للمسطرة الجنائية يدخل حيز التنفيذ بعد 3 أشهر    آلاف النازحين من غزة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية وتدمير المباني    الرجاء ينتصر على مضيفه الفتح بهدفين لصفر    البطولة.. ديربي الرباط بين الجيش الملكي واتحاد يعقوب المنصور ينتهي بانتصار العساكر    ميناء الناظور .. انخفاض ب10 في المائة للكميات المفرغة من منتجات الصيد البحري    قانون جديد يعيد تنظيم مهنة المفوضين القضائيين بالمغرب    سفيان البقالي يبلغ نهائي 3000 متر موانع في مونديال طوكيو    رسميا .. باشاك شهير التركي يضم أمين حارث على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم    آلية جديدة لمراقبة مواظبة التلاميذ والأساتذة مع بداية السنة الدراسية    حياة الكلاب..حياة الماعز    المطبخ المغربي يتألق في القرية الدولية لفنون الطهي بباريس    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    دراسة : التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    "باراماونت" تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة مؤسسات سينمائية إسرائيلية    كأس ديفيز.. المغرب يتقدم على جنوب إفريقيا بنتيجة(2-0)    مدرب جزر القمر: مواجهة المغرب في افتتاح الكان شرف كبير لنا    ابن الحسيمة الباحث عبد الجليل حمدي ينال شهادة الدكتوراه في الكيمياء العضوية    بسبب أشغال مشروع القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش.. السكك الحديدية تعلن تعديلات جديدة على شبكة رحلات قطاراتها    بنكيران: اشعر بخطر قصف اسرائيل لمقر حزبنا.. وعدم حماية الأنظمة العربية لمواطنيها يعني نهاية "البيعة"    قمة عربية وإسلامية في الدوحة.. حزم مع فلسطين وصرامة حيال إسرائيل    توقعات بارتفاع انتاج الزيتون وانخفاض أسعار الزيت    مجلس حقوق الإنسان.. منظمات غير حكومية تحذر من استمرار العبودية في مخيمات تندوف    المغرب يستقبل 723 حافلة صينية استعدادًا لكأس أمم إفريقيا    اعتقال شابة متورطة في شبكة إجرامية لسرقة وتحويل الأموال رقميا    شفشاون.. البحرية المغربية تنتشل جثة شخص قبالة شاطئ الجبهة    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم    رئيس مجلس النواب يجري بهلسنكي مباحثات مع مسؤولين فنلنديين    كأس إفريقيا للأمم 'المغرب 2025': الكاف ولجنة التنظيم المحلية يحددان موعد انطلاق بيع تذاكر المباريات    الجامعة المغربية لحقوق المستهلك مستاءة من الاختلالات في العلاقة التعاقدية بين الأبناك والمستهلكين    بنكيران يُقر بامتلاكه ضيعة فلاحية بالعرجات وينفي إخفاءه أغنام الإحصاء            العثماني: تصريحات أخنوش تضمنت "معلومات خاطئة"        "العدالة والتنمية" يتهم رئاسة مجلس جماعة سلا بالتحايل في ملف "التعاونية القرائية"    حملة جديدة على المعارضة بإسطنبول    أمريكا تؤكد مطابقة المصايد المغربية لمقتضيات القانون الأمريكي الخاص بحماية الثدييات البحرية (MMPA)    الفوضى وسوء التنظيم يطغيان على العرض ما قبل الأول لفيلم "كازا كيرا"    نادين أيوب أول فلسطينية تشارك في مسابقة ملكة جمال الكون: لنا أيضا أحلامنا    زلزال بقوة 7,4 درجات يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي    أمن طنجة يحجز 260 قطعة من الشهب الاصطناعية قبل مباراة اتحاد طنجة وحسنية أكادير    سفير المغرب يفتتح معرض الفن العربي بواشنطن بدعم مغربي    وفد صحفي إيطالي يستكشف مؤهلات الداخلة... الوجهة الصاعدة للاستثمار والتعاون الدولي    منظمات حقوقية تفضح بجنيف استمرار عبودية الصحراويين في مخيمات تندوف    10 أشهر حبسا لمهاجر مغربي نشر صور أمنيين على مواقع التواصل    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    كيوسك السبت | إحداث لجنة مشتركة لتتبع توفير الكتاب المدرسي في نقاط البيع    كولومبيا.. جمعية الصحافة والإعلام توشح سفيرة المغرب بأرفع أوسمتها    حجز 260 وحدة من الشهب الاصطناعية المحظورة            إسبانيا تتحرك لاحتواء بؤر إنفلونزا الطيور.. إعدام طيور وإغلاق حدائق        ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل نقاش راشد حول الأمازيغية
نشر في أون مغاربية يوم 10 - 09 - 2011

الدكتور فؤاد بوعلي** – وجدة – أون مغاربية
استطاع الدستور الجديد أن يحقق قفزة هامة في التناول الاجتماعي والسياسي للقضية الثقافية الهوياتية. فبعد ردح من الزمن كان تناول المسألة اللغوية أمرا متجاوزا أومهملا في التعديلات الدستورية المتتالية، باعتبارها أمرا محسوما فيه، أتى الدستور الجديد ليعلن عن مركزية البعد الهوياتي في كل الإصلاحات المنتظرة والديمقراطية المأمولة، خاصة بعد النقاش اللغوي المحتدم الذي عرفته الساحة الفكرية والتربوية والسياسية بالمغرب، وتدخل فيه مفكرون وأدباء وأكاديميون ولسانيون، وطرحت فيه قضايا تجمع بين العلمي والإثني والهوياتي. لكن تعترض هذا الإعلان جملة من العراقيل والعقبات التي حملها في ثناياه النقاش المحتدم مؤخرا حول الأمازيغية وشروط تنزيل النص الدستوري، مما يهدد فاعلية التعديل الأخير وإمكانيات أجرأته. لذا نعتقد أن تأطير النقاش حول الأمازيغية بضوابط ونواظم واجب علمي وحضاري يدفع نحو مزيد من التلاقي والبحث عن المشترك الوطني بين فئات الشعب المغربي. بل إن النقاش برمته وقبل الدخول في أجرأة النصوص التنظيمية والتشريعية ينبغي أن يحدد مجاله وصواه. وفي اعتقادنا، إن أهم معالم النقاش حول الأمازيغية في مغرب الدستور الجديد هي:
1. الابتعاد عن المنطق الصراعي:
جميل أن يتحدث بعض الفضلاء عن أنه "قد حان الوقت لنطرح موضوع القضية الأمازيغية بروح أخوية نسعى من خلالها إلى بناء مغرب مبني على العدالة والمساواة والديمقراطية الحقة"1، لكن قراءة مسار الخطاب الثقافي الأمازيغي منذ انطلاقته وبداياته الجنينية تخلص إلى انبنائه على "الصراعية". حيث خاض صراعا ضد كل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والثقافيين. "فالحركة الوطنية التي قادت الاستقلال هي حركة عروبية قومية سلفية معادية لقضية الأمازيغ. واليسار كيان متآمر على الأمازيغية من خلال تشبعه بمبادئ الفكر القومي الذي يربط تحرر الشعب المغربي بتحرر الشعوب العربية في فلسطين والعراق. والحركة الإسلامية ما هي إلا حركة مستغلة للدين لأهداف سياسية ومقدسة للعربية. والنظام السياسي نظام لا ديمقراطي وعربي ومحارب لمظاهر الهوية الأمازيغية خاصة الأسماء"2. لذا لن تفاجئنا فورة هذا الخطاب وعدم قدرته على الدخول في النقاش العلمي الموضوعي حول قضايا الحرف والتعليم وموقع الأمازيغية في قائمة اللغات الوطنية، وتخوينه لكل من يرفض مسار التداول بل تسييس الأمر وجعله مرتبطا بأحزاب دون أخرى، والدعوة إلى حل أحزاب لها مواقف مخالفة لتوجهاته. لذا، فاعتقادنا الراسخ أن النقاش الأكاديمي الهادئ والرصين هو الذي سيحسم في كل القضايا المرتبطة بالهوية ومكوناتها بعيدا عن صراعية الخطاب الثقافي الأمازيغي الذي رهن وجوده على صناعة أعداء موجودين أو متوهمين على الصيغة الدونكشوتية.
2. استيعاب اللحظة الدستورية:
إذا كان الدستور قد أدرج الأمازيغية في مناط الترسيم فإن الصيغة التي أدرجت بها جعلت الجميع يقدم تأويلاته الخاصة بعيدا عن نص الدستور. لكن اللحظة التي أدخلت المغرب في مسار من التوافق حول قضايا مختلف حولها، وجعلت الفرقاء السياسيين يقتنعون بمفصليتها، يجب أن تستوعب جيدا من خلال فتح جميع الملفات حتى التي حسم فيها سلفا من قبل بعض الأطراف. فما قبل الترسيم غيره ما بعد الترسيم. ولأن موضوع الأمازيغية يهم جميع المغاربة، فإن للجميع الحق في إبداء رأيه وموقفه من شأنه اللغوي. كما أن الجميع ينبغي أن يتدخل في شكل كتابة هذه اللغة وموقعها في مساره التنموي. فليس الأمر قاصرا على نخبة محددة تدبر أمر الأمة، وليس الأمر خاصا بقضية دون أخرى، فالترسيم يعني فتح جميع الملفات وكيفية تدبيرها السابق والتمويل الخاص بها للنقاش العمومي.
3. وطنية النقاش حول الأمازيغية
تحاول مجموعة من الأقلام والفعاليات المحسوبة على التيار الأمازيغي ربط الانتماء بكيانات مغايرة، مما يعيد النظر في تاريخ المغرب ووجوده الإقليمي والاستراتيجي. وبعيدا عن الدوافع التي تحرك هذه الأطراف، خاصة مع دخول بعض الأسماء السلطوية والمرفوضة شعبيا على الخط، واستغلالها للربيع العربي لتحقيق أجنداتها الخاصة، واستغلال بعض الأحزاب للورقة الأمازيغية لأهداف انتخابوية مضمرة ومعلنة، فإن نجاح النقاش رهين بمغربيته ورفض كل الجهات التي تسعى لتدويل الأمازيغية باعتبارها قضية شعوب أصيلة مظلومة. خاصة بعد أن أثبتت هذه الجهات أن حديثها عن الأمازيغية من باب الحقوق والديمقراطية ليس إلا عنوانا لاستغلال سياسوي وخدمة لمصالح خارجية عن المغرب، حيث الوثائق علاقاتها الراسخة من الأنظمة الديكتاتورية التي طردها الربيع العربي3.
4. النقاش والظلم التاريخي
في كل حديث عن مسار النقاش حول الأمازيغية يتحدث عن الظلم والعدالة، وكأن الأمازيغ في المغرب عاشوا لعقود طويلة في ظل حيف خاص بهم دون غيرهم، وكأن السنوات التي ووجهت فيه الحركات الاجتماعية كانت تحت عناوين هوياتية، وكأن ما يحدث حاليا بنواحي مريرت سببه الانتماء لا الاحتجاج الاجتماعي. لذا، فالأصوب تصحيح مسار النقاش بدل الحديث عن تصحيح التاريخ. لأن الذين تنتفض إثنيتهم الآن وتتغلب على اعتقاداتهم الإيديولوجية والسياسية والدينية، لا يتحدثون عن نماذج مشرقة من الأمازيغ الذين خدموا العربية والإسلام في المغرب والأندلس، قديما وحديثا، إلا من باب النقد والهجوم بغية إثبات الذات كأبي حيان النفزي الأندلسي والمختار السوسي وعبد الله كنون... لكن الواقع التاريخي يثبت أن رهان الحركة الوطنية على الوحدة الهوياتية والمزايلة عن النمط التجزيئي الذي صاغه الاستعمار هو الذي حفظ بيضة الأمة في زمن الانقسام وخلق الكيانات القزمية. وفي الواقع العالمي ما يستدل به على صواب هذا الخيار، حيث تنحو جل الدول المتقدمة نحو التوحيد بدل التجزئ. والنقاش الدائر في ألمانيا حاليا حول موقع اللغة الألمانية خير الأمثلة.
5. الصراع ضد العربية
لقد أثبت النص الدستوري أن العربية ستظل محافظة على مكانتها باعتبارها اللغة الرسمية للدولة. ومنطوق النص يثبت موقعها في الإدارة والشأن العام الذي ينبغي على كل المغاربة بمختلف انتماءاتهم النضال من أجل إحلالها المكانة التي تليق بها. لكن رهان بعض الكتابات على جعل العربية والتعريب العدو الرئيس بدل الانكباب على معالجة واقع اللغات الوطنية والتهديد الفرنكفوني لكل المظاهر الهوياتية، يجعل النقاش صعبا وبعيدا عن كل روح وطنية. لذا ستجد من يدافع عن لاتينية الحرف الأمازيغي، ومن يستجدي مساعدة الغرب ضد وطنه وحكومة وطنه..... لكن منطق التوافق يفترض أن النقاش ينبغي أن يؤطر بتحديد شمولي للأدوار الوظيفية للغات الوطنية والأجنبية بعيدا عن كل انغلاقية مميتة أو عدائية مقيتة. فالأصل هو النظر إلى الأمازيغية كمكون لغوي قابل للتوظيف في مجالات تعبيرية واجتماعية معينة تحدد من خلال حوار وطني حقيقي.
6. مؤسسة النقاش
يبقى الآن أن نحدد المؤسسة الكفيلة بالإشراف على هذا الحوار. لا نتصور أن لدى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية القدرة والكفاءة المطلوبتين للإشراف على حوار جاد ومسؤول وشامل يحضره مختلف الفرقاء والفاعلين في الحقلين الثقافي واللغوي، والأسباب كثيرة ومتعددة يعود جلها إلى نشأته المرتبطة بمحاولة استيعاب التيار الأمازيغي داخل الدائرة السلطوية، إضافة إلى غياب الإجماع حتى داخل هذا التيار على منجزاته وقراراته، والأهم هو انبناء خياراته العلمية في الترجمة والحرف والإعلام والتعليم على مرتكزات إيديولوجية كما يبدو في الكتب المدرسية المقررة. كل هذه العوامل تجعل من الصعب إسناد الإشراف على الحوار إلى هذه المؤسسة ، ومن الضروري التفكير جديا في مؤسسة بديلة لعل أهمها المجلس الوطني للغات الوارد في النص الدستوري.
كل هذه النواظم تجعل النقاش أكثر فعالية وعلمية ومستحضرا لحاجيات المرحلة وضرورات الانتماء والوحدة والوطنية.
-----------
** رئيس وحدة الترجمة بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية- وجدة
1 سعد الدين العثماني : حتى لا تظلم الأمازيغية
2 أنظر مقالنا: الحركة الأمازيغية المغربية: محاولة في تصحيح المسار. التجديد:12/1/2011
3 أنظر تصريح رئيس الكونغريس الأمازيغي العالمي بعد لقائه للرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.