بقلم: توفيق عزوز ربما أحيانا يحلوا الحديث عن قضايا الشأن العام بالمغرب بين متذمر و بين متفائل، فخلال هذا الحديث كل يستنتج خلاصاته من أفكاره و قناعاته. ربما أحيانا ننسى الخلفيات التاريخية لكل مشكل حقيقي الذي نعيشه في الحاضر و اشعاعه سيلاحق أجيال المستقبل، موضوع الانتقال الديموقراطي بالمغرب خلق نقاشا واسعا بين أطياف المجتمع و خلق أيضا رؤى عميقة لتجلياته و ارهاصاته المستقبلية بين مد و جزر مع مختلف الفعاليات السياسية و المدنية. هنا لا يمكن أن ننكر جميعا في طرح السؤالين التاليين " لماذا لم يبني المغرب بعد تجربته الديموقراطية؟ وهل كانت حركة 20 فبراير في مفهومها العميق فرصة سانحة لا تعوض؟". خلال فترة من فترات العصور الوسطى كان المغرب يعيش قوة سياسية ضاغطة تثمثل في حكم السعديين، هذه الفترة تميزت بحدث قلب موازين الامبراطورية البرتغالية من طرف المغاربة الذين أبانوا على بسالة كبيرة في معركة "وادي المخازن"، من تلك الفترة و بالضبط من سنة 1578م، كان المغرب في أعين القوى التوسعية خاصة اسبانيا و البرتغال قوى عظمى ويتجلى ذلك في توقف الزحف العثماني في أبواب تلمسان. هنا يمكن أن نتسال هل كان المغرب الأقصى يساير المجتمعات في التقدم أم انه كان يعيش داخليا صراعات قبلية و نزعات عرقية عرقلت تقدمه و ازدهاره؟ لا يخفى على الجميع أن المغرب استمر أكثر من قرنين في أعين القوى الخارجية قوى عظمى ببضع سفن في البحر الابيض المتوسط و المحيط الأطلسي الى أن قام المولى سليمان بسياسة الاحتراز و الانغلاق مخافة من الأطماع الأوربية التي كانت عرفت ثورة صناعية و مرت بمراحل الكشوفات الجغرافية، هنا تسال الأوربيون لماذا نهج المولى سليمان سياسة الانغلاق؟ هذه هي البداية الحقيقية لنبش سيادة المغرب وتبيان مدى بقيت له من قوة و هيبة، فكانت معركة ايسلي 1944 التي كشفت هذا الغطاء التي حجبنا لبضع قرون من الانحطاط، بينما كانت الامم في اكتشاف ذاتها رغم ببعض الأساليب اللانسانية. أنت أيها القارئ اذا قارنت بين هذه المرحلة التاريخية و المرحلة الحالية ستجيد أنهما متشابهتان في الأسس رغم الاختلاف في بعض الجزئيات. الأسس هي أننا نظهر أمام المجتمع الدولي دولة ديموقراطية لها مؤسساتها، في حين يرانا هذا المجتمع أننا في تخلف و رجعية فكرية سيطرت عليها شعوذة المشهد السياسي الكارثي. علاقة الأحداث السافلة الذكر بالانتقال الديموقراطي بالمراحل التي مرت بها اسبانيا في بناء مسلسلها الديموقراطي، فبعد موت الجنيرال المستنير "فرانكو" عاشت اسبانيا مرحلة جد مهمة في تاريخها المعاصر هذه المرحلة تتميز ببناء المؤسسات الدستورية و خلق ظروف للتداول على السلطة في ظل حكم ملكي برلماني هذا الانتقال لم يكن بالأمر الهين انما هو نتاج لتراكمات تاريخية. المغرب عاش نفس الأمر ربما هناك اختلاف في بعض الكماليات التي لا تؤثر، فبعد تولي عبد الرحمان اليوسفي الحكومة كان من المفروض خلق ظروف أيضا للتناوب على السلطة و اعادة النظر في ظهير الحريات العامة 1958م، لماذا اسبانيا عرفت تداولا على السلطة بين حزبين الاشتراكي و الشعبي، بينما الاتحاد الاشتراكي فبالرغم من فوزه في انتخابات 2002 لم يتولى الحكم بل تولت جهة تقنوقراطية في شخصية ادريس جطو بتعيين من الملك، هذا الأمر انعكس سلبا على البناء الديموقراطي المغربي و تصريح لليوسفي من اقامته في بلجيكا" أنا أحكم ولست أحكم" خير دليل. نفس الأحداث أعادت نفسها في الثورة الشعبية ل20 فبراير كانت مرحلة هامة لجميع الأطياف السياسية لفرض شروط و تنازلات و اعادة بناء المؤسسات الدستورية بدستور جديد، لكن المغرب مرة أخرى لم يكن في الموعد و الشعب دائما في الموعد، هل كان حزب المصباح فخ للمغاربة؟ هل سيسامح المثقفون حزب المصباح على هذه المجزرة؟ هل سيجازي المغاربة المصباحيين في الانتخابات المقبلة، أم أن الظرفية الامنية الحالية يحمدون المغاربة الله من أجلها؟ .. فيبقى الاشكال كيف يمكن تحقيق الانتقال الديموقراطي في المغرب.