بقلم: توفيق عزوز عاش المغرب يوم الاثنين 30 يناير 2017، عرسا افريقيا بعد قبول طلب عودته لمنظمة الاتحاد الافريقي الذي تقدم به في يوليوز من العام الماضي و هذا جاء تتويجا لدبلوماسيته الرسمية في شخص ملك البلاد محمد السادس على إثر الزيارات المتكررة للأشقاء الافريقيين على مر نصف عام من المباحثات و الإجراءات القانونية و العرف الديمقراطي السائد في المؤسسات العالمية. وكان المغرب قد انسحب من عضوية في هذه المؤسسة الافريقية على إثر إعتراف هذه الأخيرة بالبوليساريو كدولة قائمة بذاتها و التي انخرطت في هياكل الإتحاد الإفريقي ابتداء من الثمانينيات من القرن الماضي، وكان الملك الراحل الحسن الثاني هو من اتخذ قرار الانسحاب استنكارا لوجود الكيان الوهمي برسالة ملكية تلاها المستشار الملكي رضا اكديرة في القمة الافريقية التي كانت منعقدة في أديس أبابا، مما جعل من المنظمة الإفريقية منظمة عاجزة في حل مشكلات دول أعضاءها خاصة في ما يتعلق بالحدود المصطنعة بين المغرب و الجزائر وبالتالي أصبحت مؤسسة بلا روح بلا رؤية استراتيجية تضع المواطن الإفريقي من أولوياتها. عودة المغرب إلى حضنه الإفريقي ما هو إلا تصحيح الطريق بعد تيقنه أن التملق للغرب لا يجدي نفعا إنما هو فقط تطبيق لأجندات أورو-أوربية و التي ما فتئت عبر قرون في نهب ثروات القارة السمراء، فإفريقيا الآن اكتملت بدخول عنصر مؤثر ومفيد لها بهدف خلق دينامية افريقية جديدة و بتعاون في مختلف المجالات، خاصة في المجال الاقتصادي و الأمني. فإفريقيا أيضا تيقنت جدا أن عودة المغرب إلى حضنها بشكل مؤسساتي سيساهم بشكل كبير في ارجاع روح الاتحاد الافريقي مع أشقاءه الأفارقة الذين يجعلون من المواطن الإفريقي في صلب اهتمامتهم، بعيدين عن الصراعات المفتعلة والتي تعرقل التكتلات الإقتصادية ولنا في اتحاد المغرب العربي خير مثال على ذلك، فخطاب الملك بداكار السينغالية بمناسبة المسيرة الخضراء كرس هذه الرؤية و إن معالجة المشكل تكون من الداخل لأن الخارج لم يجدي نفعا طوال عقود طويلة في إشارة إلى البوليساريو و من يدعمها من الأنظمة الفاسدة التي تغلغل الفساد في مؤسساتها. إذا كانت النظام الجزائري غير قادر على فرض نفسه أمام المجتمع الدولي، فلماذا هو حجر عثرة أمام النموذج المغربي الفتي؟ فالجزائر الآن أصبحت عارية أمام افريقيا و الآن المغرب لديه مشارع اقتصادية مع قارته و لا يكثرت لخصومه بل قد يستطيع اشراكهم في الدينامية الجديدة التي ستعرفها افريقيا مستقبلا بشرط الالتزام بالمواثق والقانون الأساسي لمنظمة الإتحاد الإفريقي. فالمغرب دائما يداه مبسطتان لكل من يريد أن يتعاون معه في مختلف القطاعات، البوليزاريو الان في موقف حرج جدا وكيف لا وأن كل الدول الإفريقية لديها مؤسسات داخلية و هياكل منظمة ديموقراطيا، في المقابل نجدها لا تتوفر حتى على منطقة جغرافية تحدد حدودها، فقط تتمعش من رواتب جنرالات الجزائريين و الدعم الغير المعروف وجهته الآتي من بعض الدول الإفريقية الأخرى. لكي لا نجتر في طبوهات هذا الجانب، الآن المغرب إنتقل من الجهاد الأصغر إلى الأكبر، جهاد بناء مؤسساتي عميق واسترجاع مكانه الطبيعي، بلا شك سيخدم افريقيا، وهذا يعتبر واجبا قاريا.