نروم في الدراسات التاريخية الوصول الى الحقائق المنطقية و الصحيحة على المستوى الزمان و المكان، باعتمادنا على أكثر من مصدر تاريخي ، لكن هذه المصادر في مثنها تعارض في ما بينها لأن هناك مصادر رسمية تتخذ الطابع الرسمي و التي تكون تحت اشراف السلطة الحاكمة، و هناك من المصادر التي انسلخت عن هذا التقليد في المقابل تجد المصادر الاجنبية جاءت لتعزز و أو تفند ما جاءت به المصادر العربية، في ضوء هذا جاء اختيارنا لموضوع و لحدث مهم ما زلنا نعيش تداعياته و مخلفاته الى وقتنا الراهن ووضع نظام الحسن بن محمد طيب الله ثراه على محك وهي قضية الصحراء أو ما يعرف المسيرة الاسلامية او ما أطلق عليها الملك الراحل المسيرة الخضراء. بداية يجب علينا ان نضع اطارا عاما و تسلسلا كرونولوجيا للموضوع فمسألة الحدود بين المغرب و الجزائر هي خطة استعمارية امبريالية فرنسية حدثت في معاهدة لالامغنية سنة 1845 بعد انهزام المغرب في معركة ايسلي 1844م، تعد هذه الحدود متشابكة و معقدة تخدم مصالح السياسية الاستعمارية ووضعت أيضا بين أقطار الدول العربية و الاسلامية عامة، رسمت هذه الحدود على مبادئ سياسية ولم تكن متاطبقة من الناحية الجغرافية و غير مرتبطة بالوثائق التاريخية التي يعرفها البلدين الشقيقين، فالخبث البريطاني جزأ العالم الاسلامي تجزئة كبيرة كما أنشأ دول لم تكن معروفة و لم يكن لها وجود كقطر و البحرين و جزأ بلاد الشام سوريا و الأردن و لبنان وضع حدود تفصل دول وكل قطر وضع له كيانه و عالمه … رسمت كل هذه الحدود لخدمة مصالحها بالدرجة الأولى و المغرب كان جزء من الخطة الامبريالية والتي على أساسها سيقع اصدام عسكري بين المغرب و الجزائر و التي سميت بحرب الرمال سنة 1963 كان أسسها قائمة على مسألة الحدود أي بعيد استقلال الجزائر . كيف وقعت؟ أسبابها؟ و نتائجها على الصعيد البلدين؟ أراد المغرب قبيل خروج الاستعمار من الجزائر تسوية هذه المسألة المعقدة فتقدم بملف للحكومة المؤقتة أنذاك يرأسها فرحات عباس لتسوية مشكل الحدود ارتأت الحكومة المؤقتة تأجيل الأمر الى ان تأخذ الجزائر استقلالها، 6 يوليوز 1961 عقدث محادثاث بين الطرفين وتم النص على اتفاق بأن الحدود التي رسمتها فرنسا فهي لا تهمنا و انشاء لجنة في أقرب وقت لتدارس المشكل وحله ضمن مبدأ الأخوة و الوحدة المغاربية، وتبعا لذلك فان الحكومة المِؤقتة للجمهورية ترفض المخططات التي فرضت على البلدين .. وتعترف بالحقوق المغربية الترابية خصوصا في الأراضي الشرقية، لكن بعد حصول الجزائر على استقلالها وقع تنكر لهذه المسألة و لهذا الاعتراف، كيف ذلك؟ ما المبرر؟. المبرر أن الحكومة المؤقتة ليس لها أدنى حق في عقد اتفاقيات، لأن ذلك يرجع الى المجلس الوطني الجزائري أعلى هيئة سياسية في البلاد .. لكن الحقيقة التي اتفق عليها الباحثون وجود مصالح و ظهور مناطق اقتصادية مهمة و اكتشاف مناجم الحديد و الغاز… لهذا تنكرت للوعود السابقة، في سنة 1963 قام الحسن الثاني بزيارة الرئيس الجزائري أنذاك بن بلة لعله يتفاهم معه لحل المشكل و رفق معه مجموعة من الخرائط ووثائق تاريخية ووفد مهم من الوزراء و أرسل هدايا ثمينة باقتناء 23 سيارة من ألمانيا مرسيديس .. يوضح ذلك عبد الهادي بوطالب ( نصف قرن في السياسة ). أما عناد الجزائر وتعقد المشكل دخل الطرفان في منازعة كان المغرب في غنى عنها، في أكتوبر من سنة 1963، استطاع الجيش المغربي الوصل حتى الى تندوف و السيطرة على بعض المناطق ثم تمت المناداة عليه، لماذا؟ لاعتبارات دولية و لتبعية متربولية لنزع السلاح، على اثر ذلك تم انعقاد مؤتمر في عاصمة مالي بماكو بحضور اثيوبياومالي والمغرب والجزائر خرج المؤتمر بقرارت يكتنفها المماطلة في ايجاد حل و على امتداد السنوات لم يجدوا حلا مناسبا لهذا المشكل جهود جامعة الدول العربية لم تجدي نفعا ومع مرور السنوات تم الاتفاق على معاهدة افران سنة 1967 بحضور هواري بومدين في اطار الأخوة وحسن الجوار وتم التوقيع على الحدود المرسومة حاليا و بالاعتراف بها سنة 1992. خلاصة، نتحدث على هذا المشكل لانه تركة استعمارية و هذا حال الدول العربية حبيسة الماضي و مشاكل معقدة في حين دول اخرى تجاوزت ذلك في القرون الغابرة. هذا من حيث التسلسل الكرنولوجي والتراكمات التاريخية للمشكل، أما بارتباطه بالمسيرة الخضراء سنة 1975 و التي هي فكرة الحسن بن محمد جاءت في مرحلة كان المغرب يعيش داخليا تطحنات سياسية بين الاحزاب اليسارية و المحاولات الانقلابية الفاشلة أو ما يعرف بسنوات الرصاص فارتأى الملك لخلق قضية وطنية يتم في تلاحم جميع الأطراف و تلطيف الأجواء لمسألة و طنية موحدة و امتصاص هذه الظروف الصاخبة، لا شيئ غير ذلك. لكن للأسف ما نرى ما يفعله الاعلام من التعبئة لكره و بغض الجزائريين و الانجرار و راءه، يحز في أنفسنا، فالساسة البلاد هم من يفرقنا أما الشعبين هم اخوة والتاريخ يشهد. المستفيد فرنسا وعملائها المغاربة، الضحية الشعبين الشقيقين.