بقلم: توفيق عزوز جميل أن نرى مدينة تتزين و جميل أن نرى مدينة تتهيكل و جميل أن يصبو ثاني قطب إقتصادي في المملكة إلى معدلات مهمة في إطار التنمية البشرية… هذا من جهة، من جهة أخرى نتأسف على أن هذا الأمر يقوم على حساب إندثار للذاكرة الجماعية للمدينة و إتلاف ما يمكن إتلافه من تاريخ المدينة التي هي ضاربة في الماضي. إن هدم "منارة بلايا" التي بنيت إبان فترة الحماية و إدخال وسائل التحديث على "مغارة هيرقل" إن دل على شيئ فأنه يدل على خرق واضح للمعالم الأثرية و التاريخية للمدينة على حد سواء، فلا يخفى علينا أن هذه الماثر التي تندرج ضمن الثراث المادي لا يمكن لها أن تتجدد إذا اتلفت أو نهمت أو سرقت، فالإستغناء عن الثراث المادي هو إتلاف واضح للحصانة الوطنية و مغربة مدينة طنجة بشكل من الأشكال و إخراجها عن جذورها التاريخية و نسيان سكانها لماضيها و إمحاء لدويلة طنجة إبان فترة من الفترات و كذلك محاولة طمس الإنفراد الاسباني بها في سنوات من السنين. فالمسألة الثراثية هي إشكالية ليس المغرب الذي يعاني منها بل كل أقطار الدول العربية، فهنا يمكن أن نتسائل بكل مشروعية لماذا هذه الاشكالات توجد عندنا نحن فقط كعرب؟ في حين الدول الأجنبية تقدس تاريخها و حضارتها مما يساعدها في إحتلال مراكز متقدمة في الميدان السياحي و تركيا خير دليل .. لأنها فقط و بكل بساطة تحافظ على تاريخ أجدادها و أباءها لأبناءها و أحفادها. الثراث الثقافي كتعريف مبسط هو ناتج عن وجود حياة شعب في الماضي و الماضي القريب و الحاضر، و هو حصيلة حضارية جمعها القوم بالعمل و العلم و بجهود بدنية و أخرى فكرية، وقد عرفت اتفاقية حماية الثراث العالمي الثقافي و الطبيعي سنة 1972 و التي أقرته منظمو اليونيسكو " أن المنطقة الثراثية هي مجموعة من الأبنية و الساحات و تشمل المواقع الأثرية التي تشكل مستوطنا بشريا في بيئة حضارية أو ريفية … وتضيف الإتفاقية و ينبغي أن يصان أي الثراث الأثري من العبث و التخريب أو التحديث" أين نحن من الدول الاجنبية و هم يؤسسون مؤسسات و يشيدون مراكز للأبحاث و التنقيبات و الإكتشافات و نأتي اليوم نحن ضاربين الماضي عرض الحائط رافعين شعار التجديد و التحديث طامسين غير مهتمين لموروث الأجداد و الآباء، فنحن الآن أمام مسؤولية تاريخية نحو مدينتنا و نحو أبناءنا و أحفادنا لتفسير لهذا الجيل، و هل نحن في استطاعتنا أن نقنعهم بهذه الأفعال الشنيعة التي عدوها الوحيد هو الزحف العمراني. سكان مدينة طنجة متأسفون و متذمرون لمثل هذه الأشياء خصوصا و أنها تعلم معلمتين تاريخيتين واحدة هدمت و الأخرى دخلت عليها وسائل التحديث، فإذا أمام هذا الصمت المجتمعي و أمام جمود المجتمع المدني من أحزاب سياسية و هيآت حقوقية و جمعيات لابد من إنتظار الكثير من المفاجآت التي يخفيها المستقبل القريب و ساحة 9 أبريل الآن خير دليل.