مشاريع مهيكلة تهدف إلى إبراز إمكانيات المنطقة وتأهيلها للانخراط الأفضل في النسيج الاقتصادي الوطني ظلت تطوان متشبثة بخصوصياتها ودورها الريادي حاضرة ثقافية أندلسية، محافظة على ذاكرتها التاريخية الوازنة التي لم تفقد إشعاعها رغم إكراهات العولمة وآثارها التنافسية وتنوع مسالكها التجارية، ورغم المعوقات التي تعرفها التنمية الاقتصادية و الاجتماعية خاصة بالمدن الموجودة بالحدود ، فإن تطوان ظلت متميزة بمؤهلاتها الطبيعية التي تزخر بها، والمتمثلة في طقسها المعتدل وساحلها الممتد، وغطائها النباتي المتنوع وفرشتها المائية ومناظرها الجبلية الخلابة. ولا يمكن الحديث عن تطوان دون أن تكون المدينة العتيقة على رأسها. فإضافة لأنها وحدة متكاملة بالنسبة إلى السكان، إلا أنها في حقيقتها تضم مجموعة أحياء مختلفة ومتفرقة، جمع بينها التاريخ في غالب الأحيان، وفرقتها الظروف التاريخية التي عاشها كل حي على حدة. كما أنها نواة المدينة ككل، ونواة أيضا لأهم رجالاتها ونسائها المغاربة والأجانب، ممن أثثوا تاريخها من بداية القرن الماضي حتى اليوم. فالمدينة العتيقة وأحياؤها الشعبية في الغالب هي محور تطوان من حيث التكوين البشري والتاريخي. وتضم تطوان أزقة رئيسية تربط بين أبواب المدينة وساحاتها وبناياتها العمومية كالفنادق والمساجد والزوايا، إضافة إلى مختلف الأحياء التجارية الأخرى الخاصة بالحرف التقليدية، مما مكنها من تسجيل اسمها تراثا عالميا منذ 1998. وتتميز أحياء تطوان بانتمائها إلى حقب تاريخية مختلفة وبتكيف طابعها الأندلسي مع العصور والأزمنة. ومن مميزات تطوان القديمة، الشبكة المائية تحت الأرض (سكوندو)، التي كانت تزود عدة منازل بالماء، حيث توجد نافورات لتزيين الأفنية. كما تحاط المدينة القديمة كغيرها من المدن المغربية العريقة بسور تتخلله أبواب سبعة هي باب النوادر، باب التوت، باب العقلة، باب المشوار، باب الرواح، باب الرموز ثم باب الجياف، كما ُيزينها مسجد الجامع الكبير الذي بناه السلطان مولاي إسماعيل في القرن الثامن عشر... وتطورت تطوان الحديثة بشكل كبير ومتسارع في السنوات الأخيرة، فظهرت أحياء جديدة ومناطق تابعة لها، فإضافة للحي الأوربي الممتد خارج الأسوار العتيقة، ظهرت أحياء أخرى امتدت على مسافة كبيرة في محيطها، غالبيتها لم تراع الخصوصية والتصاميم المطلوبة، وهو ما جعل البحث عن سبل لإعادة الهيكلة واحدة من التحديات التي واجهت المسؤولين الحاليين على المنطقة. فعامل الهجرات الداخلية أساسا أثر بشكل كبير على مؤهلاتها ومارس عليها ضغطا كبيرا أضر بتلك المؤهلات، وهو ما جعل البحث عن مشاريع جديدة واحدة من أهم البرامج التي اعتمدتها ولاية تطوان وباقي شركائها، فإضافة للمشروع الملكي الكبير للتنمية البشرية، كانت هناك مشاريع مصاحبة تتعلق بإعادة الهيكلة لعدد من الأحياء، والتهيئة الحضرية، وفتح الطرق، وإنشاء مرافق اجتماعية وبنيات تحتية، إضافة للتنمية السياحية والثقافية...