تراجع أسعار النفط        "البريمرليغ" يقترب من رقم قياسي جديد في سوق الانتقالات الصيفية    عودة ظاهرة سرقة الدراجات المائية واستعمالها في الهجرة السرية            10 أعمال من المغرب ضمن قائمة ال9 لأفضل الأعمال في مختلف فئات جائزة كتارا للرواية العربية    مهرجان سينما الشاطئ يحط الرحال بأكادير    الأمن يضع يوقف أما وابنتها قامتا بالنصب والاستيلاء على أزيد من 180 مليون    توقيف أول المشتبه فيهم وتحديد آخرين في قضية اغتصاب طفل من طرف أكثر من 10 أشخاص    فخر بذكرى ثورة الملك والشعب..بهجة فائقة بمناسبة عيد الشباب    بعد زيادتين متتاليتين.. انخفاض محدود في سعر الغازوال    ارتفاع طفيف للدولار أمام العملات الرئيسية    تربية الأحياء المائية.. الوكالة الوطنية تنطلق في مراجعة المخططات الجهوية    مبادرة ملكية جديدة: المغرب يرسل 100 طن من المساعدات الإنسانية إلى غزة    الأمم المتحدة.. 383 قتيلا من عمال الإغاثة في 2024 نصفهم تقريبا في غزة    واشنطن تستهدف طلابا مؤيدين لفلسطين.. إلغاء أكثر من 6 آلاف تأشيرة دراسية    "البيجيدي" يرفض تهميش السياسيين والمنتخبين في إعداد الجيل الجديد من برامج التنمية ويدعو لاحترام الدستور    20 غشت.. ذكرى ثورة الملك والشعب    الألماني هانزي فليك يضغط على إدارة برشلونة لتسجيل مارتن    رسميا.. الرجاء الرياضي يرفع عقوبة المنع ويطوي صفحة النزاعات    الغلوسي: إعادة الثقة للمؤسسات تتطلب مواجهة حازمة للفساد والرشوة ونهب المال العام        اليابان تجدد عدم الاعتراف بالبوليساريو    الغلوسي: "تواطؤ داخل البرلمان يهدد استقلال القضاء ويؤسس لدولة داخل دولة"    تحديد أولى جلسات التحقيق في قضية وفاة "الراعي الصغير" والدفاع يدرس رفع استعطاف للملك    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    المغرب يسجل درجة حرارة قياسية بمدينة العيون    الأسعار ترتفع ب0,5% في يوليوز مقارنة بالسنة الماضية    صيادلة المغرب يحتجون بحمل الشارات السوداء ويهددون بالتصعيد ضد الوزارة (فيديو)    ماكرون يحذر: بوتين "غول ومفترس"    روبوتات دردشة تقدم محتويات جنسية لأطفال تقلق حكومة البرازيل    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأحمر"    دراسة: المعمرون فوق المئة أقل عرضة للإصابة بالأمراض المتعددة    البرغوثي المحرر من السجن في فلسطين ينضم إلى أزلام المطبعين مع الانحلال في المغرب    أفغانستان.. زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب منطقة هندوكوش    بطولة انجلترا: الاسكتلندي بن دوك ينتقل من ليفربول لبورنموث    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    إيقاف المتهم الرئيسي في محاولة سطو على وكالة بنكية ببني أحمد.. وإصابة عنصر من الدرك الملكي    "غوغل" تضيف تحديثات إلى تطبيق الترجمة    إسبانيا.. توقيف عنصرين موالين ل"داعش" بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    مهرجان "أصوات نسائية" يختتم مرحلته الأولى وسط أجواء احتفالية    سعد لمجرد يعود لمعانقة الجماهير المغربية عبر منصة مهرجان القنيطرة في سهرة استثنائية    المغرب.. حين تُحلّق الطائرات محمّلة بالحياة نحو غزة    البكوري ينقذ المغرب التطواني بدعم مالي جديد تبلغ قيمته حوالي مليار سنتيم    مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة تنعي الروائي الكبير صنع الله إبراهيم    نجم المنتخب الوطني يلتحق رسميا بالدوري السعودي    مهرجان الشواطئ يواصل جولته ويشعل مرتيل والناظور والسعيدية    إنجاز طبي.. خلايا بنكرياسية تُنتج الأنسولين لمريض السكري    دراسة علمية تكشف وجود علاقة بين المعدة والصحة النفسية    دراسة: حماية الحاجز الدموي الدماغي قد تحد من التدهور الإدراكي لدى المسنين    الهزيمة أمام خورفكان تنهي مسيرة الحسين عموتة مع الجزيرة    الصحافة من بوابة الثقافة في ذكرى رحيل غلاب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحراء المغربية وسقوط أقنعة أصحاب فتاوى الفتنة والتكفير
نشر في بريس تطوان يوم 22 - 12 - 2020


الفتوى الإسلامية لم تكن بريئة عبر تاريخها كما يظن البعض، ولم تكن تخدم الدين في شيء، بقدر ما كانت تخدم أصحابها ومذاهبهم ومدارسهم الفقهية وتوجهاتهم السياسية، ومصالحهم الشخصية الضيقة، وإلا ما المبرر في أن يكفر عالم عالما مثله؛ بمجرد الاختلاف معه في فرع من فروع الدين!! ومن يراجع التاريخ الإسلامي وكم من عالم تم قتله بسبب فتوى زميله سيكتشف خطورة الفتوى ودورها السلبي في حياة المسلمين، وخطورتها تتجلى في كونها مرسوما دينيا تتعدى حدود علاقة الإنسان بخالقه، فكثير من الفتاوي ساهمت في قتل العباد وخراب البلاد، وخصوصا الفتاوى الدينية المؤدلجة، أو إن صح التعبير الفتاوى السياسية التكفيرية؛ بحيث توجد هناك فجوة بين الحاكم الإداري والسياسي للدولة، والحاكم الديني (مؤسسة الفتوى/ المفتي) الناطق باسم الله وباسم شريعته، هذه الفجوة لم يحسم فيها الأمر بعد، ولم تحل مشكلة الديني والسياسي في الفقه الإسلامي إلى يوم الناس هذا، مما يدفع ببعض العلماء والمشايخ والدعاة التطاول على بعض الدول والحكام بإصدار فتاوى الحلال والحرام، أو ما يجوز وما لا يجوز لتلك الدولة أو الحاكم فعله، ويعتبرون ذلك حق من حقوقهم وواجب ديني وشرعي؛ لأنهم ورثة الأنبياء حسب زعمهم، مع أنهم لا معرفة لهم بأحوال البلاد وشؤون العباد؛ بل هم أشبه بالأميين في العلاقات الدولية وفي علوم معاصرة كثيرة، فكيف يستطيعون إصدار فتاوى شرعية في أمور معاصرة معقدة لا يعرفون عنها أي شيء ؟ مع أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما يقول أهل المنطق . وفي هذا السياق أكد الفقيه الإمام القرافي المالكي في كتابه "الفروق" في حديثه عن الفرق الثامن والعشرين: "أن القانون الواجب على أهل الفقه والفتوى مراعاته على طوال الأيام، هو: ملاحظة تغير الأعراف والعادات بتغير الزمان والبلدان. وقال: "فمهما تجدد من العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طوال عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير إقليمك يستفتيك، لا تجبره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده، وأجره عليه، وأفته بذلك، دون عرف بلدك، والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين، والسلف الماضين". لهذا أتساءل: كيف غابت هذه الأمور على الشيخ الددو وهو يهاجمنا ويطعن في وحدتنا الترابية عبر المحطات الإعلامية المؤدلجة، مع أنه في علم التاريخ والجغرافيا والعلاقات الدولية شبه أمي، وليس بينه وبين العلوم المعاصرة إلا "اتقار" وكيف أقحمت كذلك هيئات إسلامية – تسمي نفسها بهيئات علمائية- نفسها بتقديم فتاوى مجانية لدول إسلامية ووطنية لها أنظمتها ومؤسساتها العلمية كالمملكة المغربية مثلا؟!، ألا يعد هذا مخالفا لأبسط شروط الفتوى؟! مع أن السلف الصالح على جلالة قدرهم وسعة علمهم كانوا لا يتبادرون إلى الفتوى؛ بل كانوا يتهربون منها ويتدافعونها، فإذا سُئل أحدهم قال اذهب إلى فلان، إذا كان في من هو أعلم منه فإنه يقول اذهب إلى فلان، خوفا من إثمها أو الوقوع فيما لا تحمد عقباه بسببها، كم من فتاوى هؤلاء أحرقوا بها البلاد والعباد ؟ فالجمهورية العربية السورية ليست عنا ببعيد بسبب فتاوى هؤلاء وحماقتهم الذين يتهافتون على الفتوى تهافت الفراش على النار، في الجرائد والصحف والمجلات في الإذاعة والتلفاز وفي الفضائيات وعبر اليوتيوب، وهذا في الحقيقة سوء أدب وخفة عقل وجهل مطبق في فهم الواقع وتعقيداته، ومع ذلك دعاة الفتنة وشيوخ التكفير لا يتعبون من حشر أنوفهم وتدخلهم في قضايا غيرهم، فقد استمعت هذا الأسبوع لشيخ تكفيري دموي سليط اللسان، متابع في قضايا التطرف والإرهاب ومطرود من عدة دول عربية وإسلامية، بسسب فحش لسانه وفساد أخلاقه، وهو يهاجم مؤسسة إمارة المؤمنين بالمغرب، بدون حياء ولا ذرة شرف ولا حبة إيمان في قلبه تلجمه عن البذاءة وشتم الناس وتكفيرهم ولعنهم ! ففعله هذا فسوق، لما رواه الشيخان عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". علما بأن مثل هذا السلوك ينافي كمال إيمان صاحبه، لما أخرجه أحمد والترمذي عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء". وهو مما يعرض صاحبه لبغض الله له، ففي الترمذي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء". وعند أبي داود عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا عائشة إن الله لا يحب الفاحش المتفحش" . فهذا التكفيري المدعو (و ج غ ) لسانه لم يسلم أحد منه، حتى أقرب المقربين إليه من جماعته، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خبث قلبه وسوء أخلاقه، لأن المسلم الحق هو من سلم الناس من لسانه ويده، روى البخاري عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" . كما تألمت كثيرا يوم أمس وأنا أستمع عبر اليوتوب إلى برلماني مغربي مؤدلج وهو يهاجم أحد العلماء الأفاضل الكبار في العالم الإسلامي الفقيه المجدد والمفكرالإسلامي الشيخ عبد الله بن بيه بدون حياء يمنعه من الطعن فيه احتراما لشيبته وعلمه وفضله ومحبيه وطلبته ومكانته في قومه ووطنه والعالم كله، بحيث اعتبره قد ضل الطريق في آخر عمره وباع آخرته بدنياه بقبضة من الدولارات، مع أن شيخنا الجليل ومن يعرفه عن قرب لا يهمه لا جاه ولا مال ولا مناصب، وإنما هذه الأمور تأتي إليه بدون رغبة منه، فهمه وهدفه الوحيد في الحياة هو إنجاح مشروعه الفكري والدعوي المرتكز على التعايش والتسامح بين الديانات السماوية وبين المسلمين والآخرين العائشين معهم في ديارهم من المختلفين ديناً أو اعتقاداً.. وقد قام مشروعه ذاك على التسامح، ودولة المواطنة الدستورية، والعيش المشترك والمتنوع من دون تمييز، وقد استكمل الشيخ هذا المشروع في جانبه الآخر المتعلق بعيش المسلمين في العالم، حيث تصدى لمشكلات الهوية والخصوصية وعوائق الاندماج، والتصادم بين الشعبويات والإسلاموفوبيا من جهة، والمرارات التي تتحول إلى تطرف أو انعزال لدى الأقليات الإسلامية من جهة أُخرى. وقد بدا ذلك في مؤتمراته ولقاءاته بالمسؤولين الدينيين والسياسيين في الولايات المتحدة والأقطار الأوروبية والعربية والإسلامية. فمنهج الشيخ بن بيه في الفكر والعمل أقلق به دعاة الفتنة والتكفير والإرهاب والتيارات الدينية المؤدلجة؛ لكن عندما تتحكم الطائفة أو الجماعة أو الأيديولوجية في مواقف بعض العلماء والمشايخ وما أكثرهم اليوم، ترى العجب العجاب في واضحة النهار، فترى على سبيل المثال فتاوى الحلال والحرام تتغير من مكان إلى مكان ومن دولة إلى دولة ومن حاكم إلى حاكم وفي نفس اليوم والساعة والدقيقة، وما صرح به الشيخ الددو قبل أيام فيما يتعلق بالصحراء المغربية لخير دليل على ما أقول، لهذا ذم الله تعالى الحزبية والطائفية والمذهبية وقال في كتابه العزيز "مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.