كل صباع منو كيطبع: كل أصبع منه يطبع. يقال في الصانع الماهر الذي يتقن أعماله اليدوية إتقانا، حتى كأن كل أصبع من أصابعه له حظ في الإتقان. كل ضيقا كتجي بعد مناه فرجا: كل شدة تأتي بعدها فرجة. أي إن كل ضيق يضيق الإنسان، يعقبه فرج قريب أو بعيد. وكل شدة أو ورطة يقع فيها المرء، لا بد أن تعقبها فرجة. وفي القرآن الكريم: «فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا» شاعر: وما من شدة إلا ويأتي *** من الله الكريم لها رخاء والفرجة – بفتح الفاء وضمها وكسرها- هي الخلاص من الهم والشدة. يقال للتفريج عن المهمومين، والترفيه عن المكروبين، حضا لهم على الصبر وانتظار الفرج، لأن الله مع الصابرين. كل عام اقبح من آخور: كل عام أقبح من الآخر، يقال إما على سبيل الاخبار من العاديين والمتشائمين، وإما على سبيل التأسف من العاطفين، وإما على سبيل التشفي من المبغضين، عندما تكون الحالة في نظرهم لا تزداد إلا سوءا عاما بعد عام، مما يؤدي إلى الفلس أو الفشل أو السقوط والانهيار، إما في التجارة أو الفلاحة أو الدراسة، أو في الصحة والعافية ومن كلام الحسن البصري: (كل عام ترذلون). وقال شاعر: يا زمانا بكيت فيه فلما *** صرت في غيره بكيت عليه كل علا زارت لالا، حتى صرماه قام بدلى: كل علة زارت سيدتي، حتى إن صرمها أخذ يتدلى. أصله من أمثال الإماء، أي خادمات البيوت والمطابخ. و(للا) بتشديد اللام الثانية، هو اللقب الذي تدعو به الإماء سيداتهن. و(الصرم) بضم الصاد وسكون الراء، هي القطعة التي تتدلى من المخرج لمرض وعلة. قالته أمة عندما سئلت حالة سيدتها، ثم صار كمثل يقال عندما تتكاثر على المرأة علل وأمراض، أو تتوارد عليها مصائب ونكبات. كل غالي رخيص: كل غال رخيص. يقال لبيان أن الأشياء الغالية الثمن، تكون في الغالب جيدة أو رفيعة، أو متينة أو لذيذة، يستفيد منها صاحبها أحسن استفادة، ويتمتع مقتنيها أطول مدة، ويجد فيها متناولها أطيب رائحة ولذة… بخلاف الأشياء الرخيصة، التي قلما تكون هناك لذة في اقتنائها أو تناولها، وقلما تطول الاستفادة منها، لأنها تبلى في أقصر مدة، وتفنى في أسرع وقت . كل غريب يرجع لوطانو: كل غريب يرجع لوطنه. يقال عندما يوجد أناس غرباء، أي يعيشون بعيدين عن أوطانهم وبلادهم. والعودة إلى الوطن، قلما يوجد إنسان غريب لا يتمناها، لأن حب الوطن والحنين إليه غريزة في الإنسان وغيره من الحيوانات، وقديما قال الشاعر: وحبب أوطان الرجال إليهم *** مآرب قضاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم *** عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا وكلمة (كل غريب يرجع لوطانو) أو (الله يرد كل غريب لوطانو)، كثيرا ما تتردد على الألسنة عندما يجتمع الناس من مختلف البلاد والنواحي في المواسم العمومية، كموسم الحج وموالد بعض الصالحين، لإشعار العموم بأن الأيام المحددة للاحتفال قد انتهت، وأن على كل واحد أن يعود إلى بلده ومقره. وعلى ذكر الغربة والغرباء، نذكر أنه قلما تخلو الآن بلاد غنية من وجود أفراد غرباء وجاليات أجنبية فيها، لأن حوادث الدهر والأزمات الاقتصادية أو النفسية أو الاجتماعية، تدعو عددا من الناس للهجرة من بلادهم إلى بلاد أخرى، إما طلبا للرزق وسعة العيش، وإما فرارا من الظلم والعسف، وإما سعيا وراء التمتع بالحرية التي لا يجدونها في بلادهم وخصوصا في عصرنا هذا الذي كثرت فيه الانقلابات السياسية والثورات الوطنية المنبعثة عن الصراع السياسي العظيم الواقع الآن بين الاتجاهين اليميني واليساري)، مما يخشى معه تصادم يحرق الأخضر واليابس، ويهلك الحرث والنسل، ويكون وبالا على الإنسانية التي يزعم كل من الجانبين أنه من حماتها، وقضاء على هذه الحضارة الحديثة التي يدعون أنهم خالقوها. وكل يدعي وصلا بليلى *** وليلى لا تقر لهم بذاكا وليت شعري لماذا هذا الصراع العنيف الحاد، ولماذا هذه الحروب الفتاكة، وهذه الاعتداءات الإجرامية على الأفراد والأمم والشعوب، بعدما أثبتت التجربة والمشاهدة، أن الناس يعيشون سعداء حقيقة أو توهما مع هذا المبدإ وذاك، وأن العالم يسير ويتقدم ماديا بالرغم من اختلاف المبادئ والأفكار والآراء والاتجاهات. ولكن صدق الله العظيم: "وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له، وما لهم من دونه من وال". العنوان: الأمثال العامية في تطوان والبلاد العربية للمؤلف: محمد داود تحقيق: حسناء محمد داود منشورات باب الحكمة (بريس تطوان) يتبع...