يبدو أن ساكنة عمالة المضيق-الفنيدق خصوصا مدينة مرتيل تعودت على سماع نفس الأسطوانة السياسية كلما اقتربت الاستحقاقات أو اشتدت الأزمات الاجتماعية. تصريحات وبلاغات مطولة مليئة بالكلمات المعسولة والشعارات الرنانة، لكنها سرعان ما تتبخر حين يصطدم المواطن بالواقع المرير. البلاغ الأخير للنائب البرلماني عن الدائرة، الذي تحدث فيه عن "الإنصات للشباب" و"فتح المقرات الحزبية" و"الترافع داخل قبة البرلمان"، ليس سوى نسخة مكررة من خطابات سابقة، لم تسفر عن أي مبادرة ملموسة، ولم تُترجم إلى نتائج يمكن للمواطن أن يلمسها في حياته اليومية. فالشباب الذين يدّعي البرلماني الإنصات إليهم يعيشون في مواجهة مباشرة مع البطالة وانسداد الأفق، خصوصا بعد سنوات من تراجع أنشطة التهريب المعيشي وانعدام بدائل اقتصادية حقيقية. أين هي المشاريع البديلة التي وُعدت بها المنطقة؟ أين فرص العمل التي يحتاجها آلاف من أبناء المضيقومرتيلوالفنيدق وبليونش والعليين؟ أما المجتمع المدني، الذي يدعو البرلماني للتعاون معه، فهو الآخر يعيش تهميشا مقصودا، إذ لا يحصل على الدعم الكافي، ولا تُفتح أمامه قنوات حقيقية للشراكة. فما معنى "فتح المقرات" إذا كانت هذه المقرات فارغة من أي دور عملي؟ النائب المحترم يعرف جيدا أن دوره الحقيقي ليس توزيع الوعود ولا إطلاق الشعارات، بل القيام بمهامه الدستورية تحت قبة البرلمان: مساءلة الحكومة بجرأة، تتبع السياسات العمومية، اقتراح حلول عملية، وتعبئة الإمكانات المتاحة لتحقيق التنمية. لكن الحصيلة الملموسة تكاد تكون منعدمة. إن ما يزيد من استياء الساكنة هو هذا التناقض الواضح بين الخطاب والواقع: فبينما يتحدث ممثل الأمة عن "الحوار البناء" و"التغيير من داخل المؤسسات"، يعيش المواطن البسيط يوميًا واقع الإقصاء وانعدام البدائل، دون أن يرى أي تغيير حقيقي. لقد سئم الناس من السياسيين الذين يتقنون فن الكلام أكثر من إتقانهم فن الفعل. والمطلوب اليوم هو مسؤولون صادقون، لا يكتفون بالظهور الإعلامي، بل ينزلون إلى الميدان بخطط عملية، ويبرهنون بالفعل لا بالقول. فالمرحلة دقيقة، والمواطن لم يعد في حاجة إلى من يردد على مسامعه الشعارات، بل إلى من يواجه التحديات بقرارات ملموسة. ومن لا يستطيع أن يتحمل هذه المسؤولية التاريخية، فالأجدر به أن يفسح المجال أمام وجوه جديدة، تحمل همّ الوطن بصدق وتملك الجرأة على التغيير.