أفاد مصدر امني مطلع، أن المصالح الأمنية المعنية، قد نجحت في تدبير أكثر من 16 شكلا احتجاجيا عرفته المدن المغربية، زوال أمس الأحد، بدون تسجيل أية مواجهات عنيفة أو ركون للاستخدام المشروع للقوة، باستثناء بعض المناوشات الطفيفة المسجلة رغم حجم الاستفزازات الكبيرة التي تعرض لها نساء ورجال القوة العمومية، والتي وصلت حد الإهانة والرشق بقنينات الماء، وحيازة أحد المتجمهرين للسلاح الأبيض بمدينة الدارالبيضاء مثلا، في حين لم تسجل أي مواجهات أو مناوشات بمدينة طنجة، رغم المشاركة الواسعة في هذه الاحتجاجات، تلبية للدعوات التي أطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت مصالح الأمن – حسب المصدر نفسه – قد رصدت العديد من التغريدات المنشورة من حسابات محدثة مؤخرا، والصادرة من خارج المغرب، والتي حاولت الترويج لسيناريو شبيه بالسيناريو السوري الموسوم بالفوضى والاضطراب المجتمعي، في محاولة للانسياق ببعض المحتجين إلى ارتكاب أعمال شغب على هامش هذه الحركات الاحتجاجية. وشدد المصدر ذات، بأن المصالح الأمنية، أدركت خلفيات ومرامي هذا النوع من التدوين التحريضي، وقامت بتحسيس منتسبيها بضرورة التحلي بأعلى درجات ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الاستفزازات، كما عقدت عدة اجتماعات تنسيقية لتقييم المخاطر والتهديدات المرتبطة بالمحافظة على النظام العام. وفي تعليق على هذا الموضوع، أوضح المصدر، بأن اليقظة المعلوماتية على شبكة الأنترنت رصدت، خلال الأيام الفارطة، تواتر العديد من الدعوات التحريضية التي تؤلب المشاركين على قوات حفظ النظام، وتشرح لهم طريقة التظاهر بالإغماء، وكيفية استفزاز رجال الأمن وتوثيق ردات فعلهم. بل إن بعض المنتديات على تطبيق واتساب كانت تطالب المحتجين باصطحاب أبنائهم القاصرين ووالديهم الشيوخ لاستعمالهم كدروع بشرية لمنع أي تدخل أمني . غير أنه وبإمعان التفكير والتمحيص في الشعارات واليافطات التي رفعت ورددت في هذه المسيرات الاحتجاجية – يقول المصدر الأمني عينه – يلاحظ، بما لا يدع مجالا للشك، بأن المطالب السياسية والخلفيات الأيدولوجية كانت حاضرة بقوة أكثر من الشعارات الرافضة لإجبارية اللقاح ضد الوباء القاتل. كما أن المتتبع لدينامية الاحتجاج بالمغرب – يضيف المصدر - لا يحتاج لكثير من النباهة والفراسة، ليدرك بأن خلفية الخروج نحو الشارع العام اليوم، لم يكن بدافع النزوعات الرافضة لإجبارية التلقيح، أو المناوئة لعملية التطعيم في حد ذاتها. فالمغرب نجح في توفير التلقيح بالمجان لجميع مواطنيه، وشرع في تعميم الجرعة الثالثة، وهي مسألة تضع المغرب في طليعة دول العالم في هذا المجال، بخلاف الجار "البيترونفطي" الذي لا زال يتوجس من الانتكاسة الرابعة للوباء، في وقت وصل فيه المغرب للتفكير في الجرعة الرابعة للتلقيح. ومن الناحية العملية، وبعيدا عن المناكفات السياسوية، أكدت وزارة الصحة واللجنة العلمية بأن التلقيح وجواز التلقيح لا يطرحان إشكالات كبرى على المستوى الصحي والاجتماعي، بالنظر إلى أن الغالبية العظمى من المغاربة حصلوا على التلقيح مجانا ويحملون جواز التلقيح بدون أية أعراض خطيرة على الصحة العامة. أكثر من ذلك، فإن الإدلاء بجواز التلقيح سوف يخلق انفراجا كبيرا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، لأن الحياة ستعود لمجراها الاعتيادي، وستعود معها الدورة الاقتصادية للحركة سواء المهيكلة منها أو غير المهيكلة التي يعيش منها جزء كبير من الفئات الاجتماعية الهشة والفقيرة. فلماذا إذن الاحتجاج على التلقيح وإجبارية جواز التلقيح بالمغرب؟ مع العلم بأن مختلف دول العالم، إن لم تكن كلها، تعتبر بأن التلقيح هو الحل الوحيد لمجابهة الجائحة الصحية، وأن العالم بأسره تقريبا اعتمد جواز التلقيح لتقنين حركية التنقل ومنع تفشي الوباء، ورغم أن المغرب حقق نجاحات مبهرة في مجال توفير التلقيح بالمجان بشهادة منظمة الصحة العالمية. من يتحرى الجواب على هذه الأسئلة، عليه أن يطالع أولا التدوينات والدعوات المنشورة طيلة الأيام المنصرمة، والتي كانت تدعو لتنظيم وقفات احتجاجية في مختلف المدن المغربية بدعوى "الانتفاضة" ضد التلقيح وجوازه. فأول شيء يعثر عليه القارئ في المنصات التواصلية هو "حملات التجييش ضد الحكومة والسلطات العمومية"، التي من المفروض أنها نجحت في معادلة التلقيح بحسب منظمة الصحة العالمية وبحسب شهادات الدول المتقدمة، فضلا عن إضفاء على بعض الدعوات الفيسبوكية المحرضة للخروج إلى الاحتجاج بالشارع العام ضدا على السلطات العمومية بالطابع الديني، يضيف نفس المصدر دائما .