قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن الذكرى ال67 لصدور أول قوانين للحريات العامة بالمغرب، تحل في سياق يتميز بالعودة المكثفة للقمع والاعتقالات، وبتراجع واضح في مجال حريات الرأي والتعبير والإعلام وحرية التجمع والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات. وسجلت الجمعية في بلاغ لها بالمناسبة مواصلة الدولة هجومها القمعي على الحق في التجمع والتظاهر السلمي، وصلت ذروته هذه السنة إلى خنق ووأد حركة "جيل زد" عبر المنع والحصار والاعتقالات الواسعة والمحاكمات.
قمع "جيل زد" وذكرت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب أن الدولة باشرت منذ 27 شتنبر حملة شرسة لمنع أي احتجاج لهذه الحركة، بعدما فشلت في شيطنتها واستهدافها بالتشويه والتشهير حتى قبل انطلاق احتجاجاتها. كما عملت الأجهزة الساهرة على إنفاذ القانون وكل السلطات بمختلف تشكيلاتها على ممارسة المنع والاعتقالات منذ اليوم الأول للاحتجاجات، وقد برزت خلال أيام 30 شتنبر وفاتح أكتوبر، احتجاجات اجتماعية أكثر قوة واجهتها السلطات بالقمع مما أدى إلى وقوع مواجهات وانزلاقات في بعض المدن. وأكدت الجمعية الاستعمال المفرط وغير المبرر للقوة العمومية وعدم تناسب ذلك مع الأفعال الصادرة عن المحتجين، فقد كانت التدخلات القمعية في بعض الحالات جد عنيفة ولم تحترم الضوابط والقواعد المعمول بها دوليا حيث تم استعمال الرصاص الحي بالقليعة بعمالة انزكان ايت ملول، يوم فاتح أكتوبر، مما أدى إلى مقتل 3 مواطنين واصابة العديد بجروح بعضها خطيرة بمن فيهم أطفال. كما لجأت القوات إلى أسلوب الدهس كما حدث في وجدة، مما خلف إصابات خطيرة لشابين. والملفت لنتائج القمع، حسب الجمعية، توقيف حوالي 5800 من المحتجين وتقديم ما يقارب 2500 أمام القضاء منهم 1500 في حالة اعتقال، وضمنهم أطفال قاصرين، يبلغ بعضهم ما بين 12 و14 سنة، معروضين على محاكم الجنايات. كما باشرت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات بالجملة عبر اقتحام المنازل وتفتيشها دون إذن مسبق كما حدث في سيدي يوسف بن علي بمراكش والقليعة وآيت عميرة وبمدينة سلا ومكناس وغيرها من المناطق. إجهاز على حرية التعبير كما سجل حقوقيو الجمعية استمرار الإجهاز على حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك عبر الأنترنيت، واستمرار المتابعات الأمنية والاعتقالات والملاحقات القضائية ضد الصحفيين والمدونين والمثقفين والفنانين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتسخير القضاء للانتقام منهم والإعلام الموالي لتشويه سمعتهم. وأفادت الجمعية بأن سنة 2025،شهدت لجوء السلطات إلى المقاربة الأمنية لتفريق مجموعة من التجمعات والوقفات والتظاهرات السلمية، في مختلف المناطق، والمنظمة من طرف عدد من الحركات الاجتماعية والاحتجاجية والنقابات بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبطالة والفقر واستشراء الفساد وتزايد مختلف أشكال التمييز المجالية أو الاجتماعية أو لسبب آخر، وللمطالبة بضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والحق في الأرض والماء. وقد رافق قمع هذه الأشكال الاحتجاجية السلمية، يضيف البلاغ، متابعة عدد من النشطاء، واعتقال البعض منهم وإصدار أحكام قاسية وجائرة في حقهم، في تجاهل تام لكل المعايير الدولية المتعلقة بالحق في حرية التجمع السلمي. وطالبت باحترام التزامات المغرب بموجب المعاهدات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الدولة المغربية في مجال حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع والتظاهر السلمي، وتكوين الجمعيات. انتهاك حق التنظيم وفيما يتعلق بالحق في التنظيم وتأسيس الجمعيات، عبرت الجمعية ببالغ القلق عن استمرار فرض قيود ممنهجة على ممارسة هذا الحق، من خلال استمرار رفض السلطات تسلم التصريح المنصوص عليه في ذات القوانين أو امتناعها عن تسليم وصولات الإيداع المؤقتة أو النهائية لهذه التصاريح بالنسبة لعدد من الجمعيات ومكاتب فروعها المحلية والجهوية. إضافة إلى منع عقد مؤتمراتها وجموعها العامة، أو عرقلة أنشطتها أو إعاقة وصولها إلى التمويل. ومن جملة هذه الجمعيات العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والهيئة المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية عدالة، وترانسبرانسي-المغرب والجمعية المغربية لحماية المال العام، إضافة إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فضلا عن مكاتب فروع النقابات والأحزاب السياسية، رغم وجود أحكام وقرارات قضائية قضت بشطط الإدارة في استعمال السلطة. وطالبت برفع كافة العراقيل القانونية والعملية أمام ممارسة الحق في تكوين الجمعيات، وتمكين الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية وطنيا ومحليا من وصولات الإيداع وتصريحات تأسيسها وملفات تجديد مكاتبها ومن استعمال القاعات العمومية، ومراجعة المقتضيات القانونية التي تحد من حرية تأسيس الجمعيات تماشيا مع المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. التحقيق في استعمال الرصاص وطالبت الجمعية بفتح تحقيق موضوعي وشفاف في مقتل ثلاثة مواطنين بالرصاص الحي من طرف رجال الدرك الملكي في القليعة وتحديد المسؤوليات وترتيب الآثار القانونية عن ذلك، وشددت على ضرورة احترام مبدأي الضرورة والتناسب في التعاطي مع الاحتجاجات واستبعاد المقاربة القمعية التي أصبحت الجواب الأوحد لدى السلطات في التعاطي مع التعبيرات الاحتجاجية والمطلبية. ودعت إلى إخضاع الأجهزة الساهرة على إعمال القانون للمراقبة القضائية والبرلمانية، والحرص على احترامها ل"مبادئ الأممالمتحدة بشأن استعمال القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون" المعتمدة في شتنبر 1990، و"مدونة قواعد وسلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون" الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 دجنبر 1979. انفراج سياسي وأكدت أن أي انفراج سياسي حقيقي يتطلب وضع حد للاعتقالات التعسفية والمحاكمات بسبب التعبير عن الرأي وممارسة الحق في التجمع السلمي، وإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي وعلى رأسهم معتقلو حراك الريف، ومعتقلو "جيل زد" والمدونين وإلغاء كل المضايقات والمتابعات الأمنية والقضائية الجارية لكل الاشخاص بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي. وطالبت بالقيام بمراجعة شاملة للقانون الجنائي وقانون الصحافة والنشر، وإلغاء كل المقتضيات الجنائية ذات الصلة بحرية التعبير التي تتعارض مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية، لا سيما الفقرة 3 منها؛ ووقف كل التدخلات الأمنية والاستخدام المفرط للقوة ضد التجمعات والتظاهرات والمسيرات السلمية، ومراجعة القانون المتعلق بالتجمعات العمومية.