تثير الدعوى القضائية بين عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وحميد المهدي، مدير نشر موقع "بديل"، جدلا قانونيا وإعلامياواسعا، بسبب متابعة الأخير بالقانون الجنائي. وقد تساءل دفاع الصحفي قائلا: "لماذا يُتابع المهداوي بالقانون الجنائي، بينما يُتابع آخرون، ليسوا حتى بصحفيين، وفي قضايا من نفس النوع، بقانون الصحافة والنشر؟" وطالبت أصوات حقوقية وإعلامية بضرورة احترام استقلالية العمل الصحفي وضمان المحاكمات العادلة وفق الإطار القانوني السليم. وفي هذا الصدد، يرى عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أن استدعاء الصحفيين للمساءلة الجنائية في المغرب بات ممارسة متكررة ومنهجية. وفي تصريح خاص ل"رسالة 24″، أشار الخضري إلى أن عددًا متزايدًا من الصحفيين يتعرضون لمتابعات قضائية على خلفية مقالاتهم وتقاريرهم الاستقصائية، مؤكداً أن قضية الصحفي حميد المهداوي الأخيرة، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة عام وتغريمه مبلغاً مالياً لصالح المطالب بالحق المدني، تمثل نموذجاً صارخاً لهذا الواقع، خاصة بعد رفع وزير العدل دعوى قضائية ضده أمام النيابة العامة. وشدد الخضري على أن هذه الإجراءات القضائية تثير تساؤلات جدية حول مدى احترام حرية التعبير وحرية الصحافة في المغرب، متسائلا عن التوافق بين هذه الممارسات والتزامات المغرب الدولية. وأوضح أن المغرب، كطرف في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ملزم بضمان الحريات الأساسية، مستشهداً بالمادة 19 من كلا الوثيقتين التي تكفل حق الأفراد في التعبير بحرية، بما يشمل البحث عن المعلومات ونقلها بكل الوسائل الممكنة دون قيود. وفي هذا السياق، أكد الناشط الحقوقي أن اللجوء إلى القانون الجنائي لمعاقبة الصحفيين على ممارستهم المهنية يشكل انتهاكا غير مبرر لهذه الحريات، داعيا إلى ضرورة معالجة مثل هذه القضايا ضمن إطار قانون الصحافة والنشر، الذي يوفر التوازن المطلوب بين حرية الإعلام ومسؤولياته. وأضاف الخضري أن الاتجاه المتبع في الدول الديمقراطية المتقدمة هو الحد من اللجوء إلى المحاكمات الجنائية ضد الصحفيين، والاعتماد بدلاً من ذلك على إجراءات بديلة في حال وقوع مخالفات مهنية، لتوفير مناخ يسوده حرية التعبير دون تهديدات ملاحقة مستمرة. وختم عبد الإله الخضري بتأكيد أن استعمال قانون المسطرة الجنائية ضد الصحفيين لا يساهم إلا في نشر جو من الخوف، ويزيد من الرقابة الذاتية، مما يهدد المبادئ الأساسية للصحافة كأداة للشفافية ومساءلة السلطات، وهي الركائز التي يقوم عليها أي نظام ديمقراطي حقيقي. وقررت محكمة الاستئناف بالعاصمة الرباط، مساء الاثنين، تأجيل إصدار الحكم في الملف القضائي المتعلق بحميد المهداوي، مدير نشر موقع "بديل"، إلى غاية 26 ماي الجاري. وجاء هذا القرار عقب جلسة طويلة امتدت لأكثر من عشر ساعات، خُصصت لمناقشة الدفوع الشكلية التي تقدمت بها هيئة دفاعه. ويواجه المهداوي، منذ فبراير 2024، ملاحقات قانونية على خلفية اتهامات تتعلق بنشر وتوزيع معلومات وادعاءات وُصفت بالكاذبة، إلى جانب التشهير، والقذف، والسب العلني، وذلك استنادا إلى مواد من القانون الجنائي المغربي، بعد شكاية تقدم بها وزير العدل.