أكد خالد البلشي، نقيب الصحافيين المصريين، أن الصحافة "لن تضطلع بدورها في تعزيز القيم الإنسانية ما لم تمارس في مناخ حر، يكفل للصحافيين التعبير والتكوين وتطوير أدواتهم المهنية"، مشددا على أن "فاقد الحرية لا يمكنه الدفاع عن كرامة الآخرين أو إيصال صوت الفئات المهمشة". وأوضح البلشي، في مداخلة له خلال الندوة الدولية المنظمة من طرف المجلس الوطني للصحافة، أمس الجمعة بمدينة الداخلة، حول موضوع "التكامل بين صحافة الجودة والتربية على الإعلام"، أن الحديث عن دور الصحافة في ترسيخ القيم الإنسانية "يأتي متزامنا مع تخليد اليوم العالمي للاجئين، وفي سياق دولي مطبوع بالحروب والعدوان، خاصة في فلسطين، حيث يدفع الصحافيون ثمنا باهظا دفاعا عن الحقيقة". واعتبر نقيب الصحافيين المصريين أن الصحافة "ليست فقط مهنة نقل الوقائع، بل هي مهنة ذات قلب"، موضحا أن هذا القلب "يحتاج إلى بيئة من الحرية والمهنية، وإلى مناخ يتيح العمل في إطار من الكرامة وضمانات التعبير"، مؤكدا أن "صحافيا بلا حرية هو صحافي بلا مهنة، وعاجز عن ترسيخ أية قيمة إنسانية". وشدد البلشي على أن القيود المفروضة على حرية الصحافة في عدد من الدول "تحرمها من وظيفتها المجتمعية، وتفرغها من بعدها الإنساني"، مشيرا إلى أن "القوانين المقيدة للحريات، والمجالس الصحافية الخاضعة للسلطة التنفيذية، تعد من أبرز العوائق أمام قيام الصحافة بدورها كاملا". وفي هذا السياق، دعا إلى تحرير الصحافة بوصفه "الشرط الأول لتكون أداة فاعلة في مواجهة الصور النمطية، والتصدي للتمييز، والانتصار لقضايا العدالة"، مبرزا أن "الصحافة المستقلة القادرة على التعبير عن التنوع المجتمعي هي وحدها من تخلق خطابا شموليا يعكس كافة الأصوات ويكسر احتكار الرواية الواحدة". في المقابل، أبرز البلشي أن "الحرية وحدها لا تكفي"، لافتا إلى أهمية التكوين المستمر والتأهيل المهني، باعتبارهما ركيزتين من ركائز صحافة الجودة، قائلا: "حتى الصحافي المؤهل مهنيا، إن لم يجد منبرا حرا ينشر فيه محتواه، سيظل عاجزا عن إيصال رسالته". وخلص نقيب الصحافيين المصريين إلى أن الصحافة الجيدة "لا تنقل فقط الحقائق، بل تصوغ فهمنا للعالم، وتؤثر في طريقة تفاعلنا مع القضايا، وتساعد في تحديد أولوياتنا كمجتمعات"، وشدد أيضا على أهمية تكامل الأدوار بين النقابات ومجالس التحرير والمؤسسات الإعلامية، في إنتاج وعي نقدي، ومحتوى يحترم ذكاء الناس، ويستحق ثقتهم.