أثار الفضاء المغربي لحقوق الإنسان موجة انتقادات حادة تجاه المسار الذي تسلكه السياسة التشريعية في المغرب، محذرا مما اعتبره انزلاقا مستمرا نحو تقليص الحريات وضرب أسس العدالة، خصوصا في ظل مناقشة مشروعي قانوني المسطرة الجنائية والمدنية تحت قبة البرلمان. وأكدت الهيئة الحقوقية، عقب اجتماع مكتبها التنفيذي يوم الأحد، أن عرض المشروعين التشريعيين في ظل غياب النقاش العمومي والتشاور مع مكونات المجتمع المدني يتنافى مع المبادئ الدستورية التي تضمن مشاركة المواطنين في صياغة القوانين، معتبرة ذلك مؤشرا مقلقا على تهميش الفاعلين المدنيين وإفراغ التشريع من بعده الديمقراطي. وأبدت الهيئة استياءها من مضامين بعض المواد، التي قالت إنها تمنح امتيازات قضائية غير مبررة لفئات من المسؤولين، وتحجب إمكانية محاسبتهم في قضايا ترتبط بالمال العام، مما يكرس منطق الحصانة ويقوض جهود محاربة الفساد ويضرب مبدأ المساواة أمام العدالة. وفي ملف الحريات، جددت الهيئة دعمها لملف ياسين الشبلي، الذي توفي داخل مركز أمني في مدينة ابن جرير سنة 2022، وطالبت بفتح تحقيق مستقل وشامل للكشف عن ملابسات وفاته، داعية في الوقت نفسه إلى الإفراج عن شقيقيه المعتقلين وتوفير شروط المحاكمة العادلة لهما. كما رفعت الهيئة مطالب بالإفراج الفوري عن عدد من المعتقلين السياسيين، على رأسهم النقيب محمد زيان ومجموعة من نشطاء حراك الريف، إضافة إلى المطالبة بوقف الملاحقات التي تطال بعض المدافعين عن القضية الفلسطينية، من بينهم أسماء بارزة تعرضت لمتابعات بسبب مواقفهم أو تحركاتهم التضامنية. وتطرق البلاغ إلى أوضاع حرية التعبير، معربا عن رفضه لما وصفه بسياسة التضييق على الصحافيين ونشطاء الرأي، مذكرا بعدد من الأسماء التي طالتها المتابعات، ومنهم صحافيون وحقوقيون وفاعلون من الحركات الاجتماعية، اعتبر أنهم مستهدفون بسبب مواقفهم النقدية. وختم الفضاء بيانه بالتشديد على ضرورة إطلاق دينامية سياسية وحقوقية جديدة، قوامها احترام الكرامة والحقوق الأساسية والعمل على بناء مجتمع يحترم التنوع والاختلاف، داعيا كل القوى الحية إلى الانخراط في معركة الدفاع عن دولة القانون. وتزامن هذا الموقف مع إحياء اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، حيث عبّر الفضاء عن تضامنه مع ضحايا الانتهاكات الجسيمة في عدد من مناطق العالم، وفي مقدمتها فلسطين، التي تعيش وضعا مأساويا في ظل عدوان متواصل وصمت دولي مطبق.