احتضن فضاء مسرح منتزه الحسن الثاني بالرباط، مساء اليوم الجمعة، أمسية فنية لموسيقى "الجاز" جمعت بين إيقاعات مغربية وأوروبية، احتفاء بروح هذا اللون الموسيقي وبالإبداع الثقافي المشترك. واستهلت الأمسية، المنظمة في إطار فعاليات الدورة السابعة والعشرين لمهرجان "الجاز بالرباط"، بعرض لمجموعة الفنانة ألبا كاريتا، إحدى أبرز وجوه الجاز الكاتالوني الصاعد، التي تمزج بين الجاز المعاصر والجذور الكاتالونية، حيث أدت مقطوعات من ربرتوارها بأسلوب زاوجت فيه بين الغناء الهادئ والعميق تارة، والعزف على آلة البوق تارة أخرى. وفي عرض مميز، نسجت ألبا كاريتا بمعية زملائها حوارا فنيا مع مجموعة "جاز إن تريو" من طنجة، التي تجمع بين الجاز والفلامنكو والتقاليد الشرقية، فقدموا تجربة موسيقية غنية تمازج فيها الجاز بسلاسة مع ألوان الفلامنكو وأصوات المتوسط. وقد أضفى صوت "الترومبيت" نفسا خاصا على العرض، فيما منحت آلة "الكونترباص" الإيقاع عمقا أكبر، في انسجام بديع مع أنغام "الساكسفون" والبيانو وصوت الطبول، مكونة جميعها لوحة موسيقية بديعة جسدت التنوع الثقافي لضفتي المتوسط. وفي هذا الإطار، أبرزت الفنانة الإسبانية ألبا كاريتا أن هذا الحفل أتاح فرصة لمزج موسيقاها مع إيقاعات مغربية، بحكم القرب الجغرافي بين الضفتين الذي ينعكس أيضا في الإحساس والروح الموسيقية، مؤكدة أن مثل هذه اللقاءات تفتح المجال أمام تبادل الخبرات وتشكيل تجارب جديدة. وأعربت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عن سعادتها الكبيرة بالمشاركة في هذا المهرجان، خاصة وأنها تعزف لأول مرة في المغرب، لافتة إلى أن هذه التجربة تمثل فرصة للتعرف على أساليب مختلفة في الأداء والإحساس الموسيقي، بما يضفي بعدا جديدا على أعمالها. من جانبه، قال الفنان ياسين عبد الوهاب من مجموعة "جاز إن تريو" إن مشاركته الأولى في مهرجان "الجاز بالرباط" كانت تجربة مميزة، خاصة من خلال التعاون الفني مع فرقة موسيقية من برشلونة، مشيرا إلى أن الأداء المشترك على المنصة أبرز انسجاما واضحا بين المجموعتين. وأضاف، في تصريح مماثل، أن موسيقى الجاز، باعتبارها فضاء مفتوحا للارتجال و"بحرا واسعا" للإبداع، تمنح إمكانيات غنية للتفاعل والاستلهام من أنماط وإيقاعات مختلفة. وتتضمن برمجة الحفل أيضا، مشاركة للثنائي الهنغاري سارة بوليكي وبيترا فارالياي في أداء مشترك مع الفرقة المغربية "تشوبي سيكستيت" التي تمزج بين الراب والجاز والإيقاعات الحضرية. وستشهد فعاليات المهرجان تنظيم سهرة فنية، غدا السبت، يحييها الثلاثي البلجيكي "أمو تريو" وفرقة الفنان المغربي مهدي قموم، في مزج فني يجمع الأمازيغية بموسيقى العالم، بينما سيجمع حفل الاختتام، في نفس اليوم، المغنية السويدية لينا نيبرغ و الثلاثي المغربي "باب لبلوز" بقيادة يسرى منصور. وبالموازاة مع العروض الرئيسية، تنظم ورشة إبداعية بعد غد الأحد بالدار البيضاء، يشرف عليها مغني الراب "تشوبي"، بمشاركة العازف أكسل كميل (ساكسوفون) وعادل حنين (طبول). ويأتي هذا المهرجان، المنظم بمبادرة من الاتحاد الأوروبي بالمغرب، وبشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وولاية جهة الرباط-سلا-القنيطرة، ليكرس مكانته كجسر موسيقي يربط أوروبا بالمغرب، ويوفر فضاء للإبداع المشترك واللقاءات الفنية التي تعكس عمق الحوار الثقافي والإنساني بين ضفتي المتوسط.