"القرار الأممي" يرجح كفة الحكم الذاتي    لقجع: كلفة الملاعب خارج الميزانية العامة.. والدعوة إلى المقاطعة مؤامرة    ميناء الداخلة الأطلسي، مشروع ضخم يفتح عهدًا جديدًا للربط والتجارة البينية الإفريقية (وزيرة خارجية إسواتيني)    افتتاح أول خط جوي مباشر بين مونتريال وأكادير ابتداء من يونيو 2026    إيداع مالكة حضانة ومربية السجن على خلفية وفاة رضيعة بطنجة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بشأن المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي    منتخب أقل من 17 سنة يحل بالدوحة    حادثة حضانة طنجة.. صرخة لإصلاح قطاع التعليم الأولي وضمان سلامة الأطفال    "المطاحن" تبدي الاستعداد لكشف حقيقة "التلاعبات في الدقيق المدعم"    تقرير حكومي يعلن اكتشافات "مشجعة" للذهب في الصحراء    علي بوعبيد ينتقد استمرار تولي وزير داخلية تكنوقراطي بلا شرعية انتخابية اعداد القوانين الانتخابية    إيقاف أنشطة ميناء العرائش بسبب سوء الأحوال الجوية    الحكومة تُلقي ب"كرة التحقيق" حول "الدقيق والورق" في ملعب النيابة العامة    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات في مناصب عليا    حصيلة متقدمة لبرامج دعم التعليم    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سرقة متحف اللوفر.. توقيف خمسة مشتبه بهم جدد وفق المدعية العامة بباريس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بلاوي يدعو إلى تفعيل العقوبات البديلة    وفاة نجم" ذا فويس" بهاء خليل عن 28 عاما    الرباط تستعد لاحتضان الدورة 30 للمهرجان الدولي لسينما المؤلف    مرسيليا يعلن أن لاعبه المغربي بلال نذير "في صحة جيدة" بعد حادث سقوطه    أسود الأطلس يواجهون الموزمبيق وأوغندا في افتتاح ملعب طنجة استعدادا ل"كان المغرب 2025"    تصويت فرنسي ضد اتفاقية مع الجزائر    أكثر من 300 كاتب وأكاديمي يقاطعون "نيويورك تايمز" لانحيازها ضد فلسطين    تقتيل واغتصاب وتهجير.. هيئة مغربية تدين ما يتعرض له السودانيون من مآس مروعة    بعثة المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة تحل بالدوحة استعداداً للمشاركة في نهائيات كأس العالم    غيث نافع يعم عدة مدن مغربية وشفشاون في الصدارة    الذهب يرتفع مدعوما بتراجع طفيف للدولار    الصين تحدّد 31 أكتوبر موعداً لإطلاق سفينة الفضاء المأهولة "شنتشو-21"    تيزنيت : التعاون الوطني ينظم نهائي البطولة الوطنية الرياضية 49 للمؤسسات والمراكز الاجتماعية بالإقليم    فادلو: الشهب الاصطناعية أفسدت إيقاع الديربي أمام الوداد    مقتل شخص في توغل إسرائيلي بجنوب لبنان والرئيس عون يطلب من الجيش التصدي    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي بفارق كبير عن الآخرين    قانون مالية 2025 يظهر عجزا في الميزانية ب50,5 مليار درهم    ترامب يعلن تخفيض "رسوم الصين"    فيلمان مغربيان ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان بروكسيل للفيلم    قطاعات ‬الماء ‬والطاقات ‬الخضراء ‬ضمن ‬أولويات ‬مشروع ‬القانون ‬المالي ‬الجديد    اتفاقية ‬استثمارية ‬بين ‬المملكة ‬ومجموعة ‬رونو ‬المغرب    شي جينبينغ: يمكن للصين والولايات المتحدة تحمل المسؤولية بشكل مشترك كدولتين كبيرتين، والعمل معا على إنجاز مزيد من الأعمال الهامة والعملية والمفيدة    مشروع "مؤسسات الريادة" يُحقّق تحسّنا محدودا وغير متوازن في مستوى التحكم في التعلمات الأساس بين الأكاديميات    عاجل | النيابة العامة تفتح تحقيقا قضائيا في مزاعم "طحن الورق مع الدقيق"    عرض فني بالدارالبيضاء بمناسبة المؤتمر العالمي للفلامنكو    "أكاديمية المملكة" تصدر موسوعة "مناظرة العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 4 مجلدات    مهرجان الدوحة السينمائي يعلن عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    بنسعيد يترأس حفل تنصيب لجنة تحكيم الجائزة الكبرى للصحافة    شيخوخة اللسان!    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستشفى القرطبي للاختصاصات بطنجة والمصير المجهول ؟
نشر في صوت الحرية يوم 14 - 01 - 2011

بإقدام إدارة مستشفى القرطبي بطنجة مؤخرا على تنظيم يوم (الأبواب المفتوحة) الذي حضره المندوب الإقليمي وعدة فعاليات مهتمة بالقطاع، والذي تم خلاله تقديم صورة عن المجهودات المبذولة بهذا المستشفى من أجل تطوير الخدمات الصحية لفائدة المواطنين، تكون قد ظهرت بعض المؤشرات التي تبدد بعض الشكوك التي كانت تحوم حول مصير هذا المستشفى، بسبب ما كان يروج عن وجود مخطط لتفكيك الاختصاصات التي يتوفر عليها وتحويله إلى مستشفى خاص بالولادة والطفل، وذلك أن كلمة كل من المندوب الإقليمي(د/محمود برحال ) ومدير المستشفى(د/محمد جناتي) قد ولدت بعض الاطمئنان والأمل في احتمال التراجع عن الفكرة السابقة، والعمل على إثراء الخدمات التي يقدمها المستشفى ، والتي ترتبط بما يزيد عن عشر تخصصات تتعلق بأمراض مختلفة .
فهذا المسشفى التاريخي الذي أنشئ في عشرينيات القرن الماضي تحت اسم المستشفى الفرنسي، والذي كان تابعا للإدارة الدولية ، يعد أول مستشفى في أفريقيا استعمل فيه جهاز الكشف بالراديو الذي كان مقاما بالجناح القديم، وهو المبنى الذي تم هدمه خلال سنتي 2008/2009 بقرار من الإدارة المحلية ، تحت ذريعة عدم صلاحيته، علما أن البناية كانت تشكل معلمة تاريخية في هندستها وفي مستوى بنائها القوي، ولم تكن تحتاج إلا للترميم ، حيث قدر الاعتماد آنذاك بما يقرب من مليار ونصف سنت، من إجل إعادة تشغيلها كمركز للأنكولوجيا، وفي إطار هذه المهمة قام الوالي محمد حصاد، رفقة مدير مديرية المستشفيات بوزارة الصحة بزيارة إلى عين المكان من أجل تكوين تصور واضح عن المشروع ، فاقتضت وجهة نظر اللجنة أن يظل ذلك المبنى خاضعا للاختصاصات الموجودة بالمستشفى بسبب عدم أهليته لاحتضان مشروع مركز معالجة مرض السرطان. وبناء على هذا القرار تم تخصيص بقعة أرضية في مدخل الغابة الديبلوماسية من أجل بناء مستشفى اختصاصات داء السرطان الذي يوجد الآن في طور الإنجاز.
فلقد كانت البناية فارغة ولم تكن تشكل أي خطر ومع ذلك صدر الأمر بهدمها وتحويل مكانها إلى فضاء مفتوح، والمؤسف هو أن كل مواد البناء التي تم عزلها خلال عملية الهدم والمكونة من الأحجار الصلبة والحديد والخشب،.. تم نقلها بالشاحنات التابعة للجماعة الحضرية إلى وجهة مجهولة. بل إن الهدم قد تم بالطريقة التقليدية أي بواسطة المعاول، مما ساهم في إطالة مدة الهدم التي تجاوزت 6 اشهر، الأمر الذي ألحق ضررا كبيرا بالعاملين بالمستشفى والمرضى بسبب الغبارالمتطاير والضجيج المستمر الناتج عن ضربات الهدم والحفر وحركة الشاحنات..
فهذا المستشفى له تاريخ حافل بالعطاءات بفضل تعدد الاختصاصات المتوفرة والأرباح التي يحققها، والبرامج الصحية المتعددة التي يؤطرها، منها برنامج (العمى) الذي تؤطره مذكرات وزارة الصحة ضمن البرنامج الوطني الذي تساهم فيه منظمة الصحة العالمية .
ففي سنة 1994 جاهد الدكتور أقلعي من أجل خلق مركز جهوي لأمراض العيون في الشمال بمستشفى القرطبي، ومنذ ذلك التاريخ وهو يغطي حاجيات المرضى بمنطقة الشمال، من حدود القنيطرة إلى تازة والحسيمة ..وبفضل هذا المركز الذي لا زال يحمل اسم الدكتور (عثمان أقلعي) ذي الأصول الطنجوية، استطاع المستشفى جلب مساعدات مقدمة من لدن منظمات دولية ذات الاختصاصات في أمراض العيون (هيلين كلير...) وهي الجمعية التي قامت بزيارة ميدانية إلى المستشفى وتجهيزه سنة 1995 . وقد تم تدشينه كمستشفى للاختصاصات من طرف وزير الصحة عبد الرحيم الهروشي آنذاك.
كما أن المستشفى يحقق مداخيل مهمة ناتجة عن منح الشواهد الخاصة برخص السياقة ، بتسعيرة 100 درهم عن كل تأشيرة، ثم مداخيل الزيارات التي تتراوح بين 60 و100 درهم ، ثم العمليات المؤدى عنها، والتي تتفاوت تسعيرتها بين 350 و750 درهما بالنسبة لغير المتعاضدين، وذوي شهادة الاحتياج. وكمثال على ذلك هو استقبال الطابق الأول للمستشفى سنويا ما يعادل 20 ألف حالة عيادة، حيث "سجل خلال سنة 2009 فحص 2533 حالة مرضية و 2744 تدخل جراحي من بينها 2111 عملية كبرى . و19300 فحص في مختلف الاختصاصات الطبية والجراحية المكونة من طب وجراحة العيون والأنف والأذن والحنجرة، والجراحة التقويمية والإصلاحية ، والجراحة العامة ، وجراحة الوجه والكفين، وطب وجراحة الأسنان، والطب الريثاني (الروماتيزم)، وطب الأعصاب والدماغ والأمراض الجلدية، والإنعاش والتخدير، وآليات التشخيص والفحص بالأشعة السينية، والتخطيط الكهربائي للدماغ، والتخطيط الكهربائي للعضلات ، والتخطيط الكهربائي للقلب ، وميزان السمع ، والترويض الطبي، وتقويم النطق وتقويم البصر، والترويض النفسي الحركي. كما يتوفر على طاقة إيوائية تقدر ب97 سريرا، وعلى قسم لإجراء العمليات الجراحية مكونة من ثلاث حجرات مجهزة بأحدث وسائل الجراحة ، وقسم للراديو يضم قاعتين مجهزتين بأحدث الوسائل ، وقاعات للفحوص وغيرها كما يتوفر المستشفى على معهد لتأهيل الأطر في الميدان الطبي، والذي يهتم بتكوين الممرضين والممرضات وبالبحث العلمي في ميدان التمريض الطبي ، ويقدر عدد العاملين بالمستشفى ب 18 طبيبا في مختلف التخصصات ، و20 ممرضا وممرضة).
ويجدر التذكير بأن المستشفى كان مستهدفا في التسعينيات بتحويل جناحه السفلي للأمراض العقلية، والدليل هو وضع الشبابيك التي لا زالت شاهدة على الخطة إلى الآن. كما أنه خضع لتصفية أحد الاختصاصات الهامة المتمثل في الترويض الطبي الذي تم نقله بكيفية ارتجالية إلى مركز الترويض الخاص بالمعوقين في بلاص موزار ، وهو الأمر الذي نتج عنه تعطيل هذا الاختصاص بالإقليم بعد رفض الجمعية المشاركة في المشروع استقبال المرضى الغير القادرين على الأداء وكذلك المتعاضدين وحاملي شهادة الاحتياج ، مما فرض على الإدارة استرجاع الاختصاص إلى المستشفى من جديد في صيغة رمزية عن طريق خلق نواة صغيرة غير كافية لتغطية حاجيات المرضى .
إن قرار ترحيل اختصاصات مستشفى القرطبي وتوزيعها على أجنحة داخل كل من مستشفى محمد الخامس، والدوق دي طوفار، كان قد طرح بناء على معطيات غير دقيقة وغير صحيحة من أجل التأثير على أصحاب القرار المركزي بهدف إقناعهم بقبول الفكرة بعلاتها .
وإذا كان برنامج الوزارة يرتكز على مخطط خلق مستشفى الأم والطفل في كل إقليم من أجل الحد من الوفيات وتحسين الخدمات ، وهي فكرة محمودة، فإن هذا القرار بطنجة، طرح بكيفية معكوسة ، حيث أنه يهدف إلى تفكيك بنية مستشفى للاختصاصات قائم الذات، ودمجه ضمن اختصاصات أخرى داخل مستشفيات تعاني بدورها من نقص حاد في الأسرة والتجهيزات والأطر .. وبدلا من الحفاظ على التراكم المعرفي لهذا المستشفى، يتم اتخاذ وجهة الانطلاق من الصفر وإعادة تركيب الصورة الغير المستقرة للقطاع بطنجة .
وللعلم فإن عملية التحويل تتطلب ميزانية ضخمة ، لتنفيذ المشروع ، كما أن إنجاز الأشغال الخاصة بإدخال تعديلات ستشمل ثلاثة مستشفيات في آن واحد، مما سيعطل خدمات الاستشفاء بشكل جزئي لعدة أسابيع أو شهور، علما أن المؤسسات الصحية تعاني أصلا من ضعف الخدمات ومن الخصاص المهول في الأطر والتجهيزات ...
فإذا كانت الجهة الوصية على القطاع قد استوعبت الدرس وأدركت سلبيات المخطط الذي كان قيد الإنجاز ، فإننا ننوه بهذا الموقف، ونحيي من يقف وراءه. أما إن كانت القضية هي مجرد وقت وانتظار الفرصة لإعادة الكرة، وطرح المشروع من جديد ، فسيكون ذلك هو العبث بعينه الذي لا يقدم أي معنى بتاتا للأبواب المفتوحة التي تم تنظيمها ، لأن المصير سيكون هو الوصول إلى الأبواب المغلقة، وضرب كيان مستقر يحتاج إلى التعزيز والمساندة بدلا من الإجهاز عليه .
وقبل إغلاق هذا القوس، نطالب المسؤولين بالبحث والتقصي عن مصير مواد البناء المرتبطة بهدم المبنى القديم والتي تم تحويلها إلى وجهة مجهولة، كما نطالب بإعادة بناء ذلك الفضاء بهدف توسيع مرافق المستشفى والرفع من مستوى طاقته الإيوائية ، كما نطالب أيضا بتقوية القسم الخاص بالترويض الطبي، وتوفير الأطر الكافية للقيام بالمهام المطلوبة. ونقول في الختام ، إن المراهنة على نقل الاختصاصات وتحويل المستشفى إلى مستشفى الولادة والطفل يعتبر خطأ فادحا ستكون له مضاعفات وسلبيات لا حدود لها على هياكل القطاع الصحي بالإقليم والجهة بشكل عام.
المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.