القمة ال 15 لمنظمة التعاون الإسلامي.. جلالة الملك يؤكد على ضرورة إحاطة الدول الإفريقية الأقل نموا بالمنظمة بمزيد من الرعاية والاهتمام    استيراد الأضاحي سيفيد المنتجين الاوروبيين اكثر من المستهلكين المغاربة    الليغا.. إبراهيم دياز يبصم على أداء مميز مع اقتراب ريال مدريد من اللقب    لقجع: لو تدخلت في تعيين الحكام لفاز المغرب ب"الكان"    ابتدائية مراكش تصدر أحكامها في قضية وفاة فتاة بإحدى الفيلات الراقية والجمعية تستنكر الأحكام المخففة    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الداخلة    قطر تدرس مستقبل "حماس" في الدوحة    تعيينات جديدة فال"هاكا".. وعسلون بقى فمنصب المدير العام للاتصال    "دعم السكن" ومشاريع 2030 تفتح صنابير التمويل البنكي للمنعشين العقاريين    سمرقند تحتضن قرعة مونديال الفوتسال    بونو يقترب من رقم تاريخي في السعودية    تونسيون يتظاهرون لإجلاء جنوب صحراويين    مادة سامة تنهي حياة أربعيني في تزنيت    العصبة المغربية لحقوق الإنسان تدعو لحماية الصحفيين وتوسيع مجال الحرية    "نخرجو ليها ديريكت" يناقش مخرجات الحوار الاجتماعي وتهميش فئة المتقاعدين    تتويج الفائزين بالنسخة الثانية من جوائز القدس الشريف للتميز الصحافي في الإعلام التنموي    كأس الكونفدرالية الافريقية .. طاقم تحكيم كيني يدير مباراة نهضة بركان ضد الزمالك    تحديات الذكاء الإصطناعي.. وآليات التوجيه    هل تبخر وعد الحكومة بإحداث مليون منصب شغل؟        توقيف شخصين في إسبانيا بتهمة تهريب عملات مغربية تاريخية بوثائق مزورة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    الوكالة الحضرية لتطوان تواصل جهود تسوية البنايات غير القانونية    106 مظاهرات في عدة مدن مغربية لدعم غزة والإشادة بالتضامن الطلابي الغربي    عبد النباوي كيطالب من المحامين باش يساهموا فمكافحة جرائم "غسل الأموال" وبغا يكون التزام أخلاقي ومهني على تقييم المخاطر    صناديق الإيداع والتدبير بالمغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس تعزز تعاونها لمواجهة تحديات "المتوسط"    سيناريو مغربي ضمن الفائزين بالدعم في محترفات تطوان    كنوز أثرية في تطوان.. فيسفاء متولوجية وأمفورات ونقود قديمة    بطل "سامحيني" يتجول في أزقة شفشاون    صندوق الإيداع يشارك في اجتماع بإيطاليا    مهرجان الدراما التلفزية يفتتح فعاليات دورته ال13 بتكريم خويي والناجي (فيديو)    صديقي يزور مشاريع تنموية لقطاع الورد العطري بإقليم تنغير    وزير العدل طير رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية فتاونات بعد فضيحة اختلاس 350 مليون من الصندوق    رؤى متقاطعة حول المساواة والعدالة والاستدامة خلال مهرجان "هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس"    انتهى الموضوع.. طبيب التجميل التازي يغادر سجن عكاشة    مطالب برلمانية بالكشف عن نتائج دراسة الحكومة لآثار الساعة الإضافية    "موج أزرق" للتشكيلي يوسف سعدون يغرق رواق محمد الدريسي بطنجة    نفي وتنديد بتزوير باسم " الأيام24″    لقجع يكشف سبب إقالة خليلوزيتش قبل أشهر من انطلاق كأس العالم 2022 وتعيين الركراكي    بمشاركة مجموعة من الفنانين.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان البهجة للموسيقى    وزيرة المالية تجري مباحثات مع أمين عام منظمة "OECD"    مؤجل الدورة 26.. المغرب التطواني في مواجهة قوية أمام نهضة بركان    إلغاء الزيادات الجمركية في موريتانيا: تأثيرات متوقعة على الأسواق المغربية    الصين تطلق المركبة الفضائية "تشانغ آه-6" لجمع عينات من الجانب البعيد من القمر    تقرير أمريكي يكشف قوة العلاقات التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة        كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟    أزيلال.. افتتاح المهرجان الوطني الثالث للمسرح وفنون الشارع لإثران آيت عتاب    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    الأمثال العامية بتطوان... (589)    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد شكري .. "مجنون الورد" الذي تجاوز "زمن الأخطاء"
نشر في طنجة 24 يوم 16 - 03 - 2017

حينما فتح الكاتب العالمي محمد شكري (2003/1935) النافذة على ذاكرة "طنجة العالية" والأسطورية بكل صخبها وأفراحها وهو طفل نازح من قرية آيت شيكر بإقليم الناظور في بداية الأربعينيات رفقة عائلته الباحثة عن سماء أرحب وعن خبز تسد به رمق الجسد وجرح الأيام، كانت أطياف هذه المدينة حافزاً على برهانه السّاطع ومبرراً لوجوده وأفقه، ولعبة الضوء التي أجاد القبض عليها؛ فاختبرت طراوته وأنفاسه، لكنه اصطاد بشباكه أحشاءها!! وهو ينصت لهدير ليلها وينحت على صخر عتماتها شخصيته الملتبسة، المعجونة بالشقاء والتطلّع.
في رحلته المديدة والجريئة، سيقلِب الشاطر محمد شكري صفحات أخرى من مساره خارج السياق الذي تهيّأ له، وهو في ربيعه الثاني من سنة 1955، بعدما روته غيوم القراءة وأمطارها، فأمسك بخيوط الحكاية بتشجيع من صديقه حسن العشاب، صوب دروب التحصيل بمدينة العرائش، دارساً بها لمدة أربع سنوات وبضعة أشهر، ثم ليشتغل في سنة 1966 بسلك التعليم الابتدائي، معيداً صياغة سؤال الذات الذي ينطوي على دوافع البحث والاستيعاب وتجاوز صرخة الهامش ودروس المفارقات، بعدما حرره ذلك السؤال من رحلة التشظي والشوارع الخلفية إلى تحويل اللحظات العابرة واستلهام العالم الداخلي للإنسان.
عبر كتابات هذا الكاتب الفريد، القصصية والروائية، نعثر على حفر خاص في تعقيدات الحياة، في ظواهرها ومظاهرها، باعتباره رأى كل شيء وعاش حياته دفعة واحدة كموجة هادرة، مستلهماً أبعاد طنجة، المقرونة بآثاره وصوته، التي علّمته مواجهة الزّمن، والتي طالما انفتحت على الثقافات واللغات والمسرّات والانكسارات، عارفاً كيف يلم فوضاها المتشابكة، وكيف يجعل من حاراتها وأزقتها وحيواتها، التي تفيض بالألم، نبضاً وملحمة ومنابع طريق.
وهذا ما قرّب أعمال هذا الروائي أكثر من أقدار النّاس وأحداثهم المتدافعة التي ترسّخت عبر حبره بالمثابرة والمعاناة الخلاقة ورد الاعتبار لنفسه ولغيره؛ حيث شكلت الكتابة عنده هاجساً وتمريناً يوميا، مفتوحاً على العلائق الكونية وعلى وقائع وتجارب ومصائر... ممّا جعله يوحّد الشخصي في الجماعي، مع قدرته على تحويل الأحداث بلغته وأسلوبه وبمراسه الشاهد على زمن الأخطاء، فصار يلقي بحجره الصّقيل في كل البحيرات فتخفق المرايا وتسقط خيول القصب.
كان للكُتّاب: بول باولز، وجان جنيه، وتينيسي وليامز، ومحمد الصباغ، ومحمد برادة، وأحمد شوقي، وأرنست همنغواي، وأحمد عبد السلام البقالي، وغيرهم... جوانب مؤثرة ساهمت بشكل أو بآخر في توجيه نهر هذا المبدع النادر والاستثنائي، الذي سيجد بعد ذلك أهميته وتأثيراته في المجتمع حينما غاص في بقاع القضايا الجوهرية والتفاصيل والمفارقات، منتصراً على القبح وملتحماً بما يتجلى من ثقافة فصيحة وممارسة ملموسة أكسبته شهرة بالغة.
ليجد نفسه في الهنا والهناك، فكان مفاجئاً وباذخاً ومختلفاً، وكانت اللغة معطفه الأوحد تقيه برد العزلة، بها يتجاوز بوابة الظل ويفتح أكثر من فضاء، وبها يجسّد براهين غير متناهية في إبداء الرأي حول المتغير بالمحيط والعالم... وهكذا أضحى قريباً من رحيق الغابة مكتمل الأداة على جسر الورق.
ولتتوزّع طاقته، هو المنتشي بنور داخلي وبراءة ريفية بعيدة عن القيود، بين حديث البدايات والنهايات، ذلكم الحديث الذي بقي ساطعاً ومستمراً بوعي معرفي، يمثل جانباً إبداعياً جميلا وأصيلا في سردياته الغنية التي بسطت عنفوانها على الساحة الأدبية العربية والعالمية: الخبز الحافي، زمن الأخطاء، مجنون الورد، الخيمة، السوق الداخلي، غواية الشحرور الأبيض، مسرحية السعادة، ورد ورماد، وبعض السِير والمذكرات...
لكن بعد كل هذه الجاذبية والجرأة والتمرد في تجربة هذا المبدع، التي كانت عنيفة وصادقة وإنسانية، هل سيكافئنا الزّمن مرّة أخرى بكاتب مثل محمد شكري، بسيط وعذب وصادم؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.