تحت شعار "ذكاء المرافق".. الرياض تحتضن أكبر حدث دولي في إدارة المرافق    الشرقاوي: الملك يهتم بأجيال فلسطين    "أسيست دياز" يسهم في فوز الريال    الخارجية الفرنسية تستدعي السفير الأمريكي بسبب اتهامات معاداة السامية    الملك محمد السادس: القانون الدولي يتعرض لرجّة قوية بفعل رياح عاتيّة مُعاكِسة    توقيف مختل عقلي بالبيضاء جراء نشره فيديو يهدد فيه بارتكاب جنايات ضد الأشخاص بمسجد الأندلس بمنطقة أناسي    تجارب علمية تبعث الأمل في علاج نهائي لمرض السكري من النوع الأول    رحيل الرئيس السابق للاتحاد الوطني لطلبة المغرب المناضل عزيز المنبهي    مطار محمد الخامس: توقيف تركي يشكل موضوع أمر دولي بإلقاء القبض صادر عن طرف السلطات القضائية بألمانيا    سجن الناظور ينفي مزاعم تعذيب نزيل    إختتام مهرجان نجوم كناوة على إيقاع عروض فنية ساحرة    المغرب بحاجة إلى "عشرات العزوزي" .. والعالم لا يرحم المتأخرين    بعثة المنتخب المحلي تتوجه إلى أوغندا    بعد الهزيمة.. جمال بنصديق يتعهد بالعودة في أكتوبر ويكشف عن سبب الخسارة    موجة حر استثنائية تضرب إسبانيا وتتسبب في أكثر من ألف وفاة خلال غشت    الحسيمة.. حادث سير مروع يودي بحياة محمد البوشعيبي    العيناوي يؤكد الجاهزية لتمثيل المغرب    السلطات المغربية تطرد ناشطتين أجنبيتين من مدينة العيون    عادل الميلودي يدافع عن الريف ويرد بقوة على منتقدي العرس الباذخ    القناة الأمازيغية تواكب مهرجان الشاطئ السينمائي وتبرز إشعاع نادي سينما الريف بالناظور    حكمة العمران وفلسفة النجاح    الملك محمد السادس يبعث رسالة إلى زيلينسكي    سابقة علمية.. الدكتور المغربي يوسف العزوزي يخترع أول جهاز لتوجيه الخلايا داخل الدم    طفل بلجيكي من أصول مغربية يُشخص بمرض جيني نادر ليس له علاج    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    تبون خارج اللعبة .. أنباء الاغتيال والإقامة الجبرية تهز الجزائر    الجنرال حرمو يؤشر على حركة انتقالية واسعة في صفوف قيادات الدرك الملكي بجهتي الناظور وطنجة    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة "عالم الذكاء الاصطناعي.. الشرق الأوسط وإفريقيا" في فبراير القادم    قال إن "لديه خبرة وغيرة لا توجد لدى منافسيه".. أسامة العمراني ينضاف لقائمة نخب تطوان الداعمة للحاج أبرون    السدود المغربية تفقد 792 مليون متر مكعب بسبب الحرارة وتزايد الطلب    حتى لا نُبتلى باستعمار رقمي..        أزمة القمح العالمية تدق ناقوس الخطر والمغرب أمام تحديات صعبة لتأمين خبزه اليومي        جماهير الجيش الملكي ترفض رفع أسعار التذاكر وتطالب بالعودة إلى ملعبها التاريخي    مقتل أزيد من 35 إرهابيا في ضربات جوية شمال شرق نيجيريا    ارتفاع ضحايا المجاعة في غزة إلى 289 شخصا بينهم 115 طفلا    المغرب: فاتح شهر ربيع الأول لعام 1447ه غدا الاثنين وعيد المولد النبوي يوم 05 شتنبر المقبل    المملكة المتحدة تتعهد تسريع النظر في طلبات اللجوء مع امتداد التظاهرات أمام فنادق الإيواء    المغرب ضيف شرف الدورة ال19 للمعرض الوطني للصناعة التقليدية ببنين    جاكوب زوما: محاولة فصل المغرب عن صحرائه هو استهداف لوحدة إفريقيا وزمن البلقنة انتهى    غوتيريش يرصد خروقات البوليساريو    الصحافة الكويتية تسلط الضوء على المبادرة الإنسانية السامية للملك محمد السادس لإغاثة سكان غزة    ناشطات FEMEN يقفن عاريات أمام سفارة المغرب في برلين تضامنا مع ابتسام لشكر    موجة غلاء جديدة.. لحم العجل خارج متناول فئات واسعة        الجديدة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان اليقطين احتفاء ب''ڭرعة دكالة''        تحذير من العلاجات المعجزة    أمريكا: تسجيل إصابة بمرض الطاعون وإخضاع المصاب للحجر الصحي    تغيير المنزل واغتراب الكتب    مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ذاكرة مارس: يوم الأرض
نشر في طنجة 24 يوم 27 - 03 - 2017

كان مقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنوات الثمانينات يغص بالجماهير عن آخره كل الثلاثين من مارس، طلبة، مناضلون ، نقابيون، ومثقفون...، والكل منخرط في ترديد شعارات الثورة الفلسطينية، حيث كانت ذكرى يوم الأرض عندنا كعرب مرتبطة ارتباطا وثيقا بفلسطين، ومن خلالها بالصراع العربي الإسرائيلي حول الأرض والعرض معا.
كان حماسنا يدفع بنا في اتجاه السوق الداخل كلما حلت الذكرى، وكنت مرة قد حزت على هدية قيمة لطالما انتظرت الحصول عليها، فيوما واحدا قبل الاحتفال بيوم الأرض في الثلاثين من مارس من سنة 1987، جائني أحد أبناء الجيران الذي كان يدرس بجامعة فاس بالكوفية، وكم كنت مشتاقا لوضع على عنقي كرمز للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أو كمناصر للقضية الفلسطينية... وكثيرة هي الإشارات التي كنا نريد إرسالها بوضعنا لذلك القماش الأبيض المزخرف باللون الأسود على العنق.
لم يكن وصول الهدية إليَّ بالأمر الهين، فقد استوقف الأمن صاحبنا لمدة تزيد عن الساعة بمحطة القطار القديمة قرب الميناء، وتم الاستماع إليه بخصوص من أين..؟، وإلى أين..؟، ولمن..؟، ولماذا..؟، حتى تأكدوا أن الأمر لا يعدو أن يكون هدية من قماش يقي من البرد، ويفيد كغطاء للرأس..ولا شيْ غير ذلك.
وصلتني الكوفية ليلا وقررت ارتدائها للاحتفال بيوم الأرض، وترديد الشعارات الحماسية كما يفعل رواد ذلك المبنى التاريخي، الذي أصبح اليوم شاهدا على تردي الوضع الحزبي وكذا السياسي بالمدينة ، وفعلا توجهت بعد زوال اليوم الموالي إلى السوق الداخل، وصعدت سلم المقر، فوجدتني وسط حشد من أصحاب الكوفيات، والكل يهتف لفلسطين، ولأبي عمار، وشهداء صبرا وشتيلا، والشهيد أبو الوليد...وللائحة طويلة من الشعارات التي كان وقعها في النفوس قوي، ويوحي بالقدرة على اختراق أسوار من الإسمنت المسلح، فبقيت مع الحشد أهتف وأرفع الكوفية وألوح بها تارة، ثم أضعها على كتفيّ تارة أخرى، حتى بحت الحناجر، وتيقنا أننا قمنا بما ينبغي القيام به لتحرير الأرض، وصيانة العرض، ثم انصرفت مع المنصرفين إلى حال سبيلني، لأجد سيارة تابعة للأمن الوطني متوقفة قبالة قوس باب الفحص، ويستوقفني رجل أمن بزي رسمي، ويسألني عن الكوفية مرة أخرى، من أين لي بها؟، ولماذا أرتديها؟، وما قصدي من ارتدائها؟...، غير أني أفلح في إقناعه بأنها مجرد قطعة قماش يقي من البرد، ويفيد كغطاء للرأس، كما فعل إبن الجيرا مع أمن محطة القطار..!، ولم يدعني أكمل طريقي إلا بعدما تفحص جيدا بطاقتي المدرسية، حيث أنني لم أكن قد حصلت بعد على البطاقة الوطنية، وإسماعي جملة اعتدنا سماعها من أناس كثيرون، مرة من باب النصيحة، ومرة من باب الوعيد، " جمع راسك، وديها فقرايتك"، ولم يأخذ مني الكوفية طبعاً، فقد أحكمت قبضتي عليها خوفا من انتزاعها مني، إلا أنني وبعد مرور أيام قلائل، وبعدما رويت لوالدي ما حصل لي في ذلك اليوم، تفاجأت ذات صباح بكوفيتي وقد صارت بيضاء، وغابت عنها الزخرفة السوداء، ففهمت بعدها أن خوف الوالدة جعلها تستعين بجافيل لإنهاء الأمر كله.
هكذا خلدنا ذكرى يوم الأرض في ثمانينات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين لم أعد أجد للأرض يوما ولا عيدا إلا على التلفاز. غير أن في السنولت الأخيرة، بدأنا نجدت أناسا يصرخون، ويحتجون، وينددون أمام الجاعة، والولاية، وفي الشارع العام... ورغم أنهم لم يضعوا الكوفيات فوق أعناقهم، إلا أنهم يرفعون الأعلام الوطنية، ولافتات تتحدث عن الأرض. طبعا لم يكن للأمر علاقة بتخليد أو الاحتفال بيوم الأرض، وإنما دفاعا أن أرض سلبت منهم في غفلة من أمرهم، أو رغم أنوفهم. أناس اختيروا بعناية فائقة ليكونوا مواطنين صالحين، يجودون بأراضيهم في سبيل بناء هذا الوطن. أناس لا تصلح أرض غير أراضيهم في شق الطرق، وتوفير المساحات الخضراء التي فطن المسؤولون أخيرا أنها غير متوفرة في مدينة كانت الغابات تحيط بها من كل جانب، أناس إن استمعت إليهم ستقف عند حجم الاحتقار التي يعيشه المواطن في بلده، وهو يرى أرضه تسلب منه باسم المنفعة العامة، وأخرى في ملكية النافذين من أباطرة العقار والبناء ترتفع قيمتها، وتزداد معها المنافع الخاصة.
بين مطالب تحرير الأراضي المغتصبة - سبتة ومليلية والجزر الجعفرية...-، واغتصاب الأراضي المحررة في ملكية الضعفاء من أبناء هذا الوطن، تاهَ فِيتاغورس، وتاهت معادلته. شعب يُشحن ويُعبأ بفكرة تحرير الأراضي السليبة، فتسلب منه أراضيه باسم تصاميم التهيئة، وهو فوقها يصرخ، ويندد...!
إقرأ أيضا: من ذاكرة مارس (الجزء الأول)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.